رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نسل العاقر يُخبِرنا الكتاب المقدَّس عن امرأةٍ اسمُها “حنَّة”، واسمُها مُشتَقّ من كلمة عبريَّة تعني “الحَنَّان”، وكان لحنَّة زَوجٌ صالِح يُدعى “ألقانة” وكان يُحبُّها جدّاً إلَّا أنَّها لم تكُن سعيدةً بل كانت كَسيرَة القلب وحزينَة الرُّوح لأنَّها عاقِر ولم تُنجِب، لكنَّها كانت دائماً تترجَّى حَنان الله طالِبةً منهُ أن يَرزُقها بوَلَد. ونَظراً لأهميَّة النَّسل في تلكَ الأيَّام فقد كان الرَّجُل اليهودي يتزوَّج امرأةً أُخرى على زوجتهِ العاقِر لكي يُنجِب منها أطفالاً. وهكذا كان وَضع حنَّة، فكان لها ضرَّة اسمُها “فَنِنَّة” أنجبَت لألقانة العَديد من الأولاد، لكنَّها كانَت تُغيظ حنَّة دَوماً وتُعَيِّرها بأنَّها عاقِر. “فَكَانَتْ ضَرَّتُهَا، حُبّاً فِي إِغَاظَتِهَا، تُعَيِّرُهَا لأَنَّ الرَّبَّ جَعَلَهَا عَاقِراً. وَثَابَرَتْ عَلَى إِثَارَةِ غَيْظِهَا سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ…” (سِفر صَموئيل الأوَّل 5:1) أمَّا ألقانة فكان يُحبّ زَوجتهُ حنَّة من كُل قلبِه ويُحسِن مُعامَلتها أكثر من إحسانهِ لزَوجتهِ الأُخرى. “وَحِينَ يَأْتِي وَقْتُ تَقْدِيمِ الذَّبِيحَةِ كَانَ أَلْقَانَةُ يُعْطِي فَنِنَّةَ امْرَأَتَهُ وَجَمِيعَ أَبْنَائِهَا وَبَنَاتِهَا نَصِيباً وَاحِداً لِكُلٍّ مِنْهُمْ. أَمَّا حَنَّةُ فَكَانَ يُعْطِيهَا نَصِيبَ اثْنَيْنِ لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّهَا…” (سِفر صَموئيل الأوَّل 4:1-5) وكان دائماً يغمُرها بحَنانهِ وجَمالِ كَلامهِ لكي يُعوِّضها عن ما فقدَته، لكن الفَراغ الذي يُخلِّفهُ شُعور الأُمومة لا يستطيع الزَّوج أن يَملأهُ لأنَّ الأُمومة هي غَريزة أساسيَّة زَرَعها الله في كُل أُنثى منذُ وِلادتها. لذلك كانت حنَّة تَصوم وتُصلِّي دونَ كَلَل وتَطلُب من الله أن يَمُنَّ عليها بوَلَد. “فَسَأَلَهَا أَلْقَانَةُ زَوْجُهَا: «يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ وَلِمَاذَا تَمْتَنِعِينَ عَنِ الأَكْلِ؟ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَلَسْتُ أَنَا خَيْراً لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟.” (سِفر صَموئيل الأوَّل 8:1) لم تيأس حنَّة ممَّا هي فيه، فقد أمضَت العَديد من سَنوات حَياتها في الصَّوم والصَّلاة والدُّعاء من أجل هذا الأمر، وفي إحدى المَرَّات حين كانت تقوم بالزِّيارة السَّنويَّة لتَقديم الذَّبائح في شِيلوه مع زَوجها وعائلته، وقفَت أمام هَيكَل الرَّب فبَكَت بحُرقة وصَلَّت بمَرارَة قَلب تَتوق إلى حَلاوَة استِجابَة الصَّلاة، ونذَرَت نَذراً لله بأنَّها إن رُزِقَت بوَلد فستُقدِّمهُ لله ليكون مُكرَّساً لهُ كُل أيَّام حَياته. “…قَامَتْ حَنَّةُ بِنَفْسٍ مُرَّةٍ وَصَلَّتْ إِلَى الرَّبِّ وَبَكَتْ بِحُرْقَةٍ، وَنَذَرَتْ نَذْراً لِلرَّبِّ قَائِلَةً: «يَارَبَّ الْجُنُودِ، إِنْ عَطَفْتَ عَلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَنِي، بَلْ وَهَبْتَ أَمَتَكَ ذُرِّيَّةً، فَإِنَّنِي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ…” (سِفر صَموئيل الأوَّل 9:1-11) الأيدي التي تصلي أضواء النيون واستَجابَ الرَّب لصَلاة حنَّة فحَبِلَت وأنجبَت طِفلاً دَعتهُ “صَموئيل” لأنَّها طَلبتهُ من الرَّب، فابتهجَ قَلبُها وقَرَّت عَينُها به، ثمَّ بعدَ أن أتَمَّ الصَّبِيَّ فِطامهُ أخذتهُ أمُّهُ إلى هَيكَل الرَّب ليَخدم الله هُناك كُل أيَّام حَياته بحسَب النَّذر الذي نَذرَته، فوَقفَت هُناك وصَلَّت صَلاةَ شُكرٍ لله الذي أعطى نَسلاً للعاقِر ورَفعَ البائِسَ من كَومَة الرَّماد. فأكرَمَها الله وافتَقدَها فحَمَلت أيضاً وأنجبَت بعد ذلك ثلاثة أبناء وبنتَين عِوَضاً عن الصَّبيّ الذي وَهَبتهُ للرَّب. “وَعِنْدَمَا افْتَقَدَ الرَّبُّ حَنَّةَ، حَمَلَتْ وَأَنْجَبَتْ ثَلاَثَةَ أَبْنَاءٍ وَبِنْتَيْنِ. أَمَّا صَمُوئِيلُ فَقَدْ تَرَعْرَعَ فِي خِدْمَةِ الرَّبِّ.” (سِفر صَموئيل الأوَّل 21:2) تُعلِّمنا هذه القصَّة الجَميلة والمؤثِّرة بأنَّ الله دائِماً يُخرِج الأمَل من الألَم، ويسمَح بالظُّروف الصَّعبة لكي يَختبر إيماننا، فلَو لَم تذُق حنَّة هذه الكأس المُرَّة لسَنوات من الانتِظار، لما استطاعَت أن تشعُر بحَلاوَة استِجابَة الدُّعاء ولما اختبرَت كيف يكون نَسل العاقِر. قد تَبدو الظُّروف من حَولِك غير مُنصِفة ولا حَلّ لها، لكن لا تيأس من رحمَة الله ومحبَّته ولا تتَّكِل على ذاتِك، فحَنان الله الذي فاضَ على حنَّة وحوَّلَ مَرارَتها إلى بَهجة وفَرح حينَ التَجأت إلَيه، سيُحوِّل الأُمور لخَيرِكَ فقَط إن وَثِقتَ بصَلاحهِ وآمنت من كُل قلبك بأنَّهُ سيَستَجيب. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حنة التقية العاقر |
المسكن العاقر |
العاقر |
العاقر |
العاقر تلد ميخائيل |