إبراز دخول السيد المسيح راكبًا على جحش، يعلن أن موكب السيد هو موكب أصحاب العيون المفتوحة، فقد أعتاد الرومان أن يلتفوا حول القادة أصحاب السلطان الذين لهم المركبات الحربية العنيفة، بينما ترقب كثير من اليهود في القائد الجديد أن يأتي بموكبه من السماء، وكما قال الحاخام يوشيا بن لاوي (حوالي سنة 250 م.) إن كان إسرائيل مستحقًا فيأتي المسيا راكبًا سحاب السماء أم كان غير مستحق فيأتي في تواضع راكبًا أتانًا(256). أما الإنجيلي مرقس فيقدم لنا على خلاف النظريتين السابقتين، يقدم لنا المسيا راكبًا على جحش حتى يستطيع أصحاب العيون النقية وحدهم أن يدركوا حقيقة القادم إلى أورشليم، بكونه ذاك الذي تنبأ عنه زكريا النبي أنه يأتي راكبًا على أتان وجحش ابن أتان (زك 9: 9). هذا ما أوضحه القديس يوحنا الإنجيلي إذ علق على دخول السيد المسيح راكبًا على جحش بقوله: "وهذه الأمور لم يفهمها تلاميذه أولًا، ولكن لما تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه، وأنهم صنعوا هذه له" (يو 12: 16)، وكأنه حتى التلاميذ لم يدركوا حقيقة الموكب قبل انفتاح أعينهم بالروح القدس ليفهموا أسرار المسيا وتحقيق النبوات في شخصه.