رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقاييس الفضيلة: التعرف، الهدف، والوسيلة ما هو العمل الفاضل؟ هل هو مجرد مسميات أو عناوين؟ كأن نقول: الصلاة، الصوم، الخدمة، العطاء.. أم أن هناك مقاييس، نستطيع بها أن نصف العمل بأنه فاضل. هناك ثلاثة مقاييس لكل فضيلة، وهي: التعرف، الهدف، والوسيلة. وسنحاول أن نطبق هذه المقاييس الثلاثة لكي نختبر الفضائل هل هي حقيقة أم زائفة. الصلاةندخل أولا في التعريف، ونقول: ما هي الصلاة؟ هل هي حديث مع الله، أم هي مجرد تلاوات؟ والتلاوات كيف تؤدي؟ ما مقاييس الشعور فيها؟ وما مقياس الفهم، وما مدي الصلة بالله؟ وإن كانت حديثا مع الله،، فمن هو الله الذي نحدثه؟ الله الذي تقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة، الله الخالق، غير المحدود ملك الملوك ورب الأرباب.. بأي خشوع نحدثه، وبأية هيبة وإجلال.. هذا الذي قال له إبراهيم أبو الآباء "عزمت أن أكلم المولي، وأنا تراب ورماد" (تك18). وإن كان الله هو الأب الحنون الذي يقول له داود النبي "اشتاقت نفسي إليك يا الله، كما تشتاق الأرض العطشانة إلي الماء (مز1:63). فبأي حب نتحدث معه؟ أم الصلاة هي شعور بمتعة روحية للوجود في حضرة الله؟ إذن هي ليست مجرد كلام، بل هي متعة روحية. وهنا يكون الهدف من الصلاة هو التمتع بالله، وليس مجرد أي طلب خاص. بل الطلب هو الله نفسه. كما قال داود النبي في مزاميره "طلبت وجهك ولوجهك يا رب التمس. لا تحجب وجهك عني" (مز8:26).. إن الصلاة ليست مجرد واجب تؤديه. بحيث تعتذر لله أحيانا وأنت تقول آسف "لست أجد وقتًا للصلاة"، ولكنك تقول عمليًا "لست أجد متعة في الصلاة". إن الصلاة ليست فرضًا عليك، وليست مجرد الاستجابة لجدول روحي تملأه، حتى لا يتعبك ضميرك.. واعلم تمامًا أنك المحتاج إلي الصلاة، علي الأقل لتشعر بوجود قوة علي جوارك تسندك وعينك.. وإنك محتاج إلي الله.. الصلاة هي شركة مع الملائكة الذين يسبحون الله. وهي جسر يربط الأرض بالسماء، ويربطك أنت بالسمائيين. والصلاة هي مصدر للشبع الروحي. كما يقول المرتل في المزمور "باسمك ارفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحن ودسم" (مز5:62). هي غذاء للروح، وكما أن الجسد يتغذى بأنواع كثيرة من الأطعمة، كذلك الصلاة هي من الأغذية الأساسية للروح. إذن لابد أن نعرف ما هي الصلاة، حتى تعرف كيف نصلي. تعرف أن تصلي بحب، وتصلي بفهم، وبإيمان: بشعور بالوجود في حضرة الله وتكون صلاتك أيضا بفرح، فرح التمتع بالله في الصلاة.. وإن صليت بعاطفة، وانسكبت دموعك في الصلاة، فلا تنشغل بالدموع وتفرح بها أكثر من الله الذي تحدثه، لأن الدموع ليست هي الهدف من الصلاة.. وإن كانت الصلاة ناتجة عن محبتك لله الذي تتحدث إليه،إذن أحرص علي هذه المحبة. ولا ترتكب خطايا تبعدك عن الله، وتفقدك الدالة في صلاتك. ولا تجعل صلاتك مثل التي لا تصل إلي الله الذي قال للشعب الخاطئ "حين تبسطون أيديكم، استر وجهي عنكم. وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملآنة دما" (أش15:1). إذن نقاوة القلب هي أحدي وسائل الصلاة، التي نقترب بها إلي الله. الصوم ننتقل إلي نقطة أخري، وهي الصوم. هل هو مجرد قهر الجسد، وعدم إعطائه ما يشتهيه من طعام، أم أن ضبط الجسد، هو مجرد وسيلة لضبط النفس، وضبط الفكر، وضبط الحواس؟ وضبط الإرادة عن كل خطأ. وهنا تسأل نفسك عن تعريف الصوم. هل الصوم هو مجرد صوم الجسد، أم أيضا صوم الفكر واللسان وصوم النفس؟. هل الصوم هو حالة جسد ممتنع عن الطعام، أم حالة نفس زاهدة في الطعام، كجزء من زهدها في المادة عمومًا؟ هل أنت في الصوم تمتنع عن طعام تشتهيه، أم وصلت إلي المستوي الذي لا تشتهي فيه طعامًا؟ أهو تدريب للارتفاع عن الشهوة المادية بصفة عامة؟ هنا نبتدئ أن نفهم ما هو الصوم. هل الصوم إذن إسكات للجسد، لكي تتلكم الروح؟ أهو إخضاع للجسد، لتأخذ الروح حريتها وفرضتها؟ هل هو عدم إعطاء الجسد ما يشتهي، لكي يرتقي بأن يشتهي ما تشتهيه الروح ويسير في طريقها؟ افهم ما هو الصوم. كثير من الناس يصومون ولا يستفيدون روحيًا، لأنهم لم يفهموا ما هو الصوم ولم يصوموه بطريقة روحية. أنت في الصوم تقول: أنا يا رب لا أريد أن أشتهي شيئًا ماديًا ولكن لأن جسدي يحتاج بين الحين والحين أن يأكل، لكي يظل حيًا، ويشترك مع الروح في عملها الإلهي.. لذلك أنا بين الحين والحين أعطيه ما يأكل، ولكن لا يكون الأكل بالنسبة إليه هدفًا.. وإنما الهدف هو شركته مع الروح في الإتحاد بك. لذلك أنا أعطي الجسد ما يحتاجه لا ما يشتهيه.. فهل نحن نصوم بهذا الهدف وبهذا الأسلوب؟ العطاء ما هو العطاء؟ هل هو صدقة من غني لفقير. هل تشعر أنك أنت تعطي؟ وأنك تعطي المحتاج من مالك؟ كلا يا أخي، ليس الأمر هكذا ولن تستفيد من عطاء بهذا الشعور.. فالمعطي هو الله، وأنت مجرد وكيل علي ماله. فالمال هو مال الله. هو الذي أعطاك إياه، لكي تعطي منه لهؤلاء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وأنت إن لم تعط لهؤلاء حقهم، يكون المال الذي احتجزته هو مال ظلم، لأنك ظلمت مستحقيه.. بهذا المعني، إذا أعطيت لا تفتخر. لأنك لم تعط من مالك شيئا، وإنما من حقوق الله عليك.. ولكنك ربما تقول "مجرد الرغبة في إعطاء الفقير هي فضيلة "هذا حق، ولكن تذكر أن الله هو الذي وهبك هذه الرغبة في أن تعطي وفي أن تطيع، لأن الله -كما قال الرسول- "هو العالم فيكم أن تريدوا وأن تعلموا لأجل المسرة" (في13:2). الله هو الذي أعطاك المال وهو الذي أعطاك الرغبة في العطاء. ففيم الفخر إذن؟! النقطة التالية في فهم العطاء هي: من هم أولئك الذين تعطيهم؟ أنت تعطي أولئك الذين سماهم السيد الرب أخوته فقال: "مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم" (مت40:25). لذلك يسميهم الكثيرون "أخوة الرب".. أعرف إذن جيدا أن هؤلاء ليسوا هو الشحاذون أو المتسولون أو الفقراء المعوزين، وإنما هم أخوة الرب. إذن عاملهم علي اعتبار أنهم أخوة الرب، بمحبة واحترام. عاملهم بلطف، بغير إذلال. ولا تتكلم معهم بانتهار، أو من فوق. لا تتعال عليهم. ولا تشعرهم بأنك تعطيهم، وإنما أنت مجرد موصل لعطاء الله لهم. وكن في عطائك كمن يعطي المسيح نفسه. لأنه قال عن الفقراء "كنت جوعانا فأطعمتموني. كنت عطشانا فسقيتموني. كنت عريانا فكسوتموني" (مت25: 35، 36). أعرف أيضا أن العطاء هو شركة حب مع المحتاجين. إذن ليكن عطاؤك بحب. حاول أن تعرف مقدار احتياج الفقير، لكي تسد حاجته، ليس بطريقه جزئيه، بل بطريقه كاملة تحل أشكاله. وتجعله يخرج من عندك مستريحا. فالعطاء ليس مجرد دفع صدقة مع ترك الفقير محتاجا. وان لم تستطع. فحاول أن تشرك معك الآخرين لسداد حاجه المحتاج. وفى نطاق محبتك للمحتاجين: تذكر قول الكتاب "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقه يدك أن تفعله. لا تقل لصاحبك اذهب وعد فأعطيك غدًا، وموجود عندك" (أم 3: 27،28). وأنصت أيضا إلى قول الكتاب "من يسد آذنيه عن صراخ المسكين،يصرخ هو أيضا ولا يستجاب" (ام13:21). نبدأ أولا بتعريف الخدمة: ما هي؟ الخدمة الخدمة ليست مجرد نشاط في الكنيسة. سواء كان هذا في مدارس الأحد، أو في الخدمة الاجتماعية، أو العمل الإداري أو المالي في الكنيسة. وليست هي مجرد تدريس أو وعظ أ وتقديم معلومات. الخدمة هي روح تفيض من إنسان إلى أخر. سواء كان هذا في مدارس الأحد، أو في الخدمة الاجتماعية، أو العمل الإداري أو المالي في الكنيسة. وليست هي مجرد تدريس أو وعظ أو تقديم معلومات. الخدمة هي روح تفيض من إنسان إلى آخر. أو هي قدوة تقدم من شخص لآخر، أو هي عبارة روحية تنتقل من خلال العمل الكنسي. المعلومات هي مجرد وسيلة، ولكن الهدف الحقيقي هو خلاص النفس. كما قال القديس يعقوب الرسول "من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا (يعقوب 20:5). أو كما يقول القديس بطرس الرسول "نائلين غاية إيمانكم: خلاص النفوس" (1بط 9:1). إذن هدف الخدمة هو خلاص النفس، وهو بناء الملكوت. وكل وسائط الخدمة، ينبغي أن تتجه نحو هذا الهدف. وطبيعي أنك لا تستطيع أن تعمل في بناء الملكوت وحدك، بل بشركة مع الله. لأنه "إن لم يبن الرب البيت، فباطلا تعب البناءون" (مز 1:126). وقد قال السيد الرب "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئا" (يو5:15). أذن الخدمة هي شركة مع الله في العمل. كما قال القديس بولس الرسول عن نفسه وزميله أبلوس "نحن عاملان مع الله" (1كو9:3). فكر إذن:هل أنت تعمل مع الله، أم تعمل وحدك؟ وعليك أن تبدأ بأن تعمل مع الله، تشرك الله معك، كما نقول للرب في الاوشية "اشترك في العمل مع عبيدك في كل عمل صالح". وان كانت الخدمة هي عمل الله فيك وبك ومعك، إذن لابد أن تبدأ بالامتلاء من الله. لأن هذه هي الوسيلة التي توصلك ألي هدفك من الخدمة. وهكذا قال الرسول "امتلئوا بالروح" (أف18:5). امتلئوا، لكي تفيضوا علي غيركم.. هذه وسيلة أساسية، ومنها تنبع وسيلة اخري وهي: لكي تسعي لخلاص الناس، ينبغي أن تحبهم. تحب الناس فتريد لهم أن يحبوا الله، كما أحببته أنت، وأن يذوقوا ما أطيب الرب كما ذقته أنت. وبهذا الحب تعرفهم طريق الرب وتعرفهم إسمه. وليتك في ذلك تذكر قول السيد المسيح في حديثه مع الآب عن تلاميذه، إذ قال "عرفتهم إسمك، وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم" (يو 26:17) الخدمة أذن هي رسالة حب. هذا هو تعريفها. وما دام الله هو العامل في الخدمة، أذن فالصلاة هي من أهم وسائل الخدمة. ليست الخدمة هي مجرد تعبك وسعيك ووعظك وتعليمك، أنما لكي يأتي كل هذا بثمر، ينبغي أن تسكب نفسك أمام الله في الصلاة، لكي تعطي الكلمة النافعة كما قال بولس الرسول "صلوا لأجلي لكي أعطي كلاما عند افتتاح فمي، لأبشر جهارا بسر الإنجيل" (أف 19:6). إن كان القديس بولس يطلب هذا، فكم بالأولي نحن عليك أيضا أن تصلي، لكي يعطي الله قوة للكلمة، فتدخل إلي قلوب الناس، وتحدث تأثيرها، وتأتي بثمر. لا تسقط علي أرض