رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَجابَ واحداً مِنهُم: يا صَديقي، ما ظَلَمتُكَ، أَلم تَتَّفِقْ مَعي على دينار؟ تشير عبارة " أَجابَ واحداً مِنهُم " إلى جواب رَبّ الكَرْمِ إلى أحدهم العُمَّال كممثل عن الباقين مُبيِّنًا له أنَّه لم يظلم أحدًا منهم، فلا حق لغيره إن يتذمر عليه؛ فماله له، وله أن يتصرف به كماء يشاء، ويُعلق القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: "يرينا أنّ النَّاس يعطون ذواتهم لله في أعمار مختلفة جدًّا، ويرينا هذا المثل أيضًا أنّ الله يريد أن يمنع بأيّ ثمن أن يحتقر المدعوّون الأوّلون مَن تأخّر في تلبية النداء"(العظة 64). أمَّا عبارة " يا صَديقي " فتشير إلى استعمال الكتاب المقدس في أغلب الأحيان لدى مخاطبة الأعلى الأدنى. وكأن الله يتحدّث مع العَامل كصديق مع صديقه. أمَّا عبارة " ما ظَلَمتُكَ" فتشير إلى احترام قانون العَمَل وتنفيذ الاتفاقية وعدم سلب العامل أجْرَته المتفق عليه، وهكذا يعامل الله كلَّ إنسان بالعَدْل. ما أُعطي للآخرين لم ينتزع شيئاً من الأوَّلين، ومجهود الجميع تمَّت مكافأته. مع الأسف، ينتمي الظلم إلى أرباب العمل الـمُتجبِّرين والفاسدين وليس للفكر الإلهي. ولا ينبغي أن نُطبق فكرنا البشري على أرباب العمل ونلصقها بالرّبّ العظيم فهو إلهنا ونحن خلائقه. أمَّا عبارة " أَلم تَتَّفِقْ مَعي على دينار؟" فتشير إلى احترام رَبّ البيت اتفاقية الأُجرَة، ممَّا ينزع كل سلاح من يد العُمَّال. إنه يعطي "دينار الخلاص" لمن يشاء من المُتقدِّمين والمُتأخِّرين للعمل دونما اعتبار لساعة قدومهم، وانتقاص لقيمة أجرهم. فهو عادل مع المُتقدمين، وسخي مع المتأخرين، ولم يحرم أحداً مكافأة تعبه. فصاحب العَمَل تصرف تصرفًا كريمًا مع عمال السَّاعةِ الأخيرة، وتصرف بحرية، وغايته أن يُظهر صلاح الله. منح الله الجميع الخلاص، ولكل إنسان مكانه في الملكوت. غير أنَّه لا يرضى بأن يحسُد النَّاس بعضُهم بعضاً بسبب كَرْمِه وصلاح ورحمته. |
|