رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أثناسيوس حبيب المسيح - الأنبا شنودة أثناسيوس حبيب المسيح (كلمة أسقف روما، التي وضعها على أثناسيوس بابا الإسكندرية، لما سمع بوفاته، كما سردها الأنبا شنودة رئيس المتوحدين في عظته المعنونة "مبارك هو الله"، في عيد تذكار البابا أثناسيوس يوم 15 مايو سنة 451م) أين الراعي الصالح الذي للشعب المقدس؟ أين قائد القطيع المكرم؟ فارقنا الذي لم يعتد أن يفارق قطيع خرافه ساعة واحدة. كيف ترمَّل الكرسي الكلي المجد والجلال من جلوسه المُرضي لله؟ الإكليروس مغتم لأجله والشعب متوجع القلب بسببه، والكنيسة حزينة ... إن أثناسيوس حبيب المسيح قد رقد، فربما هذا هو الغم بعينه أن أسمع هذا، فأنا لا أصدق حتى الآن. الشيوخ سينوحون عليه لأنه كان العكاز الذي يستندون عليه، فرحل عنهم، سيفتش عنه الأطفال كما عن أبيهم، والشباب كما عن أخ، والمسنون كما عن ابن. سيفتش عنه الأيتام كما عن وصي. ستفتش عنه الأرامل لأنه كان المهتم بهن، والفقراء لأنه كان المتحدث عنهم، والمظلومون لأنه كان قاضيهم، والذي استُعبدوا ظلماً لأنه كان محررهم. سيجوع إليه محبو العلم لأنه كان معلمهم، والمستقيمو الإيمان لأنه كان يعلمهم عن الله بكلماته. من سيقدر أن يبني النفوس البشرية هكذا؟ من سيزود الكنائس من الآن بما تحتاجه؟ من سيزين الأبواب المقدسة مثل ذاك؟ أو من يكون في مقدرته؟ من سيقدر أن يتجول مثله ليلاً ونهاراً، سائراً على قدميه، مدفوعاً بغيرته، مسرعاً ليقدم العون لكل واحد حسب احتياجه؟ لن نجد آخر مثله على الأرض، يلقي المال جانباً، مثل ذاك، ويختار لنفسه الفقر بإرادته، ويحب الله، ويزدري بمجد الحياة. من سيقدر أن يصنع لنفسه حرية كهذا، ويقدر أن يحارب عن البر، ويلاقي السلاطين، ويتكلم بدالة أمام الهياج الباطل للولاة؟ لقد كان يقنعهم بحديثه، ويخجلهم بأسلوبه، ويسكتهم بأسلوب حياته، ويجعلهم يتعجبون من دالته، ويملك زمامهم بهيبته. مَن أحبته الشعوب هكذا أكثر منه؟ أية كنيسة كدَّت فتكون جديرة بالحب كما فعل ذاك؟ لقد رحل عنا، يا إخوتي، قد فارقنا رجل يشبه الله، فخر وصلاح كل إنسان، شبيه الرسل، الغيور على البطاركة، الخادم الحقيقي المؤتمَن الذي للمسيح، شبيه الملائكة، الذي أظهر رعوية السماء على الأرض، سابقاً بتعيين الروح، والآن أيضاً برقاد جسده. مسكين هو قطيع الخراف الذي تيتم لراع صالح محب للخراف، فبعض خرافه ستصير الآن في شكل لا يريده هو لها، والبعض منها سيصيبه المرض، وآخرون سيضلون، أما البعض الآخر فسيسقط في منحدرات، وآخرون سيصبحون فريسة للوحوش. يا من كنتم قبلاً محسودين، قد صرتم الآن أكثر مسكنة من كل أحد. يا لها من نِعَم كنتم تتمتعون بها! أما الآن فيا لها من أشياء قد حُرمتم منها! أي نوع من الحسد قد نهبنا جميعاً؟ مَن الذي هدم غيرتنا الحسنة؟ مَن الذي استأصل لسان المدينة؟ مَن الذي سلب الكنيسة صوتها؟ مَن الذي طمر بئر الماء للأبد، ذلك الينبوع الذي يفيض عسلاً؟ مَن الذي سدَّ الفم الأكثر تناغماً من المزمار والقيثارة؟ إن ترنيمته عن الله باقية، مملوءة حكمة. أين هي الكلمات الأغزر من قطرات المطر؟ فلا تزال كلمات ذلك الصوت الحلو تطن في آذاننا، في حين أنني أحدق في مجلس تلك اللؤلؤة. إني أرى تلك الصورة الجديرة بالحب. إن قلبي ليتعجب من الكلمات التي كان يتفوه بها بواسطة أنفاس الله. أما الآن فقد أُخِذَ تاج المدينة. الآن تنوح الكنائس التي ترأسها، وتشتاق إليه. الآن ترعى نيران آثمة وسط الأعياد المقدسة، النيران التي سبق الطوباوي وأطفأها. أما النيران الحادثة الآن فسوف يخمدها أيضاً خالق الكل. يا صلوات المدينة، واجتهادات العقلاء الأتقياء، وصفوف المرتلين، والتسابيح الشجية في الكنيسة، أين هو منظّم المُسبِّحين وآمر المرنمين؟ أين هو مدبر الترتيل المقدس؟ بهياً في ردائه، وأكثر بهاءً في مُحيَّاه، مشعّاً في نقاوة نفسه وسط الجمع الغفير الذي يفهم أقواله، لأنه كالنور البهي في الليل. الشبان والعذارى، الشيوخ والأطفال، هؤلاء الذين يلهجون من قبل في ألحانه الروحية، قد رددوا الآن ألحانه على سبيل التجنيز. لكن فلنسبح الله، حبيبنا، ولا نغضب منه، بل لنحزن ونبكي على الشخص الحي (البعيد عن الله) كما لو أنه ميت. لأن البار لم يمت، بل رقد، وهو ينتظر ساعة القيامة. إذا ما مات أناس أشرار في حياتهم، وجب أن ننوح عليهم، لأنهم ذاهبون للدينونة. أما إذا مات الصالحون، فحري بنا أن نمدحهم، لأن كمال سعيهم قد حدث بإكرام، كما هو مكتوب: "كريم عند الرب موت قديسيه" (مز 116). لذلك أيها الأخوة، فلنعزي أنفسنا بتعزيته، لأن ذكرى الصديق مشهورة وحسنة. وبقاءه كان من أجلكم، أما إنحلاله ليكون مع المسيح فأفضل له. فدعونا لا نحزن على مَن كرَّمه الله، فنفسد تعزيتنا. بل لنتذكر يا أحبائي، بالحري ذلك اليوم الذي سنقوم فيه. وإن كنا مستحقين فسوف نرى أثناسيوس في صفوف الملائكة، واقفاً مع المسيح يخدمه روحياً مع رسله، إذ أنه أيضاً حتى الآن لم يتوقف عن خدمته أبداً، متشفعاً فينا. لأنه سوف يتكلم مع الله عن قرب، ليس في مرآة ومثال، كما كان وهو على الأرض، بل الآن وجهاً لوجه، وكرامته لم تعد من البشر بل من الله ذاته. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نبوءة أثناسيوس بميلاد الأنبا شنودة |
القديس الأنبا بيشوي حبيب المسيح |
طوباك يا انبا شنودة يا حبيب المسيح |
القديس العظيم حبيب المسيح(الأنبا بيشوى) يغسل أرجل المسيح |
طوباك يا انبا شنودة يا حبيب المسيح |