افتقر من أجلكم
في الصليب تسديد لكل احتياجات أرواحنا ونفوسنا بل وأجسادنا أيضاً "فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غنيّ لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كو8: 9). وكلمة " من أجلكم " تعني من أجل كل المؤمنين بكل مستوياتهم الروحية سواء كانوا أولاداً أم أحداثاً أم آباءً. ولا نريد أن ننسى هذه الكلمة "افتقر" فهذا تعليم هام جداً فى العهد الجديد . قد تسمع فى العظات أن المسيح بديل لنا فى مجال البر والقداسة وقد تعرف أيضاً أنه أخذ أمراضنا ووهبنا الشفاء ، وأخذ قيودنا وأعطانا الحرية، ولكنه أيضاً بديل لنا إذ أخذ فقرنا وعوزنا لنتمتع نحن بتسديد لكل احتياجاتنا بغنى
افتقر المسيح إلى المنتهى في الصليب تعرّى إذ يقــول الكتـــاب " ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها . لكي يتم ما قيل بالنبى اقتسموا ثيابى بينهم وعلى لباسى ألقوا قرعة" (مت27: 35) وعطش وصرخ "أنا عطشان"(يو19: 28) فتحققت النـبــوة القائلـة " وفي عطشى يسقوننى خلاً "(مز69: 21)، لم يكن هناك أي تسديد لاحتياجاته في الصليب لقد أخذ المسيح في الصليب مكاننا وعاش معاناة أعوازنا لنستغني نحن بفقره وهذا ما يؤكده الوحي
إذا كان الفقر يسبب لك مشكلة ومرارة وصراعاً فاتجه نحو الرب يسوع لأنه حسم كل هذا في الصليب افتقر وهو غنيّ.. حمل لعنة الفقر والعوز وقد افتدانا من لعنة الناموس ( غلا3: 13)، لذا نستطيع أن نعلن بكل يقين أنه ليس مشيئة رب كل الأرض أن يحيا أولاده تحت لعنة العوز والاحتياج المذكورة بوضوح فى الإصحاح 28 من سفر التثنية إذ يقول الكتاب "ملعونة تكون سلّتك ومعجنك" (تث28: 17)، واللعنة هنا في مصدر الخبز الذي نأكله ويقول أيضاً "بذاراً كثيرة تُخرجُ إلى الحقل وقليلاً تجمع لأن الجراد يأكله . كروماً تغرس وتشـتغل وخمراً لا تشرب ولا تجنى لأن الدود يأكله. يكون لك زيتون فى جميع تخومك وبزيت لا تدّهن لأن زيتونك ينتثر (على الأرض قبل نضجه)"تث28: 38-40
هنا لعنة العوز تتضح في أن الجراد والدود وهما رمز للأرواح الشريرة يتلفوا ثمر الزرع أي أن العدو يفسد ثمار مجهوداتنا وأعمالنا فلا ننجح في تحقيق أهدافنا. وفي نفس الإصحاح العظيم نجد أيضاً هذا الشاهد "يجلب الرب عليك أمة جافية الوجه فتأكل ثمرة بهائمك وثمرة أرضك حتى تهلك ولا يتبقى لك قمحاً ولا خمراً ولا زيتاً ولا نتاج بقرك ولا إناث غنمك حتى تفنيك" .تث 28: 49-51
هنا يتضح أن تدمير العدو يشمل كل المجالات، فدائماً لا يوجد حصاد. وفي عدد 57 من نفس الإصحاح تكون المرأة المتنعمة في الشعب " في عوز كل شيء فى الحصـــار والضيقة التي يضايقك بها عدوك في أبوابك" (تث28: 57). فما بالك إذاً بباقى الشعب غير المتنعم
