رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ كُلُّكُمْ! * كثيرًا ما أشتاق أن أسمع كلمة تعزية من إنسانٍ. لكنني أدركت أنهم جميعًا معزون متعبون. ليس من يقدر أن يدخل أعماقي، ويشاركني مشاعري، ويئن لأناتي، سواك يا محب لكل نفسٍ بشرية! قد ينطقون بشفاههم بكلمات عذبة، لكن هل لهم القلب المتسع ليحمل ضعفاتي؟ وإن نطقوا بكلمات لينة، لكن عيني الإنسان تنتقدان، أما عيناك فتنظران كل ما هو صالح وجميل فيّ! * هب لي ألا أتكئ على تعزيات بشرية، أنت هو اتكالي وعزائي وبهجة قلبي. حتى إن جَرَحتنيْ، فجراحاتك تحمل دواءً لشفائي. مع تأديباتك أتلمس عذوبة حبك الفائقة! * هب لي وسط آلامي ألا انشغل بنظرة الناس ولا بكلماتهم. لكنني أتطلع إليك يا مصدر كل تعزية! * ليستخف بنو البشر بي، فإني أرى في سخريتهم دواءً نافعًا لأعماقي! لأحتمل كل تسخيفٍ، فأنت وحدك تشرق عليّ، فتبدد ظلمتي، يا شمس البرّ. * عجبي إن صَمَتَ الناس، أشعر بتجاهلهم لي. وإن تكلموا يرشقون بكلماتهم قلبي كما بسهامٍ قاتلةٍ! أما أنت ففي صمتك، تحملني لرؤية أمجادك، وفي كلماتك، تلهب قلبي بحبك! علمني كيف أصمت، وكيف أتكلم! ليكن ناموس حبك هو قائد صمتي وكلماتي! * لأحملك في أعماقي، وأقدمك لإخوتي، أقدمك لهم بصلواتي عنهم، وبكلماتي الحاملة عذوبة حبك! أقدم لهم لا سهام النقد الذي يهدم، بل سهام حبك التي وإن جرحت تشفي! * تعزياتك لي هي إعلان حضرتك داخلي! أراك أيها المصلوب، فأستعذب الألم حتى الموت! أراك تحطم بالصليب سلطان إبليس، فأدرك أن مقاومة عدو الخير إنما لنصرتي. ليضرب بكل قوته، فإني مختفٍ فيك. بك أتمتع بإكليل مجدٍ لا يفنى! * عدوي الذي يشهد ضدي يفتح لي باب النصرة عليه! هي حرب لا تتوقف، لكن ماذا يقدر إبليس أن يفعل بك يا مخلصي؟ هل يمكن للظلمة أن تطفئ النور؟ هل يمكن لضد المسيح أن يغتصب ملكوتك؟ يا له من عدو تافه؟ هو مخادع وخبيث، لكنك أنت هو الحق الذي لا يُقاوم! * في وسط ضيقي افتح عيني، فأراك وإن سمحت بالتأديب فأنت أب. وإن اشتدت الضيقة للغاية عيناك تترفقان بي! ليس لإبليس أي سلطان عليّ! قد يشّوه صورتي، ويضيِّق عليّ! لكن أنت سرّ بهائي الأبدي، وراحتي السماوية! * عدو الخير يود أن يلطمني على خدي، كي لا أنطق بكلمة شهادة لك. لكن كلمتك في فمي نار ملتهبة. لن يقدر العدو أن يطفئ لهيبها، ولا يستطيع أن يكتمها! * حقًا إن عدو الخير كماردٍ خطيرٍ، لن ييأس عن محاربة الكنيسة ككل، وكل عضوٍ فيها. بدأ حربه مع الإنسان الأول في الجنة، ويبقى يحارب في كل الأجيال بطرقٍ متنوعةٍ، لن يتوقف حتى منتهى الدهور. يعمل بكل قوةٍ خلال ضد المسيح! يعمل بكل خداعٍ ومكرٍ، منتهزًا كل فرصة لتحطيمنا! يحَّول حياتنا إلى جحيم، حتى نفقد الرجاء في خلاصنا! تظلّم عيوننا باليأس، ونحسب أن الموت قد سبانا إلى الأبد! لكن موتك وهبنا القيامة، وصعودك فتح أبواب السماء أمامنا! لن يقدر إبليس بعد أن يحبسنا في الهاوية حيث الظلمة الأبدية! لن نخشاه بعد، لأنك أنت أيها الفادي هو نصرتنا! أنت قيامتنا وإكليلنا! * ليضرب العدو بكل قوته، فإن الأرض نفسها تصرخ. لن تقبل الأرض أن تشرب دمًا بريئًا، بل تصرخ إليك. لم تستطع الأرض أن تحبسك في القبر، لأنك السماوي. لأتحد بك، فلا أعود إلى تراب الأرض، بل بك أصير سماويًا، وأتمتع بشركة الأمجاد السماوية. * وسط آلامي أراك شاهدًا لي في السماء! تشهد بموتك وقيامتك وصعودك لي، فإني إذ أشاركك آلامك، أتمتع بشركة أمجادك! * وسط آلامي تنهمر دموعي، لا أمام الناس، بل أمامك. فالبشر معزون متعبون، أما أنت فتعتز بدموعي! * وسط آلامي أترقب عبوري إليك. سنواتي قليلة، ونهاية حياتي الأرضية قادمة. إني ذاهب في طريق الأرض كلها! لكن ليس وحدي، لأنك معي! وإليك أذهب لأستقر أبديًا! |
|