رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يا رب ارحمني أنا الخاطئ عندما دخلت ُ الى محطة الوقود القريبة من بيتنا كي أتزود بالوقود لسيارتي لم أكن قد سمعت ُ بالحادث المؤسف الذي حدث لصاحبها . في الواقع اني لم أكن معتادا ً على ارتياد هذه المحطة لعلمي السابق بكراهية صاحبها لي . ولولا انشغالي الشديد في هذا اليوم وحاجة سيارتي الشديدة للوقود لما دخلت ُ هذه المحطة ، فصاحبها شخص ٌ متعصب لايمانه ولا يحب من هو مثلي . وفي كل مرة ٍ كنت آتي اليه كان يسمعني كلمات حادة حول الكتاب المقدس والمسيح والايمان المسيحي . فدائما ً كنت لا أسلم من لسانه ِ السليط وسخريته ِ اللاذعة . ولكن اليوم كانت سيارتي تحتاج الى الوقود بشدة ولا مجال لأن أقودها لابعد من ذلك . فدخلت الى المحطة وأنا أصلي الى الله ليعطيني روح الصبر والتسامح في تحمل دعاباته السخيفة وكلماته الجارحة . وعندما دخلت وجدت ُ ابنته ُ الشابة تزود السيارات بالوقود على غير العادة ، وعندما نظرت ُ اليها وجدتها حزينة ، فنزلت بسرعة من سيارتي واتجهت اليها قائلا ً : - ماذا حدث يا بنيتي ؟ اين والدك ؟ - أجابت بصوت ٍ حزين مهزوز : ألم تعلم بالحادث الذي حصل لوالدي يا سيدي القس ؟ - كلا ماذا حدث ؟ - لقد وقع بالامس والدي في مرجل القار المغلي واخرجناه الى المستشفى في حالة ٍ يُرثى لها وهو بين الحياة والموت ، وكل عائلتي لديه الآن . ثم صرخت باكية : والدي يموت يا سيدي القس . نظرت ُ اليها في شفقة وربت ُ على كتفها قائلا ً : هوني عليك ِ يا بنيتي ، إن رحمة الله واسعة . زوديني بالوقود سريعا ً واعطيني عنوان المستشفى حتى أذهب اليه . فقالت لي : لا داعي يا سيدي ، سيظن انك تشمت ُ فيه وسيمطرك بالكثير من السباب . اجبتها والهلع قد أخذ مني الكثير : بسرعة يا بنيتي كي لا أتأخر . وخرجت ُ من محطة الوقود وانا مليء ٌ بالمشاعر . كانت آخر مرة ٍ تعاملت ُ فيها مع ذلك الرجل السليط اللسان من خلال ابنتي الصغيرة في الاسبوع الماضي . كان الطقس شتاء ً والبرد ُ قارصا والثلج ُ قد ملأ المكان ولم يكن بالبيت أي وقود للاستدفاء في تلك الليلة . فالبست ابنتي الصغيرة الكثير من الثياب واعطيتها قنينة كاز وارسلتها اليه كي يمدني بالكاز الذي يدفئ ليلتي الباردة . وعندما ذهبت اليه امطرها بوابل من الشتائم ورفض ان يعطيها الكاز رغم ان معها ثمنه ُ وطردها قائلا ً : دعي والدك الكافر يجعلك تستدفئين بصلاته . وعندما ولت راجعة تابع صراخه ُ فيها قائلا ً : أو ربما يميته الله في هذه الليلة فيستدفئ هو في نار جهنم . لم اعرف السر وراء غلاظة قلبه وسلاطة لسانه ، لم أفهم . كان الرجل صعب المراس جدا ً ولسانه سببا له في مشاجرات ٍ كثيرة ، ولولا موقعه المتميز لفقد الكثير من زبائنه . والآن ها هو قد وقع في الزيت المغلي . لم أفهم كيف رغم ان البنت شرحت لي لكني لم أستطع أن أتخيل الموقف . عرفت انه فقد جلده ُ كله ُ ويعيش ألم ٍ مبرح ٍ منذ الأمس وفرصته ُ في الحياة ِ شبه معدومة . قال القس متابعا ً حديثه ُ : وصلت ُ الى المستشفى وبسرعة اتجهت ُ الى قسم الحروق . كان الجو متوترا ً جدا ً والعائلة كلها كانت متجمعة . بسرعة دخلت اليه وما أن رآني من بعيد حتى صرخ : أخرج من هنا هل جئت كي تتأكد من موتي يا عميل الشيطان . ابتعد من أمامي فأنا لا أطيق أن\أنظر اليك . كان صوته ُ عاليا ً ، فخرجت ُ مسرعا ً حتى لا تكون هناك فضيحة داخل المستشفى ولكني ذهبت ُ الى الطبيب وسألته ُ عنه فقال لي : لقد فقد الكثير من جسده ِ وحياته ُ شبه منتهية ولكنه الآن يحتاج الى كثيرا ً من الدم خلال فترة ٍ قصيرة . فقلت له : أستطيع أنا أن أعطيه من دمي . أجابني الطبيب وبصوته ِ خيبة أمل كبيرة : نحن نقوم ببذل مجهود ٍ بلا أمل وهو كلما يعيش أكثر يتألم أكثر ، فلو تركناه .... قاطعته بسرعة وقلت له : تكون قد ارتكبت جريمة في حقه ِ يا دكتور ، المحاولة هي أهم شيء ٍ وليفعل الله ما يراه مناسبا ً له . قال الطبيب : لست أدري ما الفائدة من اطالة عمره تلك الساعات القلائل ، هو سيعيشها في ألم . لولا المسؤولية لكنت وفرت له هذا العناء الشديد رحمة ً به . أجبته : أنت لا تنقص او تزيد من عمر اي انسان يا دكتور ، هو الرب ، ومن يدري فقد يحتاج المرء الى دقائق قليلة تغير مصيره ُ كله يا سيدي الطبيب ، وليس من حق أي انسان أن يُنقص ثانية ً واحدة من عمر انسان آخر . في شريعة السماء هذا اسمه قتل . هل ستأخذ مني الدماء ؟ نظر الي ساخرا ً وقال : يبدو انك تحبه كثيرا ً هل هو قريبك ؟ اجبته لا بل من يهمني أمره وأنا اريد أن أتبرع له بدمي . ساعات تمر وأنا جالس امامه في المستشفى . لقد سحبوا مني الكثير من الدم ، وهو الآن في غيبوبة ، الله وحده يعرف متى يستفيق منها . وفجأة فاجئتني صرخة ٌ هائلة ، ألم ٌ فظيع ٌ يشعر به ذلك الرجل ، كان الله في عونه . اتجه بنظرهِ الي ولكنه لم يصرخ بل قال : أنت لا زلت هنا ؟ كيف حالك ايها البطل ؟ أنت اعطيتني دما ً أليس كذلك ؟ اجبته : نعم دمعت عيناه تأثرا ً وقال : لماذا ؟ لماذا لم تتركني أموت ؟ وتحولت الدموع الى بكاء . تقدمت جهته وقلت : كيف اتركك تموت الآن وأنت شخص ٌ عزيز ٌ جدا ً علي ّ وأيضا ً عزيز ٌ في عيني الرب ، هل تعلم أين أنت ذاهب اذا انتقلت الآن ؟ الى الجحيم قال صارخا ً فقلت له : هل رأيت عذاب الحرق ؟ هل تستطيع أن تحتمل هناك والى الأبد ؟ لم يتكلم بل اغرورقت عيناه بالدموع ثم راح يهذي قائلا ً : - هو الثمن ، ثمن الخطايا والأعمال الشريرة الذي يدفعه ُ كل انسان ، كلنا سنذهب الى هناك أنت وأنا . - ولماذا تكلف نفسك عناء دفع ثمن خطاياك وهناك من دفعها عنك يا رجل ؟ يسوع انت تعرفه ؟ - ومن لا يعرفه نبي ٌ عظيم ٌ عاش وعمل الكثير من المعجزات وأراد اليهود قتله ُ . أجبته : أنت لا تعرفه اذا ً أجاب : أعرف الله وحاولت ارضائه بكل قوتي . فقلت له : وهل أرضيته ؟ اجابني : اعرف أنني حاولت أن أرضيه ولكني لا اثق في هذا الآن ، بداخلي شيء ٌ غير راض ٍ عنه . أعرف أن أعمالي لن تدخلني السماء ولا أعمال أي شخص . - كلنا عبيد ٌ بطالون . كلنا حاولنا وفشلنا في هذا يا رجل . - صرخ قائلا ً : قلت لك كلنا لنا مصير ٌ واحد . - أتذكر الصليب ؟ - نظر الي ولم يجب . فاكملت ُ : افتح قلبك يا رجل . صلي الى الله واطلب غفرانه ُ ، سلّم له حياتك . لقد بقي القليل ، اطلب منه أن يستلم ذلك الجسد المحروق وتلك النفس المريضة ، هو يريدك كما أنت . أجابني : لم أفعل في حياتي حسنا ً . - ولا أنا فعلت ُ شيئا ً حسنا ً في حياتي ، ولكني صرخت ُ لله يوما ً وقلت ُ له ارحمني يا رب أنا خاطئ . - سكت الرجل قليلا ً واغمض عينيه ، ظننت انه راح في غيبوبة ، فرفعت ُ صلاة ً الى الهي ان لا تكون هذه هي غيبوبة الموت ، لكنه فتح عينيه وقال : - يا رب ارحمني أنا الخاطئ . اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك . - ابتسمت وقلت : لا تخف الموت يا صديقي . وبقيت أنا وهو قرابة الساعتين نصلي ، وقد علمته بعض الترانيم القصيرة التي راح يترنم بها بصوته ِ المنهك ، فقال باسما ً - هل هذه هي التي سأرنمها في السماء ؟ - أجبته ُ : بل وأحلى شُفيتْ أوجاع الرجل تماما ً ، انه الآن في السماء مع يسوع . أذكر انني عندما خرجت ُ من عنده وقابلني الطبيب ، قلت له : لقد أنتهى الأمر . - أرأيت ان دماك لم تفده ُ بأي شيء ؟ لقد عاش ساعات ٍ قليلة فقط - اجبته : هي أهم ساعات عمره . وخرجت من المستشفى وركبت سيارتي ، كنت ُ مشغولا ً جدا ً اليوم لكني أجلت كل شيء في سبيل ذلك الرجل الذي استقبلته السماء بالفرح . ادرت ُ سيارتي راجعا ً الى البيت ، فلم يضع اليوم هباء ً . * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اللهم ارحمنى انا الخاطئ |
اللهمّ ارحمني أنا الخاطئ |
ارحمني انا الخاطئ |
ياالله ارحمني انا الخاطئ |
ارحمني انا الخاطئ |