بَابٌ مَفْتُوحٌ في السَّمَاء
الخميس من الأسبوع الثاني بعد عيد الصليب
بَعْدَ ذلِكَ رَأَيتُ فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ في السَّمَاء، وإِذَا الصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَصَوتِ بُوقٍ يُكَلِّمُنِي قَائِلاً: “إِصْعَدْ إِلى هُنَا فَأَكْشِفَ لَكَ مَا لا بُدَّ مِن حُدُوثِهِ بَعْدَ ذلِكَ”. وَلِلْحَالِ انْتَقَلْتُ بِالرُّوح، وإِذا عَرْشٌ مَنْصُوبٌ في السَّمَاء، وعلى العَرْشِ جَالِس، والـجَالِسُ مَنْظَرُهُ أَشْبَهُ بِحَجَرِ اليَشْبِ واليَاقوُتِ الأَحْمَر، وحَوْلَ العَرْشِ قَوْسُ قُزَح، مَنْظَرُهُ أَشْبَهُ بِالزُّمُرُّد، وَحَولَ العَرْشِ أَرْبَعَةٌ وعِشْرُونَ عَرْشًا، وعَلى العُرُوشِ أَربَعَةٌ وعِشْرُون شَيْخًا جَالِسِين، لابِسِين أَثْوَابًا بَيْضَاء، وَعَلى رُؤُوسِهِم أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَب، ومِنَ العَرْشِ تَخْرُجُ بُرُوقٌ وأَصْواتٌ وَرُعُود، وأَمَامَ العَرشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحَ مِنْ نَارٍ مُتَّقِدَة، هيَ أَرْوَاحُ اللهِ السَّبْعَة، وأَمَامَ العَرْشِ مِثْلُ بَحْرٍ مِنْ زُجَاجٍ أَشْبَهَ بِالبِلَّوْر، وفي وَسَطِ العَرْش، وحَوْلَ العَرْش، أَرْبَعَةُ أَحْيَاءٍ مُمْتَلِئِينَ عُيُونًا مِنَ الأَمَامِ ومِنَ الوَرَاء. فَالـحَيُّ الأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالأَسَد، والـحَيُّ الثَّاني أَشْبَهُ بالعِجْل، والـحَيُّ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنْسَان، والـحَيُّ الرَّابِعُ أَشْبَهُ بِالنَّسْرِ الطَّائِر. وَلِكُلِّ واحِدٍ مِنَ الأَحْيَاءِ الأَرْبَعَةِ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ مَلأَى عُيُونًا مِن حَوْلِها ومِنْ دَاخِلِها، وهُم لا يَبْرَحُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً يَقُولُون: “قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ الرَّبُّ الإِلـهُ الضَّابِطُ الكُلّ، الَّذي كانَ والكَائِنُ والآتي!”. وعِنْدَما يُعطِي الأَحْيَاءُ مَجْدًا وَكَرَامَةً وَشُكرًا لِلْجَالِسِ عَلى العَرْشِ الـحَيِّ إِلى أَبَدِ الآبِدِين، يَسْقُطُ الأَرْبَعَةُ والعِشْرُونَ شَيْخًا أَمامَ الـجَالِسِ عَلى العَرْش، ويَسْجُدُونَ لِلحَيِّ إلى أَبدِ الآبِدِين، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُم أَمَامَ العَرْشِ قَائِلين: “إِنَّكَ مُسْتَحِقّ، يا رَبَّنا وإِلـهَنا، أَن تَأْخُذَ الـمَجْدَ والكَرَامَةَ والقُوَّة، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا، وَبِمَشِئَتِكَ كَانَتْ وخُلِقَتْ”.
قراءات النّهار: رؤيا يوحنا 4: 1-11 / متّى 12: 33-37
التأمّل:
“فَالـحَيُّ الأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالأَسَد، والـحَيُّ الثَّاني أَشْبَهُ بالعِجْل، والـحَيُّ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنْسَان، والـحَيُّ الرَّابِعُ أَشْبَهُ بِالنَّسْرِ الطَّائِر”!
نجد في سفر الرؤيا الكثير من الرّموز التي سعت الكنيسة إلى فهمها عبر العصور ومنها هذه الحيوانات التي، حسب القدّيس إيرونيموس، يرمز الأسد فيها إلى قيامة الربّ يسوع، والنسر إلى صعوده إلى السماء، والإنسان إلى تجسُّده، والثور إلى آلامه.
أمّا وفق القدّيسين إيرونيموس وأغوسطينوس فهي ترمز إلى الإنجيليِّين الأربعة بحيث يرمز الثور إلى إنجيل القدّيس لوقا الذي يبدأ إنجيله في الهيكل حيث تُقدَّم ذبائح الثيران، والأسد إلى القدّيس مرقس الذي يبدأ إنجيله في الصحراء، والإنسان إلى متّى الذي يبدأ إنجيله بنسب يسوع، والنسر إلى يوحنا في إنجيله ورؤياه.