الكنيسة الأولى عاشت بالعهد القديم
لقد تقدست الكنيسة الأولى من قراءة ودرس العهد القديم فقط لمدة طويلة، إذ لم يكن العهد الجديد قد دُوّن بعد.. وكانت القراءة المُستخدمة في الاجتماعات الليتورجية كلها فصول من العهد القديم.. إلى حين بداية كتابة أسفار العهد الجديد.
إن العهد القديم الذي درسه مُعلّمنا بولس الرسول بشغف، واعتنقه من صميم قلبه، وبكل حماس الفريسي.. هو الذي قاده في النهاية أن يكتشف سر المسيح.
ولذلك انطلق هذا القديس العظيم يكرز بالمسيح في كل مكان، مُستخدمًا في تعليمه نصوصًا من العهد القديم، سواء وهو يتكلّم مع اليهود أو الأمم، فلم تكن أسفار العهد الجديد قد دُونت في ذلك الحين.
مجامع اليهود منابر للكرازة:
وكانت أولى محطات الآباء الرسل في كرازتهم وانتشارهم، أن يدخلوا مجمع اليهود في أي مكان يصلون إليه في العالم، ويبدأون حوارهم من الأسفار المقدسة من العهد القديم مع اليهود:
& فمثلاً قيل عن شاول الطرسوسي الذي هو بولس الرسول: "وللوقت جعل يَكرِزُ في المجامع بالمسيح "أن هذا هو ابن الله". فبُهتَ جميع الذين كانوا يَسمعون وقالوا: "أليس هذا هو الذي أهلَكَ في أورشليم الذين يَدعُونَ بهذا الاسم؟ وقد جاء إلى هنا لهذا ليَسُوقَهم مُوثـقين إلى رؤساء الكهنة!". (أع9: 20-21).
& وأيضًا قيل عن بولس وبرنابا: "ولما صارا في سلاميس نَادَيَا بكلمة الله في مجامع اليهود. وكان معهما يوحنا خادمًا" (أع13: 5).
& ويظهر أيضًا بأكثر وضوح استخدامهم للناموس والأنبياء في شرح الإيمان المسيحي من دخولهم المجمع في مدينة أنطاكية بيسيدية: "وأما هم فجازوا من بَرْجة وأتوا إلى أنطاكية بيسيدية، ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. وبعد قراءة الناموس والأنبياء، أرسل إليهم رؤساء المجمع قائلين: "أيها الرجال الإخوة، إن كانت عندكم كلمة وعظٍ للشعب فقولوا". فقام بولس وأشار بيده وقال.." (أع13: 14-16)، وعندما تقرأ هذه العظة التي ألقاها مُعلّمنا بولس الرسول في (أع13: 16-41) تجدها مليئة بالاستشهادات بآيات وقصص العهد القديم.
& وتتكرر نفس القصة في إيقونية: "وحدث في إيقونية أنهما دخلا معًا إلى مجمع اليهود وتكلَّما، حتى آمَنَ جمهور كثير من اليهود واليونانيين" (أع14: 1).
& وكذلك في تسالونيكي يُقال أن بولس الرسول دخل إلى المجمع حسب عادته، واستمر في ذلك لمدة ثلاثة سبوت: "فاجتازا في أمفيبوليس وأبولونية، وأتيا إلى تسالونيكي، حيث كان مجمع اليهود. فدخل بولس إليهم حسب عادته، وكان يُحَاجُّهم ثلاثة سبوتٍ من الكتب، مُوضِّحًا ومُبينًا أنه كان ينبغي أن المسيح يتألَّم ويقوم من الأموات، وأنَّ: هذا هو المسيح يسوع الذي أنا أُنادي لكم به" (أع17: 1-3).