أَنَا مِسْكِينٌ وَمُسَلِّمُ الرُّوحِ مُنْذُ صِبَايَ.
احْتَمَلْتُ أَهْوَالَكَ. تَحَيَّرْتُ [15].
في شدة الضيق ينسى الإنسان إحسانات الله عليه، ويشكو كأن حياته كلها منذ صباه ليس فيها إلا الأهوال والمتاعب.
دخل المرتل في أهوال شديدة، وتحيرت نفسه، لكنه لم يسقط في اليأس، لأنه لازال يصرخ إلى الرب إله خلاصه.
* تحققت كل هذه الأهوال [15-18] وحدثت في أعضاء جسد المسيح، وصرف (الرب) وجهه عن صلواتهم، بعد الاستماع لها حسب مشيئاتهم، إذ لا يعرفون أن تحقيق رغبانتهم ليس لمنفعتهم.
فالكنيسة مسكينة، إذ تجوع وتعطش في تجوالها للطعام الذي ستشبع به في مدينتها.
إنها في الأتعاب منذ حداثتها [15]، كما يقول جسد المسيح نفسه في مزمور آخر: "كثيرًا ما ضايقوني منذ شبابي" (مز 129: 1). ولهذا السبب ارتفع بعض أعضائها حتى وهم بعد في هذا العالم، حتى ما يتعظم التواضع. خلال ذاك الجسد الذي يضم القديسين والمؤمنين، والذي رأسه هو المسيح، يأتي سخط الله لكن لا يستقر عليهم.
أما فقط بالنسبة لغير المؤمن كتب عنه: "يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36). مفزعات الله تربك ضعف المؤمن، فإن هذا هو ما يُمكن أن يحدث، وإن كان هذا لا يحدث بالفعل، إنما كُتب لأجل التحذير فيخاف. وأحيانًا تثير هذه المفزعات النفس للتفكير في المتاعب المحيطة بها والتي تبدو كأنها تفيض عليها من كل جانب مثل المياه وتكتنفها في المخاوف. وكما كانت الكنيسة في رحلتها لا تتحرر تمامًا من هذه المصائب، تحل تارة على أعضائها، تارة على عضوٍ ما، وأخرى على عضوٍ آخر، لذلك قيل "اليوم كله"، بمعنى أنها مستمرة في الزمن إلى نهاية العالم. أيضًا فإن الأصدقاء والمعارف في اهتماماتهم الزمنية يتركون القديسين في وقت الرعب. وكما قال الرسول: "الجميع تركوني، ولا يُحسب عليهم" (2 تي 4: 16) .