رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طرق تبدو مستقيمة هناك آية تكررت مرتين بنفس النص في سفر الأمثال وهي: "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت" (أم12:14). وهي بنفسها في (أم25:16). ولابد أن لهذا التكرار أهمية خاصة، في التركيز علي نفس المعني. فما هو هذا المعني؟ لعل المقصود اولًا، أن الإنسان لا يجوز له أن يعتمد علي مجرد رؤيته الخاصة للأمور وفهمه الخاص. فمن الممكن أن يخطئ، ويظن أن الخير له في طريق تضره. ولذلك يقول الكتاب في نفس السفر: وعلي فهمك لا تعتمد" (أم5:3). ولذلك لا يجوز للإنسان أن ينفذ كل ما يطرأ علي ذهنه من أفكار، أو من رغبات، قد تبدو له سليمة، بينما تتعبه أخيرًا.. إذن فهمك وحده، لا تعتمد عليه، ولا تثق ثقة مطلقة بكل أفكارك وأتجاهاتك... هوذا الكتاب يلوم الإنسان "الحكيم في عيني نفسه...". ويقول "أرأيت إنسانًا حكيمًا في عيني نفسه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به" (أم 12:26). إن الحكيم في عيني نفسه، يسير حسب فكره، وحده. وربما يري إحدي الطرق مستقيمة، بينما عاقبتها طرق الموت. أول خطية للإنسان، كانت تبدو له مستقيمة، بينما عاقبتها الموت. قالت الحية في إغرائها للأكل من الشجرة "تصير مثل الله، عارفين الخير والشر "ولكن هذا الإغراء لم يتحقق، ووقع الإنسان تحت حكم الموت، وطرده الله من الجنة.. والشيطان نفسه، كانت طريقة تبدوا مستقيمة! وذلك حيث قال "اصعد إلى السموات. ارفع كرسي فوق كواكب الله.. أصعد فوق مرتفعات السحاب. وأصير مثل العلي" (أش14: 13، 14). وكانت النتيجة أنه "انحدر إلي الهاوية، إلي اسافل الجب "وفقد مركزه كملاك، وانفصل عن الله إلي الأبد آدم دفعه الشيطان. أما الشياطين فدفعته شهوة قلبه الردية. حقًا كم من أناس تجذبهم طرق تبدو أمامهم مستقيمة، كالباب الواسع والطريق الرحب...! وقد حذر الرب من هذا الطريق في أخر العظة علي الجبل. وقال عن هذا الباب الواسع إنه "يؤدي إلي الهلاك. وكثيرون يدخلون منه" (مت13:7). وعكس ذلك الباب الضيق والطريق الكرب المؤدي إلي الحياة.. ولا شك أن كثيرين ربما يختارون الباب الواسع، ويظنون الطريق الرحبة هي الطريق المستقيمة!! إذا لا تعتمد علي كرك فقط، فربما يضيعك. الأبن الضال كان يري ان الخروج من بيت أبيه طريقًا مستقيمة!(لو15). ستؤدي به إلي الحرية والمتعة، وصحبة الأصدقاء، والإنفاق كما يشاء، وعدم الخضوع لقيود وأوامر ووصايا من الأب أو من نظام بين ابيه، ولكن هذه الطريق التي كانت تبدو أمامه مستقيمة، كانت نتيجتها هي ضياعه! نفس الوضع مع رحبعام، كان يري أن طريق السلطة والكرامة هي الطريق المستقيمة. كان يري أهن ليس مع الحكمة ان يتمرد أفراد الشعب علي سلطانه، قال لهم في إعتزازه بالقوة "ابي أدبك بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب. أبي ثقل نيركم، وأنا أزيد علي نيركم" (1مل14:12). فكانت النتيجة أن عشرة أسباط إنقسموا عليه، وكونوا لهم مملكة مستقلة عنه!! مشورة أخيتوفل، كانت تبدو مستقيمة فعلًا! كان أخيتوفل مشيرًا لداود النبي والملك، قبل إنشقاقه عليه. وكان حكيمًا في نظر الناس "كانت مشورة أخيتوفل التي يشير بها في تلك الأيام، كمن يسأل بكلام الله" (2صم 23:16). كانت في نظر الكل مستقيمة، بينما "عاقبتها طرق الموت" لذلك صرخ داود إلي الرب قائلًا "حَمِّق يا رب مشورة أخيتوفل" (2صم31:15). شاول الطرسوسي في إضطهاده للكنيسة، كان تبدو له طريقة مستقيمة. ولذلك قال مرة مفتخرًا "من جهة الناموس فريسي. من جهة الغيرة مضطهدة للكنيسة" (في6:3). كان يسمي إضطهاد