رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لاَ تَتَفَاخَرْ أَمَامَ الْمَلِكِ، وَلاَ تَقِفْ فِي مَكَانِ الْعُظَمَاءِ [6]. لأَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يُقَالَ لَكَ ارْتَفِعْ إِلَى هُنَا، مِنْ أَنْ تُحَطَّ فِي حَضْرَةِ الرَّئِيسِ الَّذِي رَأَتْهُ عَيْنَاكَ [7]. يليق بالمؤمن ألا يدفع نفسه بنفسه للمثول أمام الرؤساء، ولا يشتهي مجالستهم من أجل نوال كرامة الناس. عندما انفتحت قصور الأباطرة والعظماء أمام رجال الكنيسة باهتداء قسطنطين إلى الإيمان المسيحي، وُجد سباق آخر للهروب إلى البرية للتمتع بالجلوس مع الله في سكون البرية، كما فعل القديس أنبا أنطونيوس الكبير. يقول السيد المسيح: "متى دُعيت من أحدٍ إلى عرسٍ فلا تتكئ في المتكأ الأول، لعل أكرم منك يكون قد دُعي منه، فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك: أعطِ مكانًا لهذا، فحينئذٍ تبتدئ بخجلٍ تأخذ الموضع الأخير، بل متى دُعيت، فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك: "يا صديق ارتفع إلى فوق. حينئذٍ يكون لك المجد أمام المتكئين معك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (لو 14: 7-11). الكبرياء الذي يدفع الإنسان إلى تقديم نفسه في حضرة العظماء يحطم حياة الإنسان أمام نفسه كما أمام الغير، بل يستحق لوم الله له. أما من يتواضع في أعماقه بصدقٍ وإخلاص فيرفعه الله. وكما قالت القديسة مريم: "أنزل الأعزاء عن الكراسي، ورفع المتضعين" (لو 1: 52). إن كان الذي يدفع نفسه لينال كرامات وأمجاد باطلة من العالم يستحق اللوم، فماذا إن كان المؤمن يدفع بنفسه في المجالات الروحية والدينية طالبًا المجد الزمني؟ * ليبحث المتكبر عن الممالك الأرضية ويحبها، ولكن "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات". * لقد جلس الرب في منزل فريسي متكبر (لو 7: 36)، كما قلت إنه كان في منزله ولم يكن في قلبه، لكنه لم يدخل في منزل قائد المئة ومع ذلك فقد امتلك قلبه (مت 8: 8). زكا أيضًا قبل الرب في منزله وفي قلبه (لو 19: 6). وأما إيمان قائد المئة فقد مُدح بسبب تواضعه، لأنه قال: "لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي". فقال الرب: "الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا" (مت 8: 10)، هذا بحسب الجسد، لأنه بالروح "إسرائيلي". لقد جاء المسيح للإسرائيليين حسب الجسد أي لليهود باحثًا أولًا عن الخراف الضالة بين هذا الشعب، آخذا جسده أيضًا من هذا الشعب. لقد قال: "لم أجد إيمانا بمقدار هذا". إننا نستطيع أن نقيس إيمان البشر كما يحكم البشر عليه، وأما الرب الذي يرى ما بالداخل، والذي لا يخدعه أحد، شهد لقلب هذا الرجل مستمعا لكلمات التواضع ومعلنا عبارة الشفاء. * ما أن تتكبر حتى تفقد في الحال ما نلته. القديس أغسطينوس * يُوهب التواضع لكل شخص حسب درجة عظمته. الكبرياء مضر لكل أحدٍ. إنه يطلب أن يفسد بالذات من هم عظماء! القديس چيروم * يا للجنون؟ ألا يدري هذا الإنسان المتكبر أن مجده يزول ويتبخر كالحلم، وأن العظمة والسلطان ليست هي إلا سرابًا خداعًا. القديس باسيليوس الكبير |
|