فإِنِّي أَقولُ لكم: إِن لم يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّين،
لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّموات.
"الكَتَبَةِ" فتشير الى علماء الناموس المخوّلين على تعليم الشريعة للشعب؛ أمَّا عبارة "الفريسيين " الكلمة من الآرامية הַסּוֹפְרִים (معناها المنعزل) فتشير الى إحدى فئات اليهود الرئيسية الثلاث التي كانت تناهض الفئتين الأخريين فئتي الصدوقيين والأسينيين، وكانت أضيقها رأياً وتعليماً (أعمال الرسل 26: 5).
أما من حيث العقيدة فكانوا يقولون بالقدر ويجمعون بينه وبين إرادة الإنسان الحرّة. وكانوا يؤمنون بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الأرواح (أعمال الرسل 23: 8) ومكافأة الإنسان ومعاقبته في الآخرة بحسب صلاح حياته الأرضية أو فسادها غير أنهم حصروا الصلاح في طاعة الشريعة فجاءت ديانتهم ظاهرية وليست قلبية داخلية. وبالتالي فهم متظاهرون بالتقوى وقالوا بوجود تقليد شفوي عن موسى تناقله الخلف عن السلف.
وزعموا أنه معادل لشريعته المكتوبة سلطة أو أهمّ منها. فجاء تصريح المسيح بأن الإنسان ليس ملزماً بهذا التقليد (متى15: 2 و 3 و 6). واشتهر معظمهم بالرياء والعجب. فتعرضوا عن استحقاق للانتقاد اللاذع والتوبيخ القاسي.
فيوحنا المعمدان دعاهم " أولاد الأفاعي" كما وبَّخهم السيد المسيح بشدة على ريائهم وادعائهم البرّ كذباً وتحميلهم الناس أثقال العرضيات دون الاكتراث لجوهر الشريعة (متى 16: 6 و11 و12 و23: 1ـ 39). ومع هذا فكان في صفوفهم دوماً أفراد مخلصون أخلاقهم سامية، منهم بولس في حياته الأولى (أعمال الرسل 23: 6) ومعلمه جمالائيل (أعمال الرسل 5: 34).