تكلّم حجي أيضاً عن لعنة الكيس المنقوب قــــائلاً "الآخذ أجرة يأخذ أجــــرة لكيس منقوب" (حجى1: 6)، أي أن كل ما نحصل عليه من أجر لأعمالنا يٌفقد من خزائننا، كما يقول أيضاً حجى " زرعتم كثيراً ودخّلتم قليلاً. تأكلون وليس إلى الشبع. تشربون ولا تروون . تكتسون ولاتدفأون" (حجى1: 6). و الخبر السار هو أن الرب افتدانا من كل هذه اللعنات (غلا3: 13) وإذ نحيا تحت مظلة فدائه فلنا حماية مؤكدة من هذه اللعنات، فإنه من الضرورى لنا كمؤمنين أن نتمسك بتعاليم الكتاب المقدس فكلمة الله تعلّمنا أنه "هلك شعبي لعدم المعرفة" (اش5: 13). نعم إن عدم المعرفة بالحق يكلّفنا الكثير ولنلاحظ أن السبي قد وقع لشعب الله وليس للأمم فقط فالجهل بالمكتوب في كلمة الله خطير، فقد ينحني كثير من أولاد الله دائماً للاحتياج والعوز الدائم غير عالمين أنهما لعنة وليس مشيئة الله من جهة شعبه
يذكر لنا ســـفر التثنية "من أجل أنك لم تعبد الرب إلهك بفرح وبطيبة قلب لكثرة كل شئ (بسبب الوفرة فى كل شئ) تُســتعبد لأعدائك الذين يرسلهم الرب عليك في جوعٍ وعطشٍ وعرىٍ وعوز كل شئ"تث28: 47-48
ومن هنا أيها الأحباء يتضح أن الجوع و العطش والعوز هم لعنّات من لعنّات الناموس، لذا نحتاج أن نحيا بالإيمان ونعلن أن المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا. نعم ففي المسيح تحطمت و انكسرت وأُبطلَت كل اللعنّات. والعوز قد يكون مادياً أو نفسياً أو روحياً أيضاً، فقد يكون هناك إنسان غير معوز مادياً ولكنه معوز للراحة النفسية والسلام الداخلي. وعلاج هذا العوز أيضاً هو الصليب ففيه سـدّد الرب كبديل عنّا كل أعواز الإنسان الروحية والنفسية والجســدية. ويخبرنا داود قائلاً "اتقوا الرب يا قديسيه لأنه ليس عوز لمتقيه" (مز34: 9). فهيا نثق بالرب الذي سدد كل حاجاتنا بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع
فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ
أعمال 20: 32 وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ
إنجيل يسوع المسيح هو إنجيل (أخبار) المبادلة الإلهية. فالرب يسوع أخذ مكانك حتما تأخذ مكانه. لقد أصبح كتلة خطية حتى ما تصبح أنت بار (2كورنثوس5: 21) . هو أخذ خطيتك وجعلها على نفسه وكذلك مرضك ونقائصك حتى تصبح صحيحاً وقوياً (1بط2: 24) ويخبرنا (2كورنثوس8: 9) أنه أصبح فقيراً حتى ما تغتني أنت بفقره. يجب عليك أن تصدق هذا. لأن كل هذا في نفس التبادل العظيم الذي عمله الرب يسوع طبقاً لمبدأ الإنجيل التبادلي أفتقر لتغتني أنت. هناك من يجادل في موضوع "افتقر" فيقولون أنه أمر روحي ولكن هذا لا يصلح بهذه المقاييس. فما هو الوقت الذي أصبح فيه يسوع فقيراً روحياً. فهو كان ابن الله
عندما تخلى عن مجده وتنازل لمجال الأرض هذا, هو افتقر بهذا لكي ينقلنا نحن لمستوى الغنى. لهذا السبب أنت كمؤمن أنت لست الفقير الذي يحاول أن يكون غنيا بل أنت الغني الذي تكتشف ميراثك. أنت قد ولدت للغنى الغير محدود , ميراث غير متناهي مذخر لك
إن فكر الله ليس أن يحاول أن يجعلك غني, لأنك إذا أنت مولودا من الله فقد جُعلت غنيا. فالله يتوقعك بأن تبدأ في الخروج لمساعدة المحتاجين. أرفض أن تعتبر نفسك وتعد من الفقراء أو الناس العادية, لأنك الإبن الغني لله الغني. فهو يرغب أن يراك مستمتعا بالوفرة التي قد ذُخرت لك في المسيح, والطريق الذي به تستمتع بميراثك هو بأن تلصق بكلمة الله " ... فهي القادرة أن تبنيك وأن تعطيك ميراثا تشترك فيه مع جميع القديسين أعمال 20 : 32