قال السيد المسيح: " لَيْسَ أَحَدٌ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق وَإِلَّا فَالْمِلْءُ الْجَدِيدُ يَأْخُذُ مِنَ الْعَتِيقِ فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ" (مر 2: 21) قصد السيد المسيح من هذا التشبيه أن يوضح أنه من المستحيل الجمع بين الأفكار الفريسية البالية مع التعاليم الجديدة، فالفريسي الذي يظن أنه يستطيع أن يحتفظ بما لديه من مفاهيم وأعمال الناموس ويضيف إليها تعاليم المسيح، فأنه لن ينجح على الإطلاق في هذا المزج. قارن بولس الرسول بين عهد الله القديم للآباء بامتلاك الأرض وعهده الجديد الذي صنعه بدم صليبه قائلًا: " لأَنَّ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ" (عب 8: 10).. " لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ" (2 كو 3: 3). أما عن العهد القديم بامتلاك الأرض فقال عنه أنه شاخ: " فَإِذْ قَالَ جَدِيدًا عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الاضْمِحْلاَلِ" (عب 8: 13) أن ما عُتِق وشاخ القريب من الاضمحلال هو هذا العتيق، أما العهد الجديد فقال عنه السيد المسيح: " وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلًا هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ" (لو 22: 20).. فالخلاص الذي صنعه السيد المسيح بدمه ليس من قبيل وضع رقعة جديدة على ثوب عتيق، بل هو ثوب كامل جديد من البر، أشار إليه إشعياء النبي في قوله: " فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ" (إش 61: 10).. " لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً خَطِيَّةً لأَجْلِنَا لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ الله فِيهِ" (2 كو 5: 21).