منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 11 - 2024, 12:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,482

وجود الله






وجود الله



لا يبدأ الكتاب المقدس بإثبات وجود الله، بل يبدأ بما فعل الله، وماذا قال. ثم يستمر في بقية صفحاته ليكشف لنا من هو الله: ما هي صفاته، وما هي مقاصده وسياساته وأفكاره، ماذا يحب وماذا يكره، ما هي نواميسه ووصاياه، ماهي طبيعة علاقته بالبشر وأسلوب تعاملاته معهم. وأعتقد أن الروح القدس فعل هذا لسببين:
أولاً: لأن إثبات وجود الله لا يحتاج إلى الكتاب المقدس، إنه يحتاج فقط إلى أن يُعمل الإنسان عقله في قراءة كتاب الخليقة البديعة (رو1: 20)، وأن يستعمل المنطق السليم وهو يحاول تفسير الوجود. وهذا ما سأحاول فعله في هذا المقال.
وثانيًا: لأنه بعد إيمان الإنسان بوجود الله، يأتي السؤال: من يكون الله؟ ما هي صفاته؟ ما هو غرضه من وجودي، وما هي خطته لحياتي؟ وهذه هي مهمة الكتاب المقدس.
وقبل أن أنطلق لأبيِّن كيف تبرهن الخليقة وجود الله لكل صاحب منطق سليم، أذكر قصتين هامتين تكشفان لماذا يرفض بعض الناس الإيمان بوجود الله. وبالمناسبة هم الآن، وفي القرن الواحد والعشرين، لا تتعدى نسبتهم 3.5% من تعداد سكان العالم!! وهناك 9% لا هم ملحدون ولا هم مؤمنون. أما الباقي وهم 87.5% فهم يقرون بوجود خالق، وإن اختلفوا كثيرًا من جهة طبيعته وكنهه. كما أنني أذكر هاتين القصتين في البداية لكي أقول لقارئي العزيز، إن كل ما سأقدمه من أدلة مقنعة سيكون بلا قيمة إن لم يكن قلبك مستقيمًا، فإن كنت تبحث عن الحق بإخلاص فلن يعسر عليك أبدًا الوصول إليه، وبالتالي ستسفيد حتمًا مما سأقدِّم لك، أما إن كنت تعيش في الخطية وترفض التوبة، فلا ما أقدمه، ولا غيره سيكون ذا قيمة عندك.
القصة الأولى، حدثت في مدينة لندن في ستينيات القرن الماضي، حيث كان برتراند رسل، عالم الرياضيات والفيلسوف الشهير يلقي محاضرة يبرِّر فيها إلحاده ورفضه التام لوجود الله. وفي فترة الأسئلة عقب المحاضرة سأله شخص مؤمن من المستمعين عن ماذا سيفعل بعد موته إن اكتشف وجود الله؟ فقال بكل ثقة: “سأنظر في عينيه وأقول له إنك لم تُعطني أدلة كافية تقنعني بوجودك”! فما كان من هذا الشخص إلا أن قرأ له رومية 1: 18-20، والتي تؤكِّد على أن من يزعمون أنهم حكماء مثله لا ينقصهم الدليل، بل هم يقمعون ويكتمون الدليل لكي يستمروا في عيشة الإثم. وهذا هو المعنى الحرفي لعبارة «يحجزون الحق بالإثم». ثم قال له: “إن مشكلتك ليس في نقص الأدلة، بل في دأبك على قمعها وإخفائها”.
أما القصة الثانية فقد حدثت في مطلع هذا القرن، حيث كان أحد علماء الفضاء الروس يلقي محاضرة في إحدى الجامعات الأمريكية. وعلى الرغم من عدم إيمانه بوجود الله قال: “في الحقيقة سواء كان الله موجودًا أو غير موجود، فإن كلا الأمران مخيف جدًا!! لأنه إن كان موجودًا فعلينا أن نعرف من هو، وماذا يطلب منا؟ وإن لم يكن موجودًا فعلينا أن نعرف أننا نطير في الفضاء بسرعة 105 ألف كيلومتر في الساعة بدون قائد ولا غرفة تحكم!!”
وتعليقي على هذه القصة الثانية هو أن هذا هو سر الإلحاد الأول والأخير؛ لأنه إذ أقَرَّ الإنسان بوجود خالق، فعليه أن يُقِّر بحتمية سيادته على الحياة، وهذا ما يرفضه القلب الشرير. يقول داود عن هؤلاء في مزمور 12: 4 «الذين قالوا بألسنتنا نتجبَّر، شفاهنا معنا، من هو سيد علينا؟» إنهم يريدون أن يعيشوا في الإثم، وعندما يزعجهم الفكر بوجود سيد للكون يطلب منهم غير ذلك، يحاولون إنكار وجوده ليستريحوا من وخزات عقولهم وضمائرهم. وربما يستريحون فعلاً، لكنها راحة الجهال التي تبيدهم (أم1: 32).
