رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فمي ينطق بالحكمة وتلاوة (تأملات) قلبي فهمًا" [3]. يُقدم المرتل مثالًا حيًا للمعلمين، بل ولكل مسيحي، فبينما يتكلم فمه بالحكمة الإلهية التي ينالها كهبة من الله، وبجلوسه مع مريم أخت لعازر ومرثا عند قدميه يسمع له، إذ بقلبه يسبح في تأملات إلهية بفهم وإدراك ورحي. حكمته ليست خبرة إنسانية مجردة وإنما هبة الله الآب أب الأنوار (يع 1: 5) القادر أن يملأ العقل والقلب معًا بالحكمة والفهم، بل وتترجم الحكمية عمليًا في حيتهم اليومية، فلا ينطبق عليهم القول: "هذا الشعب قد اقترب إليّ بفمه وأكرمني بشفتيه وأما قلبه فأبعده عني" (إش 29: 13). يقول النبي: إن قصدي ليس المفاوضة بأمور دنيوية بل بالتكلم بالحكمة. ليس بكلام مرتجل خاص برأيي، ومُستنبط من قريحتي، وإنما هو كلام قد دبرته في قلبي بفهم حسب ما سمعت بإلهام الروح القدس وذلك لما أملت أذني الروحية ليه، فأستعرض أمثالي بالمزمار ليسهل على السامعين تذكرها... يقول الرسول الإلهي في الفصل العاشر من الرسالة إلى أهل رومية: "لأن القلب يُؤمَن به للبر، والفم يُعترف به للخلاص" (رو 10: 10), فاذا فعل الأمرين (الشهادة بالقلب واللسان) يصنع كمال الصلاح. فإن لم يكن الصلاح مُذخرًا في القلب مُسبقًا كيف ينطق الفم بما هو مُذخر؟! وإن كان الإنسان جادًا في قلبه ولا يبرزه بفمه فأي نفع بما هو مذخر وخفي؟! فمن اللازم أن يهذّ القلب بالفهم نفعًا لمن يهذّ به، وبالفم لنفع الغير، لهذا يقول النبي يلهج بالقلب ويتكلم بالفم. الأب أنثيموس أسقف أورشليم إذ يفتح المرتل فكره وقلبه ليتقبل حكمة الله، تميل أذنه الروحية إلى أمثال الرب، وتتهلل أعماقه بها فينشدها بفرح كما بمزمار. هذه صورة جميلة للتلاميذ الذين كانوا يَختلون بالسيد المسيح ليشرح لهم الأمثال ويلهب قلبهم بحب ملكوته. |
|