ثالثًا: مواقف السلامة والراحة والفرح:
يوجد سلام حقيقي ويوجد سلام كاذب، وتوجد راحة حقيقية وراحة كاذبة، ويوجد فرح حقيقي وفرح كاذب، والفرق بين الحقيقي والكاذب في الحياة المسيحية هو أن الحقيقي يدوم والكاذب لا يدوم بل ينتهي ويزول إلى النهاية.
أولاد مسرات هذا الدهر ينغمسون في الفرح حتى آخر لحظة، ولا يستيقظون منه إلا على طعنة من طعنات العالم تنزعهم من أفراحهم انتزاعًا لتطرحهم في التعاسة واليأس الذي يبدد كل سلامهم الماضي ويأتي على كل آمالهم... وإن هم حاولوا المواجهة والحرب في آخر لحظة، يجدون يدهم عاجزة عن حمل الصليب وعكازهم مكسورًا..!
أما السلام والراحة والفرح الحقيقي، فلا يعرفها إلا أولاد النور والتي توجد وتنمو في كل وقت وفى كل ظرف بل ولا تزدهر وتتجلى إلا فيما يسميه الآخرون بالمصائب والمحن، ففيها يحلو النشيد نشيد الصليب والتأمل فيه ويرتفع رسمه في اليد وفى القلب والفكر عاليًا. ويصير تمجيده كسلاح النجاح ويعتز الصليب جدًا في عين من جاوزوا الموت وقاموا...
{30} إن مجد الصليب قاد كل من فقد البصيرة بسبب الجهالة من الظلمة إلى النور وفك قيود كل من ارتبطوا جدًا بالخطية وفدى كل عالم الإنسان.