رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم مقال الانبا باخوميوس ٢٢ أكتوبر ٢٠١٥ يحدثنا الوحي الالهي في الاصحاح الثاني من سفر النشيد هكذا: “خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة للكروم لان كرومنا قد اقعلت ” ( نش 2 : 15 ). و الكرمة في الكتاب المقدس لها عدة معاني فقد يقصد بها شخص الرب يسوع الذي قال عن نفسه انا الكرمة الحقيقية ، و قد يقصد بها الكنيسة التي قال عنها الكتاب ( في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهاة ) ، و قد يقصد بها حياة كل مؤمن منا فالكرمة تشبهنا في أمور كثيرة، فالكرمة نبات ضعيف لا تستطيع ان تنتصب بذاتها بل تحتاج أن تستند على دعامات ولكن ثمرها جميل ولذيذ ومحبوب ومكرم.. هكذا حياتنا أمام الرب فنحن ضعفاء في انفسنا ولكننا نسلك مستندين على الرب وهو الذي يمنح حياتنا الثمر المبارك النافع لكل الكنيسة. و الآية تتحدث عن “اقعال الكروم” وهي كلمة تعني بداية الاثمار، وتشير “الثعالب” إلى عدو الخير فالشيطان عندما يرى أن حياتك الروحية قد بدأت تثمر ثمر بسيط لا يتركك، والثعالب صغار لأن عدو الخير يبدأ حروبه معك بمحاولة ايقاعك في خطايا وضعفات صغيرة، فهو لا يحاربك ابدا بالخطايا الواضحة والصريحة ، بل يدخل حياتك من مداخل صغيرة جدا كعدم التدقيق، أو الحرص في استخدام الحواس كعدم الطاعة، أو الاستجابة للوصايا كالتهاون في القانون الروحي وقراءة كلمة الله.. ومن هنا تدخل الخطية لحياتك. والثعلب الصغير قد يبدو صغيرا لكنه يعبث بكل شيء، يدخل بحيلة فقد يدفعك للدفاع عن الحق فيدخلك في الإدانة والوقوع في النميمة ثم الغضب ثم الكراهية ثم … الخ حتي قد تصل إلى القتل ! لذلك لتعلم أيها الحبيب أن بداية الطريق مع الثعالب الصغيرة هو التهاون في حراسة الحواس التي تؤدي إلى عدم نقاوة الافكار التي تدفعك بدورها إلى الشهوة التي اذا كملت تجعلك تقع في الخطية.. خطة طويلة تبدأ بثعلب صغير .. لذلك من البداية كن حريصا واحرس حواسك فهي مداخل الخطية لحياتك.. والذي يترك حواسه بلا ضابط يقع في خطايا كثيرة ومن يحرص على نقاوة حواسه تتنقي حياته فضبط الحواس يعطي الانسان القدرة على حراسة الحياة.. كن إذا حريصا في نظرك ونقيا في سمعك ولمسك وشمك وتذوقك فهذه هي مداخل الخطية لحياتك.. ومن الحواس تنتقل الثعالب إلى الفكر وتسبب عدم نقاوة الفكر، فيتحول الخلاف البسيط في فكرك إلى كراهية ولذلك احرص على نقاوة فكرك بالصلاة الدائمة واشكو نفسك لله في الصلاة واطلب نقاوة لهذا الفكر، واحرص أيضا أن تصاحب الحكماء والفضلاء لأنك في معيتهم تستطيع أن تسمو بفكرك، واحرص أيضا أن تستخدم عقلك المتزن في التحرر من الفكر الخاطيء فالعقل دائما يخدم الارادة و يقويها. فاحرص إذا على نقاوة فكرك فضبط الفكر فضيلة يتمتع بها الانسان النقي. اخيراً لتكن عالماً أنه إن لم تستطيع أن تحافظ على نقاوة فكرك فإنه سيقودك للوقوع في شهوات متعددة كشهوة المعرفة الشريرة وشهوة الانتقام وشهوة الانتصار على الآخرين وشهوة الجسد وشهوة الطعام وشهوة التجريح في الآخرين .. الخ . والانسان الروحي لا يترك نفسه للشهوات.. فالشهوة تحتاج لإنسان حازم جدا مع نفسه يعرف كيف يقمع جسده و يستعبده، والصوم من أقوى التداريب الروحية التي تساعد الإنسان على قمع الجسد، كذلك الميطانيات أيضا تساعد الانسان ألا يسلم نفسه للشهوات.. كذلك الشهوات أيضا تحتاج أن تهرب منها، فمن يتعلم أن يهرب من الشهوة لا يمكن أن يقع في الخطية لأن الشهوة تنتج موتاً ( وهكذا فعل يوسف الصديق ). لذلك كانسان روحي كن حريصاً ألا تقع في الخطية، ولكن إن وقعت في الخطية فلا تيأس ولا تسلم نفسك لعدو الخير بل كن واثقا أن باب التوبة مفتوح دائما طالما نحن في الجسد فاغتنم الفرصة قبل أن تنتهي.. لذلك لتكن حريصا دائما من الثعالب الصغيرة .. فاحرس حواسك بعناية.. وإن غفلت فاجتهد أن تحتفظ بفكرك نقيا، فإن ضعفت فتجنب الشهوة لأنها تقودك للخطية، وإن وقعت لا تبقى في خطيتك طويلا بل ارجع بالتوبة.. وكن حريصا ألا يدخل لحياتك ثعالب صغيرة مرة أخرى، فالبداية الصغيرة قد تكون منحدرا خطيرا تفقد بسببه الطريق للسماء. |
|