عاش حجّي النبي في ذات الظروف التي عاشها زكريّا النبي، يحمل ذات مشاعره، فنحن نعلم أن أنبياء ما قبل السبي كثيرًا ما هدّدوا بالسبي قبل حدوثه (586 ق.م)، وقد تحقّقت هذه النبوّات، لكن الله لم يترك الأمر هكذا وإنّما سبق فأعلن بالأنبياء عن العودة من السبي البابلي بعد سبعين عامًا (إر 25: 11-12؛ دا 9: 2)، وقد تحقّق ذلك أيضًا عندما انهارت المملكة البابليّة أمام الفرس فسمح كورش ملك الفرس لزربابل الذي من نسل داود أن يرجع إلى أورشليم ليُعيد بناء الهيكل. وإذ وضع زربابل الأساسات قام السامريّون بمقاومتهم (حج 4: 5)، فتوقّف العمل كما سبق لنا الحديث في مقدّمة سفر زكريّا.
وإذ مرّ أكثر من خمس عشر عامًا والعمل متوقّف دون إبطال رسمي للمنشور الذي أصدره كورش، وإذ ملك داريوس حان الوقت للعمل من جديد. هنا جاءت المقاومة لا من الخارج بل من الداخل، إذ انشغل كل واحد ببناء بيته الخاص. فقام حجّي النبي ومن بعده بشهرين زكريّا ينذران الشعب ويحثّانهم على العمل في بيت الرب بقوّة وغيرة قلبيّة.
عندما بدأ العمل بالفعل للأسف قام بين الشيوخ الذين شاهدوا الهيكل الأوّل يثبّطون الهمم إذ حسبوا الهيكل الجديد كلا شيء بمقارنته بالهيكل القديم، ولولا حكمة النبيّان لتوقّف العمل تمامًا وتحوّل الفرح إلى حزن خلال روح اليأس الذي بثّه هؤلاء المسنّين.