إنه الدافع الأول للخدمة، وقد أتضح هذا في حديث السيد المسيح له المجد مع سمعان بطرس عندما سأله ثلاث مرات "يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء؟" قال له "نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك" (يو15:21) فطلب منه الرب أن يرعى خرافه، وهذا أمر طبيعي أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بأي عمل بأمانة وإخلاص ما لم يكن له حب لهذا العمل، وقبل ذلك لصاحب العمل نفسه.
من أجل ذلك كان مقياس الخدمة الناجحة المثمرة هو الحب الذي يدفع الخادم للعمل. ذلك الشعور المجرد من أي أمور عالمية باطلة. أنها طاقة ضخمة تملأ كيان الخادم فتجعله يخدم دون أن ينتظر جزاء أو أجرا من بشر لأنه يعلم أن هذا العمل إنما هو عمل الله وليس عمل إنسان، ولأنه يشعر بذلك الدين الكبير الذي عليه قبل الله، فإن هذا الشعور نفسه يشعل فيه جذوة الحب الكبيرة، ومن هذا المنطلق يسير في العمل دون أن يهدأ، وقد تواجهه التجارب المتنوعة، والأشواك المختلفة، ولكنه يحسب كل هذه الآلام فرحا أكثر ويشعر من خلالها أن الرب يسنده ويعطيه دفعة أكثر في العمل، لأن الحب الذي يغمر قلبه يجعله يتيقن أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا (رو18:8). مثل هذا الخادم يستطيع أن ينتصر على شياطين عبادة الذات، وعبادة الناس، وعبادة ف، وعبادة المادة لأنه يغمره شعور قوي كفيل بأن يحطم هذه الأصنام، ويجعله يتحرر وينطلق في العمل لا هدف له سوى التعبير بأسلوب عملي عن حقيقة هذا الشعور. تصور معي يا أخي الخادم إنسان يحب إنساناً أخر محبة شديدة... ماذا يفعل... لا شك أنه يتفانى في خدمة هذا الإنسان المحبوب. هكذا يكون الحال بالنسبة للخادم الأمين في حبه للرب فهو يرفض أن يكون أجيراً، لأن الأجير لا يبالي بالخراف، أما الراعي الصالح فهو الذي يبذل نفسه عن الخراف. (يو11:10)