الكنيسة غيرة مقدسة! وفي سبيل هذه الغيرة "كان ينفث تهديدًا وقتلًا علي تلاميذ الرب "وكان حتى ظهر له الرب، وأبعده عن هذه الطريق التي تبدو مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت... نفس الوضع بالنسبة إلي نيرون ودقلديانوس... وكل اباطرة الرومان الذين اضطهدوا المسيحية بكل عنف وقسوة، ومعهم ولاتهم الجبابرة أمثال اريانوس وإلي انصنا.. أولئك الذين افتنوا في وسائل تعذيب المسيحيين، وسجنهم وقتلهم. وكانوا يظنون أن تلك هى الطريقة المستقيمة،حفظا لديانتهم الوثنية من خطر عبادة الله الحى... قيافا رئيس الكهنة، ومعه مجمع السنهدريم، في إتهامهم للمسيح. وكانوا يرون ان تلك طريق تبدو مستقيمة، للتخلص من هذا المسيح الذي قالوا عنه إن الكل قد سار وراءه. وهكذا عقدوا مجمعًا وقالوا "ماذا نصنع؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. فإن تركناه هكذا، يؤمن الجميع به، فيأتي الرومان ويأخذون موضعنًا وأمتنًا!! وقال قيافا رئيس الكهنة في تلك السنة "خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة لها "!!(يو12: 47- 50). وبنفس الغيرة التي تبدو مستقيمة، القي دانيال في جب السود، والثلاثة فيتة في أتون النار (دا6:3). وبنفس الشعور تقريبًا صاح أهل أفسس في ثورة عارمة دفاعًا عن آلهتهم قائلين "عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين" (اع34:19). وامتلأت المدينة غضبًا. وأشكر أن يقتلوا القديس بولس الرسول في ذلك اليوم. إنها طريق تبدو لهم مستقيمة، تدفعهم إليها غيرة جاهلة! سليمان الحكيم في كثرة زيجاته ومتعه، كان يظنها طريقًا مستقيمة. وهكذا شرح كل متعة في سفر الجامعة (2: 4-10). وقال "عظمت عملي فعظمت وإزددت أكثر من جميع الذين كانوا قلبي في أورشليم. وبقيت أيضًا حكمتي معي. ومهما إشتهته عيناي لم أمسكه عنهما. لم أمنع قلبي من كل فرح".. واخيرًا أضاعته كل هذه المتع، واضاعته نساؤه، واملن قلبه وراء آلهة أخري. ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهه، كقلب داود أبيه" (1مل4:11). وأخيرًا عرف أن كل ذلك باطل وعاقبته طرق الموت....... العجيب ان كل إنسان تبدو طريقة جميلة في عينيه. فكره هو أحسن فكر، ورأيه هو أفضل رأي! وتصرفه هو أحكم تصرف! ويعارض كل رأي يخالفه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وكما قال الكتاب "كل طرق الإنسان نقية هي عيني نفسه. والله هو وازن الأرواح" (أم2:16). حتى الذي يعيش في الملاهي والخمر والمخدرات... يظن واهمًا أن سعادته في هذا اللهو، والسكر، وفي المخدرات التي تنقله إلي عالم آخر، وعاقبتها طرق الموت.. طريق تبدو أمامه مستقيمة تدفعه إليها الشهوة.. وربما بسببها يسرق ويحتال ويقتل، ليصل إلى هذه المتعة الجميلة في عينيه... حتي طوائف المبتدعين والهراطقة، يظنون طريقهم مستقيمة! وليسوا فقط يتمسكون بها بل ويدعون الناس إليها، ويحاورون من أجلها في إصرار أو في عناد شديد. ويحاربون الإيمان السليم في عنف وبكل الوسائل، ويستخدمون الكتاب المقدس في محاولة لإثبات هرطقاتهم.. طريق تبدو للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت.. يقول كل واحد: مذهبي احسن مذهب، وعقيدتي أصح عقيدة. والباقون مخطئون. التلميذ الذي يعيش في الأمتحان، ألا يجد طريقة مستقيمة؟! طريقة سهلة في الوصول إلي النجاح بأسهل السبل، بدون تعب ومشقة! بينما قد تؤدي به إلي الرفت، وعاقبتها طرق الموت..!! كذلك الإنسان الذي ينتقم ويتشفي، ولو بمؤامرات، تسأله، فيقول: لابد أن أنتصر مهما كان الأمر، وأكون أنا الأقوي. ويسمي تصرفه