والآن، يمكنني أن أقتبس من بعض المفكرين المسيحيين الكبار مثل: C.S. Lewis, Sproul, Geisler ثلاث محاجات تبرهن وجود الله.
المحاجة الأولى: من الخليقة
يركِّز البعض في محاجته من الخليقة على بداية الخليقة؛ أي على حتمية وجود مُبدئ لها. بينما يركِّز البعض الآخر، ليس على بدايتها، بل على وجودها الفعلي الحالي. فبغضِّ النظر عن بدايتها، يرون أن وجودها الآن يعتمد على سبب لا سبب له. وبالطبع كلا المحاجتين صواب، وتدعم إحداهما الأخرى. كما أن الكتاب يؤكِّد على كلتيهما. فعن الله باعتباره مُبدئ هذا الكون يقول تكوين 1: 1 «في البدء خلق الله السماوات والأرض». وعن اعتماد وجود الخليقة الآن على خالق، يقول في عبرانيين 1: 3 «الحامل لكل الأشياء بكلمة قدرته». وعن الاثنين معًا في عبارة واحدة يقول في كولوسي 1: 16، 17 «الكل به وله قد خُلق. وهو قبل كل شيء. وفيه يقوم الكل». ولذا فإنني سأتوقف عند الأمرين.
أولاً: لا بد للكون من مُبدئ
تنطلق هذه المُحاجَة من الفرضية المنطقية البسيطة، ألا وهي: طالما أن الكون موجود، فلا بد من سبب أوجده خارجًا عنه؛ بناء على قانون السببية أن لكل معلول علَّة أوجدته. ويمكننا صياغتها بالطريقة الآتية:
1- بما أن الكون له بداية،
2- وبما أن كل شيء له بداية لا بد أن يكون له سبب أبدأه،
3- إذًا الكون نتج من سبب أبدأه؛ وهذا السبب هو الله.
ولكي يتحاشى البعض هذه النتيجة المنطقية، ولكي يتمكنوا من أن لا يبقوا الله في معرفتهم، لجأوا إلى اعتراضين:
الاعتراض الأول: هو اعتراض سخيف للغاية، ولذا لن أقف أمامه طويلاً، إذ قالوا: “الكون ليس بموجود. هو مجرد وهم ILLUSION”!!!
والرد على هذا الاعتراض ببساطة هو أنك إذا قلت إن الكون ليس بموجود، فالقائل نفسه لا ينبغي أن يكون موجودًا لكي يقدر أن يقول إن الكون ليس بموجود، إذ إن القائل هو جزء من هذا الكون. وقد وصل السخف ببعضهم لكي يتجنبوا هذا الاستنتاج المنطقي أنهم قالوا: نعم نحن لسنا بموجودين! وفاتهم أنه من المحتم أن يكونوا موجودين لكي يتمكنوا من أن ينفوا وجودهم.
الاعتراض الثاني: “الكون ليس له بداية هو أزلي”!!! يقول كارل ساجان، العالم الأمريكي الشهير جدًا في علم الفلك: “الكون هو كل ما هو كائن، وما كان، وما سيكون”!
ودعونا الأن ندحض هذا الاعتراض، ونؤكِّد على حتمية وجود بداية للكون من العلم ثم من الفلسفة.
أ) من العلم
1- لقد اكتشف إدوين هابل سنة 1925 أن الكون في حالة تمدُّد باستمرار، وأنه يسير بسرعة جنونية منطلقًا من الداخل إلى الخارج، وأن المجرَّات تتباعد عن بعضها؛ وهذا يعني أنه لو كان أزليًا لكان قد تفكك وتلاشى الآن.
2- القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية، والذي ينص على أن كل الطاقة التي في الكون تتجه إلى أدنى مستوى لها، أي أن الكون يستنفذ طاقته المخزونة، فلو كان الكون أزليًا لكانت طاقته قد نفذت منذ زمن بعيد، ولكان الآن في حالة موت وتجمد أبدي.
