فقال لها الرجلان... اربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي أنزلتنا منها واجمعي إليك في البيت أباكِ وأمك وإخوتك وسائر بيت أبيك ( يش 2: 17 ،18)
خيوط القرمز تحدثنا عن حياة قُدمت. فاللون الحقيقي من القرمز لا يوجد إلا بالموت إذ أنه يؤخذ من عُصارة نوع معين من الدود. ديدان صغيرة تافهة كان يجب أن تموت ليُنتج هذا القرمز. وكما أن الموت وحده هو الذي أنتج علامة الخلاص لراحاب، هكذا بالنسبة لنا فإن موت المسيح هو أساس خلاصنا. فبدون الموت لا يمكن الحصول على القرمز. لكنه ليس بالموت العادي، بل بموت ما أقساه. من الناحية البشرية كان موتاً مُرعباً كأقسى ما احتمل الشهداء، لكن من جانب الله كان موتاً كفارياً فيه مات البار من أجل الأثمة ودفع البريء الدين كاملاً نيابة عن المُذنبين وبذلك تم لنا الخلاص.
لكننا في هذا الرمز لا نرى فقط حقيقة أن موت بديل يعطي الخلاص، ولكن أيضاً أنه موت دودة بالذات. ألا يعطينا هذا المقابل لموت رب المجد، وهذا ما يجعلنا نخر سجوداً عند قدميه الكريمتين. فشخصه تبارك اسمه هو المتكلم الحقيقي بكلمات مزمور22 «إلهي إلهي لماذا تركتني بعيداً عن خلاصي عن كلام زفيري .... أما أنا فدودة لا إنسان» ( مز 22: 1 -6). وكأنى به، تبارك اسمه، يقول: لقد نزلت إلى دون ما نزل إليه إنسان من قبل «أنا دودة لا إنسان». إنه الأعلى والأعظم ولكنه وضع نفسه إلى أدنى مقام! أقل من أي إنسان، دودة!! وذلك لكي يعطينا علامة الخلاص والأمان حتى أن كل المحتمين فيه هم في أمان تام، وكل من يتكل عليه يكون له كراحاب «ثقة في يوم الدين».
لقد أخذ المسيح المكان الرهيب، مكان دودة لا إنسان. لم يُعَامل كباقي البشر، لقد كان هو البار الوحيد الذي تُرك من الله ( مز 22: 4 -6). فلم يترك الله باراً قبل ذلك قط. لقد ذهب أبرار كثيرون قبله إلى الموت ولكنهم اجتازوا الموت والرب معهم كراعيهم فلم يخافوا شراً. ولكن كان الأمر يختلف عن ذلك عندما اجتاز المسيح الموت، ذاك الذي لم يكن للموت سلطان عليه. لقد كان الظلام الذي خيّم على مشهد الصليب رمزاً لظلام أعمق أطبق على نفس ذاك الذي كان هناك كفارة لخطايانا. إنها الظلمة بسبب خطايانا التي حملها نيابة عنا على الخشبة.