رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البحر الكبير: "أجاب دانيال وقال: كنت أرى في رؤياي ليلًا، وإذا بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير" [2]. في الليل، أي في هذا العالم قبل أن يُشرق عليه شمس البرّ، في ظلام الفساد الذي لا نور له، رأى البحر الكبير الذي ندعوه حاليًا البحر الأبيض المتوسط. 1. كانت حدود الأربع ممالك العظيمة هو البحر الأبيض المتوسط، وجاءت عاصمة المملكة الأخيرة "روما" على ساحله، لذا فمن المناسب أن تظهر الحيوانات الأربعة صاعدة منه. 2. يُشير البحر في الكتاب المقدس رمزيًا إلى شعوبٍ وجماهيرٍ وأممٍ وألسنةٍ (رؤ 17: 15؛ لو 21: 25؛ إش 57: 20). 3. يرمز البحر العظيم بأمواجه إلى حالة الاضطراب الدائم أو عدم الاستقرار... هذه سمة اشتركت فيها الممالك الأربع. يرى البعض أن البحر الكبير هنا ليس هو البحر الأبيض المتوسط كما في (يش 9: 1)، وإنما هو الهاوية مسكن إبليس، الذي في كل جيل يبعث بخدامه للعمل لحساب ملكوته، ومقاومة ملكوت الله. والبحر أيضًا يمثل الاضطراب، فإن عدو الخير تقوم مملكته على بث روح الاضطراب والقلق، لذا في السماء الجديدة والأرض الجديدة لا يكون بحر بعد (رؤ 21: 1). يرى اليهود أن التنِّين، رمز إبليس، يسكن في البحر (إش 27: 1). وأن الكنيسة المستيقظة اللآبسة القوة التي تعمل بذراع الرب تجفف البحر وتطعن التنِّين: "استيقظي، استيقظي، ألبسي قوة يا ذراع الرب... ألستِ أنتِ القاطعة رهب، الطاعنة التنِّين؟!" (إش 51: 9، 10). لذا تترنم قائلة: "أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رؤوس التنانين على المياه. أنت رضضت رؤوس لوياثان" (مز 74: 13-14). رياح السماء الأربع: تُشير إلى وكالات الله الخفية العاملة. هذا وتُشير الريح إلى الروح القدس الذي يعمل في الخفاء (يو 3: 8)، إذ "ريح" و"روح" في العبرية كما في اليونانية كلمة واحدة. وكأن ما يراه النبي هنا صادر من السماء بسماحٍ إلهيٍّ، حيث يعمل روح الله لحساب ملكوته السماوي حتى وإن بدت الأحداث مُرّة أو مقاومة لعمل الله. * أظن أن الأربع رياح السماء هي قوات ملائكية عُهدت إليها الرئاسات، وذلك في توافق مع ما جاء في سفر التثنية: "حين قسَّم العليّ للأمم، حين فرق بني آدم نصب تُخومًا لشعوب حسب عدد الملائكة؛ إن قسم الرب هو شعبه؛ يعقوب حَبْلُ نصيبه (ميراثه)" (تث 32: 8LXX ). لكن البحر يعني هذا العالم والزمن الحاضر، وقد غطّته الأمواج المالحة المُرّة، وذلك كتفسير الرب عن الشبكة المُلقاة في البحر (مت 13). هكذا أيضًا يُوصف ملك كل الخلائق القاطنة في المياه كتنِّينٍ، تُضرب رؤوسه في البحر كقول داود (مز 73). ونقرأ في عاموس: "وإن اختفى في قعر البحر فمن هناك آمر التنِّين فيعُضه" (عا 9: 3 LXX)... أما عن الرياح الأربع التي تهب على البحر العظيم، فتُدعى "رياح السماء" لأن كل ملاك يمارس في حدود اختصاصه ما هو ملتزم به . القديس جيروم ولعله يقصد برياح السماء الأربع أن ما سيحدث بخصوص الإمبراطوريات الأربع إنما هو في مهب الريح، لا تحمل الممالك استقرارًا، وليس في يد إنسان أن يُغيِّر الأحداث التي يعلنها الله له. |
|