ب) من الفلسفة
إذا قلت لي إن الكون ليس له بداية، فأنت تعني أن الكون لا نهائي في القِدَم، وهذا مستحيل. ولكي أبرهن استحالته لا بد من توضيح أن ما لانهاية في الرياضيات هي شيء افتراضي وليس حقيقي، أي لا يمكن تطبيقها على أي شيء له وجود حقيقي مثل الزمن. تخيل معي خط مستقيم أ ب طوله 30سم، يمكنك بكل ثقة أن تقول أن هذه الـ30سم تحتوي على ما لا نهاية من النقط الهندسية الواقعة بين أ، ب؛ وكلامك صحيح تمامًا من الناحية الرياضية. لكن إذا أردنا شيئًا واقعيًا، فتخيلنا أن هذه الـ30سم هي سُمك كتاب يحتوي بين ضفتيه على صفحات رفيعة ورقيقة للغاية، فإنه لن يمكنك أبدًا أن تقول إن هذا الكتاب الذي سمكه 30سم، ولا حتى إن كان سُمكه 30 كيلو متر، يحتوي على ما لا نهاية من الأوراق الرفيعة مهما كانت رقة أوراقه. وهكذا لا يمكننا أبدا أن نقول إن الكون له عدد لا نهائي من وحدات الزمن، لأن الزمن شيء حقيقي له وجود ويمكن قياسه وليس شيئًا افتراضيًا.
ثانيًا: الكون يعتمد في وجوده على خالق:
يمكنني أن ألخِّص هذه المحاجة في نقاط كالآتي:
1- الكون هو مجموعة من الموجودات المتغيرة والمحدودة،
2- كل موجود متغير ومحدود لا بد أن يكون هناك سبب آخر لوجوده. لأنه ما دام محدودًا ومتغيرًا، فمن المستحيل أن يكون وُجد بذاته مستقلاً عن غيره في وجوده، وإلا فلماذا يعتريه التغيير؟
3- لا يمكن تفسير سبب وجود الموجودات بالرجوع إلى سلسلة لا نهائية من الأسباب المتغيرة المحدودة، لسبب بسيط. تخيَّل أني سألتك ما سبب وجود كل متغير محدود نظيري؟ فأجبتني بأنه نتج عن متغير آخر. فسأقول أنت لم تُجبني لأنني لم أزل أسأل عن سبب وجود المتغير الذي ذكرته باعتباره السبب. ولو ظللت لمدة عشرة سنين متصلة تقول هذا المتغير الآخر نتج عن متغير نتج عن متغير نتج عن متغير... فكلامك لا معنى له، لأنك بعد عشر سنين أنت عند نفس النقطة. وإذا قلت لي إن هناك في نهاية هذه السلسلة الطويلة يوجد سبب أوجد ذاته؛ فاسمح لي أن أقول إن هذا كلام فارغ لا معنى له بالمرة، لأنه كان ينبغي أن يوجد لكي يكون قادرًا على أن يُوجِد نفسه أي يُوجَد قبل أن يُوجِد؟!! أي يكون سبب ونتيجة في نفس الوقت، فهل هذا معقول؟ ثم لو أمكنك رصد اللحظة التي سبقت اللحظة التي فيها أوجد نفسه، فهو فيها موجود وغير موجود في الوقت نفسه!! وبالطبع هذا كلام فارغ بلا معنى.
4- إذًا النتيجة الحتمية التي لا مفر منها، مهما حاول عقل الإنسان الخضوع لقلبه الفاسد والهروب منها، هي أنه يوجد سبب لا سبب له، هو علة وجود كل موجود متغير محدود، وهذا السبب الذي لا سبب له هو الله.
المحاجة الثانية: من نظام الكون
تعتمد هذه المحاجة ليس على وجود الكون كما في المحاجة الأولى، بل على صفة من صفاته ألا وهي نظامه البديع المتقن والمذهل، وهي تسير كالآتي:
1- بما أن كل نظام مُتقَن يعني ضِمنًا وجود عقل صمَّمه وأتقنه،
2- وبما أنه يوجد في الكون نظام بديع مُتقَن ومُذهل،
3- إذًا، هناك عقل عظيم أتقن هذا الكون البديع.
في الفرضية الأولى، نعتمد على خبراتنا المنطقية؛ ففي أي مرة رأينا لوحة جميلة توقعنا أن هناك فنانًا ما رسمها، وإن أعجبنا لحنًا ما توقعنا أن هناك موسيقي ما وضعه، وإذا انبهرنا بنظام أحد المباني توقَّعنا أن هناك مهندس ما صممه. وهكذا.
