بعدما خطئ الإنسان، أي بعدما انفكّ رباط علاقته بالله، ارتدّ إلى شبهالعدم!. ما عَدِم الوجود!. استمرّ موجودًا، ولكنْ، صار وجودُه عدميًّا!. الوجود العدميّ مستجِدّ في تاريخ البشريّة!. لا هو وجودٌ في الملء، ولا هو عدمٌ بالكلّيّة؛ أي لا وجود!. هذا كان من تدبير ربّك، لا من حتميّة طبيعة الإنسان كمخلوق!. لو كان من الحتميّة لزال!. وهذه حكمة العليّ!. قصْد ربّك الإتيان بالإنسان إلى ما هو أفضل!. والتّدبير هو إلقاء الإنسان في وجود يذوق فيه، بمعنًى، طعم العدم حتّى لا ينسى أصله وأنّه كائن في إلهه وحده!. إلى هذا النّوع من الوجود التّناقضيّ الانتفائيّ – الوجود واللاّوجود معًا – ينتمي الألم والموت المتأتّيان من خطيئة الإنسان!. وطالما في الأمر تدبير إلهيّ؛ فنعمة الله تعمل على نحو ما!. وحيث تعمل نعمة ربّك تتحقّق مقاصده، لا محالة، لأنّ كلمته لا تعود إليه فارغة!.
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسيّ، دوما – لبنان