إنتصارًا.. إنها طريق تبدو مستقيمة. وقس علي ذلك أمثلة لا تحصي. أسباب 1) جائز الطريق تبدو مستقيمة، بسبب الجهل. او نتيجة التعليم الخاطئ، يقبله إنسان ساذج أو جاهل، فيظنه أنه الحق، ويتمسك به ويدافع عنه، وربما ثقة بمعلمه، أو لأنه لم يسمع كلامًا مقنعًا عكس هذا الكلام. فيبدو أمامه هذا الفكر مستقيمًا، ويعتنقه.. وعاقبته طرقة الموت. ولذلك قال الرب "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4). من أجل ذلك كانت التوعية السليمة لازمة في كل المجالات: في الدين، في الروحيات في العلم، في الإجتماع، في السرة، في كل مجال.. لتقديم الفكر السليم الروحي... بالتوعية أمكن لنا بنعمة الله إصلاح ما كان يحدث في (الموالد) وفي (المأتم) وأبطلت كثير من الأعمال الخاطئة، التي كان الناس قد تعودوها، وكانت تبدو لهم مستقيمة. 2) جائز تبدو الطريق مستقيمة، من أجل شهوة في القلب. وهذه الشهوة مسيطرة، ويمكنها أن تخضع العقل لها! حتى إنني قلت كثيرًا: ما اسهل أن يكون العقل خادمًا مطيعًا لرغبات النفس! وهكذا تعمل كل قواه العقلية في إثبات صحة ما يشتهيه وفائدته وشرعيته، ويبدو طريقة أمامه مستقيمة! كإنسان يجد سعادته في تطليق زوجته، يظل يبحث عن اسباب، ويقنع نفسه ويحاول ان يقنع غيره، بكافة الإثباتات، أن تطليق هذه الزوجة هي الطريق المستقيمة لأنها الحل الوحيد لساعدته وعاقبتها طريق الموت. ومثال ذلك أيضًا من يحب امرأة من غير دينه، ويتعلق قلبه بها، ويحب ان يتزوجها مهما ضحي، حتي بدينه! الشهوة دائمًا تعمي العقل عن الرؤية السليمة. 3) ممكن تصير كل طريق مستقيمة، إذا تحول العقل إلي الدهاء. إلي لمكر، إلي الحيلة، أو التحايل، الذي يستطيع أن يجد حلًا لكل مشكلة، وله مسالك كثيرة، ويجعل كل التصرفات تلبس ملابس بيضاء لاخطأ فيها.. والعجيب أن الناس قد يمتدحون هذا العقل في كل حيلة ويقولون "فلان ده جن "!! كما لو كان وصفه بالجن مديحًا!! وتبدو الطريق مستقمة... 4) قد يبدو الطريق مستقيمة، بتأثير الصحبة الشريرة. التي تقدم للعقل أساليب جديدة، وتبرر له كل مسلك خاطئ، بل قد تغير تفكيره تمامًا، وتعمل له ما يسميه البعض "غسل مخ" فيتغير، ويقبل ما كان يرفضه من قل، ويعتبره طريقًا مستقيًا... 5) من الجائز أن التعلق بالمادة والعالميات، يصور أمورًا كثيرة بأنها مستقيمة. هل تظنون ان التمسك بالروحيات، وعدم محبة العالم وما فيه، والزهد في الماديات. هل كل هذه تبدو عند الناس مستقيمة، كلا، طبعًا. بل يظنون العكس هو وضع السليم لأن المبادئ غير راسخة فيهم. يقول الرسول عن أمثال هؤلاء "الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلهتهم بطونهم، ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات" (في19:3). مع أن هذه الأرضيات، عاقبتها طرق الموت... بل إنهم ينتقدون الشخص الروحي، ويقولون عنه إنه إنسان مسكين، محروم من الدنيا. كما لو كانت الدنيا هي الهدف وهي الطريق المستقيمة. ولاشك أن هؤلاء يحاربون التكريس والطريق الروحي، ويلومون من يسيرون في هذا الاتجاه، لنهم في نظرهم مساكين لم يتمتعوا بالدنيا!! ولكي ينجو الإنسان من طرق الموت، لابد أن يرجع إلي الله ويعرف بطلان هذا العالم. هذه الحقيقة هي التي عرفها سليمان الحكيم، بعد أن تاه طويلًا في متع العالم، واكتشف أخيرًا أن كلها باطل وقبض الريح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
طرق تبدو مستقيمة وعاقبتها الضياع |
اما أن تبدو كما أنت وإما أن تكون كما تبدو. |
هناك طرق كثيرة كانت تبدو مستقيمة |
كل طرق الإنسان مستقيمة |
طرق الرب مستقيمة |