ويأتي الاعتراض هنا بأن العوامل الطبيعية في الطبيعة تنتج أشكالاً وأنظمة بديعة بدون تدخل شخص عاقل، كالبلورات المعدنية أو الأشكال الصخرية أو الكثبان الرملية وغيرها. والرد على هذا بسيط للغاية: أن هناك فارقًا شاسعًا بين النظام البسيط والنظام المركَّب، بمعنى: قد تنحت الرياح صخرة لتجعلها على شبه رأس إنسان، لكن إذا وجدت قصيدة شعرية منحوتة على هذه الصخرة فلا يمكن أن يكون هذا بفعل الرياح. والنظام الذي نراه في الكون ليس نظامًا بسيطًا يمكن إرجاعه للعوامل الطبيعية، بل هو نظام مركَّب ومعقَّد للغاية، لا بد من وجود عقل عظيم أبدعه. وهذا ينقلنا للفرضية الثانية.
في الكون نظام بديع ومذهل، يتفاعل فيه معًا عدد مهول من القوى لمنفعة الكل وبقاء الكل! وكلما كان النظام أكثر روعة كلما كان العقل الذي أبدعه أكثر عظمة. وهنا أتوقف عند بعض أمثلة قليلة للغاية، آخذها من أقرب الأشياء إلينا، ألا وهو جسد الإنسان، تبين روعة هذا الإتقان وعظمة العقل الذي أبدعه.
1- المعلومات الموجودة في جزئ واحد من حمض الـDNA، والذي يُعتبَر اللبنة الأساسية في بناء أي كائن حي، تساوي المعلومات الموجودة في أي مجلد ضخم من مجلدات أي دائرة معارف!! وهذا الجُزئ لا يُرى طبعًا إلا بالميكروسكوب الإلكتروني.
2- يُقر كارل ساجان، رغم إلحاده، بأن المعلومات المتوفرة في مخ الإنسان لو عبَّرنا عنها بلغة البرمجة الحالية، أي بوحدة البايت، واعتبرنا أن عددها يساوي فقط عدد الوصلات العصبية في المخ، فإنه يحتوي على مائة تريليون بايت!
3- عندما تنظر في المرآة، أنت ترى صورتك بوضوح بسبب عضلات صغيرة جدًا تضبط عدسة العين، تتحرك هذه العضلات 100 ألف مرة في اليوم لكي ترى بوضوح!!
4- يحتوي الغشاء المبطِّن لمعدتك على 35 مليون غُدّة، تفرز كل يوم ما مقداره لترين من العصارة المعدية لكي تهضم ما تأكله!!
5- يحتوي لسانك على 8000 بُرعم تذّوق لكي تستطيع أن تستمتع بطعم الطعام الذي تضعه في فمك!!
6- فكِّر معي في مسألة تجلّط الدم عندما تُجرَح جرحًا صغيرًا، واضحك معي على نظرية التطور. في كل مرة تحلق ذقنك وتجرح نفسك، يندفع إلى مكان الجرح مئات الآلاف من الصفائح الدموية، لكي تسد معًا هذا الجرح، ثم تبدأ في إفراز مواد بروتينية تسمى عوامل التجلط، وهذه المواد تبدأ بدورها سلسلة من التفاعلات الكيميائية المعقَّدة للغاية، وعددها 12 تفاعلاً، لكي تتكون في النهاية الجلطة التي تُغلق الجرح تمامًا ولا يعود ينزف! العجيب أن هذه التفاعلات الكيميائية لا بد أن تسير بنظام معيَّن لكي يتم الإغلاق من خلال الجلطة، ولو حدث أن نقص واحد فقط من عوامل التجلط تعطَّلت العملية ككّل واستمر النزف كما يحدث في مرض الهيموفيليا! لو كانت نظرية التطور صحيحة وتخيَّلنا أنه قبل أن تتطور هذه العملية وتكتمل كان هناك فقط 11 تفاعل كيميائي فقط لكان كل البشر قد ماتوا من النزيف!
7- يضخّ قلبك وأنت نائم كل ليلة 300 لتر دم كل ساعة في جميع أنحاء جسدك، أي أنه يضخ في الليلة الواحدة حوالي 2400 لتر دم!!
أكتفي بهذا النذر اليسير وأقول مع داود في مز139: 13، 14 «لأنك أنت اقتنيت كليتي، نسجتني في بطن أمي. أحمدك من أجل أني قد امتزت عجبًا. عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينا».
ويعترض البعض على هذه الفرضية الثانية، فيقولون إن هذا النظام قد أتي بالصدفة!!!!!
والرد ببساطة في نقطتين:
1- إن هذا الكلام غير علمي بالمرة، فالعلم لا يعترف بالصُدف، بل يبني على الملاحظة المتكررة (repeated observation) وأنتم تُقِّرون بذلك؛ فلماذا تتمحكون الآن بالصدفة.
