رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع المسيح شمس الفصح
16: 1- 8 في صباح الأحد، عند طلوع الصبح، جاءت النسوة. النساء خائفات، النساء "منخطفات". وهذا الانخطاف هو "خروج من الذات"، إضطراب وصوت آتٍ من مكان آخر. هربت النسوة كما هرب التلاميذ (ع 1: 50). غريب خبر القيامة هذا. كيف ينتهي دون أن يعطينا جواباً؟ أو بالأحرى هناك جواب خاص. ونتساءل: كيف انتشر الخبر إن كانت النساء "لم يقلن شيئاً لأحد". وجاءت آ 9- 20 فروت ما بقي من أحداث. ولكن هل ظلّت النسوة على صمتهن؟ لا. فبعد الخوف الأول، نتساءل: ممّ خفن، ولماذا خفن؟ قد يُتّهمن بأنّهن تعدّين على القبر! ولكنهن أعلنّ: لا نستطيع أن ندحرج الحجر. مهما يكن من أمر، إن صمت مرقس يرتبط بالسر المسيحاني الذي يتوزّع إنجيله كله. ولكن لنعُد إلى القبر. لماذا اهتمّت النسوة بالمسألة؟ إن هذا اللاوعي الظاهر يبرز حماسهنّ واستعدادهن بأن يكنّ بجانب هذا المحكوم عليه بالموت مهما كلّفهن ذلك من خطر. إذن، لسن خائفات بطبعهن. فزعهن هو خوف مقدّس، وتمتهن هو صمت أمام الأمور التي لا نقدر أن نعبرّ عنها. لا شك في أن الخوف هو جزء من الحياة (مع الخلق والموت). ولكن الحياة هي أيضاً ما يتجاوزنا من كل جانب. وهي تلعب علينا لعبتها. الحياة هي ما يُدهشنا دوماً. وهي قوية بحيث إن الأحداث تكاد تجرفنا. ثم إننا نلاحظ أن الله يؤمّن له كوى وفتحات: ما كان يسوع محتاجاً بأن يدحرج الحجر ليخرج من القبر. كان باستطاعته أن يمرّ عبر الجدران. إذا كان القبر قد فُتح، فقد فُتح لأجلنا. وهناك ذاك الشاب بثوبه الأبيض. إنه يتكلّم وهو واثق من نفسه. وما يقوله أمرٌ طبيعي بحيث لا يبقى مجال للتردّد. ولكن هنا تكمن المسألة: ليس هو هنا؛ تمنّت النسوة أن يكون هنا. كم نحب أن يكون "ميتنا" معنا! من يتخيّل الميت حرّاً يتنقّل كما يشاء! إذن، لا بدّ من الانطلاق وحمل الرسالة (البلاغ). فالقيامة هي قبل كل شيء خبر نبلّغه إلى الآخرين. هناك أشخاص يودّون أن يعرفوا كيف جرت الأمور. لا يقول النص شيئاً. إنه يقدّم لنا فقط فعل إيمان: "لقد قام". فلا صورة لنا إلاّ قبر فارغ وكلمة "إلهيّة". وعاد المسيح إلى "حبّه الأول" إلى الجليل حيث بدأ ذاك الربيع الذي ألهب حماس الجموع. وهناك سيبدأ كل شيء من جديد. لا نقول إن التاريخ هو بداية تتكرّر دائماً! فليس هناك إلاّ بداية واحدة: في البدء كان الكلمة. وانطلقت من الجليل كلمات الحياة، كلمات قدرة الله. وهذا البدء لا شيء يمحوه. إنه كالخلق أو العماد، ذاك الخلق الجديد. والقيامة هي النتيجة المنطقية لهذا البدء وهي أيضاً سببه. كان بطرس السبب الأول لإعلان هذه القيامة (8: 31). سيكون أول من يصل إليه "البلاغ" وسيكون أول الشهود. فلا يحق له أن يسكت. لماذا تطلبن الحي بين الموتى؟ ليس هو هنا! ليس هنا في قبوركم حيث تُدفن موتاكم وآراؤكم وأحلامكم. لقد أمّن يسوع فتحة نور في أعماق طرقكم المسدودة. المسيح حيّ. والموت قُهر. للأرض مستقبل وللتاريخ معنى، والإنسان خالد هو. المسيح هو حي. لماذا لا نعلن هذا الخبر السار الذي يتفجّر كنار من الفرح في تلك الليلة السعيدة؟ إنه يُنير ظلماتنا. المسيح هي حيّ. لقد تصالح آدم وتألّه. ليلة فريدة فيها تقبّل الخالق ابنه الحيّ، رأى أن كل شيء حسن جداً. وكان مساء، مساء الإنسان الذي يدير ظهره للحياة (ليرفضها، ليقول: لا). وكان صباح، صباح الإنسان الحي الذي يقول: نعم. في هذه الليلة الفصحية، مدّ الله يد رحمته فابتُلعت جيوش الظلمة والشر والظلم. في هذه الليلة الفصحية، أنهى الإنسان المتنقّل مسيرته ووجد أرض الموعد. وعبَر شعبٌ كبير مياه الخطيئة والموت على خطى المسيح، موسى الجديد. في يوم الفصح هذا، قام شعب العهد الجديد، شعب من الشهود، من حاملي المسيح (هذا هو معنى كرستوف). حملوا النور في آنية من خزف وأعلنوا: "إن يسوع هذا قد أقامه الله، ونحن شهود على ذلك" (أع 2: 31). في يوم الفصح هذا، إختبر رجال ونساء أن المسيح هو فيما بينهم. في يوم الفصح هذا وُلدت الكنيسة. المسيح هو حيّ، وهو يسبقنا في كل أرض، على مفترق الامم وفي ملتقى حضارات البشر وحواراتهم. "هناك تكتشفون حضوره الجديد". لهذا، أنا أؤمن بقيامة المسيح حين أرى حولي أناساً يقومون على الظلم والعنف والأنانية. أؤمن بقيامة المسيح حين أرى الشعوب المسحوقة تقوم بوجه قوى الكذب والبغض. أؤمن بقيامة المسيح حين أرى الجماعات المسيحية تستنبط طرقاً تجعل الجميع يحسّون بالغفران والمحبة، يحسّون أنهم من أهل البيت. أؤمن بقيامة المسيح حين أرى أخوة وأخوات يجعلون الحياة تقوم حولهم... لا حتمية ولا تشاؤم، بل إنطلاق في بدء جديد، بدأه يسوع يوم أحد القيامة ونتابعه نحن حتى انقضاء العالم. المسيح قام، حقاً قام. لماذا نبحث عن الموت حيث الحياة؟ لماذا نبكي ونتأفّف دوماً حين يكون المستقبل أمامنا نداء يطلقه يسوع إلينا؟ هو سبقنا إلى الجليل، إلى حيث تبدأ الرسالة. لنذهب إلى لقائه. وسينتهي العالم ولن ننتهي من العمل معه في إعلان كلمة الحياة |
|