رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أينما توجهت لا ترى عينك إلا ينابيع الدماء، وأشلاء الجثث، والمنازل مهدمة والمدن محطمة!] وإذ جاء الشتاء التالي كان الجو أفضل، أو ربما يكون القديس يوحنا قد تعود على الجو الجديد والظروف القاسية التي يعيشها، إذ يقول في خريف عام 407م: [لم يغلبني سوء أحوال الجو، ولا قفر الإقليم، ولا ندرة المئونة، ولا عدم وجود مرافقين، ولا عدم مهارة الأطباء، ولا الحرمان من الحمام، ولا الحبس في حجرة واحدة كما في سجن، ولا عدم إمكانية الحركة التي اعتدت عليها على الدوام بسبب الحاجة، ولا استخدم النار وخروج الدخان ولا الخوف من اللصوص ولا حالة الحصار المستمر، ولا شيء من مثل ذلك، بل على العكس إني في صحة أفضل مما كنت عليه في أي موضع(50).] [إنني في صحة جيدة وطمأنينة كاملة، حتى اندهش الأرمن كيف يمكن لإنسانٍ ضعيف مثلي يشبه نسيج العنكبوت أن يحتمل البرد القارس، ويعيش بسهولة، مع أن الذين اعتادوا على العيش هنا يحتملون قسوة الشتاء بصعوبةٍ.] أخيرًا، نختم حديثنًا عن هذه الفترة بأنها فترة آلام عاشها القديس لكي يكتب لنا في رسائله ومقالاته "خبرة حية" لحياة الألم، وتلامس حقيقي مع "عناية الله" وسط الضيق... فسجل لنا: 1. كثيرًا من الرسائل التي تحمل طابع مقالات عن الألم وعناية الله بنا وسط الآلام. 2. مقالة عن "لا يستطيع أحد أن يؤذي إنسانًا إن لم يوذِ الإنسان نفسه". 3. مقالة عن "عناية الله". في هذه المقالات نلمس تحولًا جديدًا في حياة القديس، إذ صار يكتب بإسهاب عن "حبيبه أيوب"، حتى أن بعض كتاباته إذ يذكر اسمه ينسى الموضوع ويكتب عن أيوب في استطالة، ليعود فيعتذر أنه لا يستطيع أن يخلع نفسه عن "حبيبه أيوب"! إن كان لم ينسَ صداقته مع القديس بولس، إذ شرب منه روح الكرازة والحب، فإنه داخل في صداقة قوية مع رجل الآلام أيوب خلال ممارسته للألم! |
|