2- حسب أحد العلماء احتمالية ظهور خلية حيوانية واحدة بالصدفة، وجد أنه واحد في 10 أُسّ 40000!!!!!!!! فتخيل كم تكون احتمالية ظهور جسد إنسان بالصدفة؟ ولكي يكون عندك فكرة تقريبية لهذا الرقم تخيل أن شخصًا في الولايات المتحدة ظل يحصل على جائزة يانصيب مرة كل أسبوع طوال فترة حياته التي استمرت من سن 18 سنة وحتى سن 99 سنة بدون توقف ولو لمرة واحدة وكل هذا بالصدفة البحتة(!!) فاحتمالية حدوث هذا هي 1 في 10 أس30!!!!
أخيرً أقول شيئًا لطيفًا قاله واحد من المفكّرين القدماء، كيف أن بقرة بُنّية اللون، تأكل حشيشًا أخضر اللون، تنتج لبنًا أبيض اللون، يتحول إلى زبد أصفر اللون، وجبنة برتقالية اللون، يأكلها شخص فينتج له شعر أسود اللون؟ صدفة؟!!!!!!!
المحاجة الثالثة: القانون الأخلاقي
في المحاجة الأولى رأينا قدرة الخالق، وفي الثانية حكمة وذكاء الخالق، لكن هنا نتوقف أمام طبيعة الخالق باعتباره كائن أدبي يضع نظامًا أخلاقيًا لخليقته العاقلة. وتمضي هذه المحاجة كالآتي:
1- بما أن كل البشر يشعرون بأن هناك قانون أخلاقي عام،
2- بما أن لكل قانون سلطة وضعته،
3- إذًا لا بد من وجود سلطة عليا جدًا فوق جميع البشر، وضعت هذا القانون العام، وهذه السلطة هي الله.
تعتمد هذه المحاجة أيضًا على مبدإ السببية؛ فرؤيتنا للقوانين الطبيعية المنظِّمة للكون جعلتنا نستنتج وجود عقل عظيم صمَّمها، ورؤيتنا للقوانين الأخلاقية بين بني البشر تجعلنا نستنتج أن هناك سلطة عظيمة شرَّعتها. مع فارق أن القوانين الأخلاقية لا تصف ما هو كائن بل ما يجب أن يكون، لا ترصد ما يعمله البشر بل تُقرِّر ما يجب أن يعملوه، سواء كانوا يعملوه أم لا. والاستنتاج المنطقي هنا هو: بما أن هذه القوانين عامة في كل الأرض وفي كل التاريخ، لا بد أنها جاءت من خارج الأرض. وهذا ما يقرِّره الكتاب في رومية 2: 14، 15 «لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس، متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس، فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس، هم ناموس لأنفسهم. الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم، شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها، مشتكية أو محتجة».
فها هو الكتاب يؤكد على وجود ناموس أخلاقي موجود في قلوب بني البشر قبل أن يعطي الله الناموس مكتوبًا على حجر.
والاعتراض الذي يسوقه البعض هنا هو أن هذه القوانين الأخلاقية ليست موضوعية، بل هي مجرد أحكام ذاتية نتجت من قناعات اجتماعية! لكن هذا الاعتراض يتجاهل تمامًا عمومية هذه الأحكام في التاريخ والجغرافيا، ففي كل عصر ومصر كان الكذب والقتل والاغتصاب والسرقة مرفوضًا، ومعتبر أنه خطأ لا يجوز ارتكابه.
تخيَّل معي شخصًا أجنبيًا من بلد بعيد عني جدًا، أُحاجه بأن هناك أخلاق عامة وُضعت لبني البشر من خارجهم، فقال لي: لا هي مجرد حكمك الشخصي أو حكم مجتمعك. فأهنته قدام الجميع بكلمات قاسية لكونه يعترض على كلامي. ماذا سيقول؟ حتمًا سيقول: “لا يصح أن تفعل هذا” وبمجرَّد أن يقول هذا يكون قد أقَرَّ بأن هناك أخلاقًا عامة جُبِلَ عليها بنو البشر، وُضعت لهم من سلطة عُليا خارجهم هي سلطة الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
هل وجود الشر يلغي وجود الله ( 2 )
هل وجود الشر يلغي وجود الله
الأمان لايعنى عدم وجود الخطر ولكن يعنى وجود الله معك مهما كان الخطر
البراهين العقلية لإثبات وجود الله وجود المادة
وجود الله فى وجود الضيقه


الساعة الآن 12:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024