رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"أنتم من أسفل وأما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، وأما أنا فلست من هذا العالم" (يو 8: 23). كأنه يؤكد لنا أننا غير قادرين بذواتنا أن نرتفع إليه لنلتقي معه على سحاب السماء، لكنه هو من فوق يقدر أن يضمنا إليه، فيجعلنا حاملين سمته: "لست من هذا العالم". به ترتفع قلوبنا التي تصير ليست من هذا العالم، أي تحمل سمته، فتدخل معه في شركة أمجاده. لعله أيضًا أراد أن يعلن بعلامات المنتهى المرة أنه سمح بها لكي يدفعنا دفعًا إلى الانطلاق من هذا العالم، أي نخلع عنا محبة الزمنيات، ونترك سمتنا أننا من هذا العالم، فنقدر أن نلتقي مع ذاك الذي ليس من هذا العالم. حقًا إن العلامات التي قدمها لتلاميذه مرهبة جدًا، لكن إشعياء النبي يقول: "لولا أن رب الجنود أبقى بنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" (إش 1: 9). وكأن التلاميذ هم البقية الصغيرة التي تعجز عن الخلاص بذاتها لكن مراحم رب الجنود تترفق بها. بمعنى آخر ملكوته السماوي قد أُعد للبقية الصغيرة التي يهتم الله نفسه بها، إذ يقول: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت" (لو 12: 32). هكذا أبرزت القراءات اهتمام الله نفسه بتقديم الملكوت. ولعل سرد السيد المسيح لتلاميذه علامات مجيئه بما تحمله من مرارة إنما ليعلن لهم أنه يعرف أن الطريق ضيق للغاية وكرب، لكنه في يديه، أو هم في قبضة يده يحفظهم حتى يجتاز بهم وينطلق بهم إليه. |
|