محجرة، ولا علي شوك، ولا تخطفها الطيور (مت13). وإن كانت الخدمة لبناء الملكوت، فلا تكن إذن لبناء الخادم. فكثير من الخدام يهدفون إلي بناء أنفسهم، وتدخل الذات في خدمتهم، مثلما وبخ الرب الرعاة الذين يرعون أنفسهم (خر34: 8،9). ولذلك في خدمتك، رتل أيضا المزمور "ليس لنا يا رب لنا، لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز1:115). وأسلك في خدمتك باتضاع، كخادم. لأن كثيرون يخدمون، وينسون أنهم خدام، وفي ذلك ما أجمل صلاة القديس أوغسطينوس من أجل رعيته، إذ يقول: "أذكر يا رب سادتي عبيدك.." الكلام ما أكثر الذين يحبون الصمت، ويرون أنه فضيلة، ويحترسون من الكلام. فهل كل كلام خطية، وهل كل صمت فضيلة. هنا لابد أن ندرك تعريف الصمت وتعرف الكلام، وعلاقتهما بالفضيلة.. قال القديس برصنوفيوس لما سئل عن هذا الأمر: الصمت من أجل الله جيد، والكلام من أجل الله جيد. من أجلك يا رب نصمت، ومن أجلك نتكلم. نصمت لكي نعطي أنفسنا فرصة للصلاة وللتأمل، والبعد عن أخطاء الكلام. ولكننا نتكلم حينما تكون كلمتنا: كلمة منفعة، أو كلمة تعزية، أو كلمة نصح أو تحذير، أو شهادة لك ولملكوتك. كما قال الحكيم "فم الصديق ينبوع حياة" (أم11:10). وحينما يكون الكلام فضيلة لأزمة، حينئذ ندان علي صمتنا. المهم أن تمجيد الله بكلامنا، ويتمجد بصمتنا. ولنعرف ان الكلام ليس هو طاقة مختزنة فينا من الألفاظ، تريد أن تخرج منا إلي آذان الناس، ولا بغير هدف، ول كانت طاقة مدمرة لسلام الآخرين وروحياتهم!! في هذه الحالة يكون صمتك أفضل، إلي أن يعطيك الرب كلمة تقولها، كما قال المرتل في المزمور الخمسين "افتح يا رب شفتي، فيخبر فمي بتسبيحك: والذين يتكلمون بهذا الأسلوب، ينطبق عليهم قول الرب "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم هو المتكلم فيكم" (مت20:10). فهل الكلام عندك من هذا النوع؟! وهل الصمت عندك للصلاة والتأمل؟ أم أنت تصمت، وفي نفس الوقت أفكارًا خاطئة!! كذلك إن تكلمت عن الحق، تكلم بأسلوب حقاني.. المعرفة ما هي المعرفة الصحيح؟ أليست هي مجرد معلومات. إنما المعرفة الحقة، هي المعرفة التي تبنيك، وتبني غيرك عن طريقك. إن كان الأمر هكذا فتكون الوسيلة هي أن تدقق فيها ينبغي لك أن تعرفه. ولا تفعل مثل الإنسان الأول الذي أكل من شجرة المعرفة، فصار جاهلًا، إذ بدأ يعرف الشر أيضًا، هذا الذي قال عنه الحكيم: "الذي يزيد علمًا يزيد حزنًا" (جا18:1). يقصد معرفة قد تعقد العقل، أو تجلب الشك، أو تكشف طريق الخطية، أو تسبب لونًا من الكبرياء، كما قال الرسول "العلم ينفخ" (1كو1:8). المعرفة الروحية، هي معرفة الله، وعرفة طرقه. كما قال السيد المسيح فت تأملاته مع الله الآب "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو13:17). كذلك يقول المرتل في المزمور "عرفني يا رب طرقك، فهمني سبلك". هناك معرف أخري مفيدة جدًا. وهي أن تعرف نفسك، وتعرف ضعفك، فتتضع، وتعرف حروبك فتجاهد لتنتصر. وتعرف حيل الشياطين فتبعد عنها. وتعرف الحق، والحق يحررك.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة Monday, 26 October 2009 |
الهدف والوسيلة |
حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة |
حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة |
الهدف والوسيلة |