27 - 03 - 2023, 05:24 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
فَقُلْتَ: كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ؟
هَلْ مِنْ وَرَاءِ الضَّبَابِ يَقْضِي؟ [13]
لعل أليفاز يرى أن أيوب يدرك أن الله في أعالي السماوات، ولكن عوض تقديم المهابة اللائقة به استخف به، لأنه في الأعالي لا يستطيع أن يرى من وراء الضباب، ولا يشغل نفسه بما يدور بين البشر على الأرض.
يعلق البابا غريغوريوس (الكبير) على هذه العبارة موضحًا الحقائق التالية:
أ. حقًا الله كائن في السماوات، وكأنه محتجب عن البشرية من وراء الضباب الذي لا يعطي للعيون البشرية أن تعاينه.
ب. هو بكامله حاضر شخصيًا مع كل أحدٍ، وبكامله حاضر مع الجماعة. فحضوره بالكامل مع الأشخاص لا ينفي حضوره بالكامل مع الجميع.
ج. سماوات الله في الأعالي، ومع هذا فبعنايته الإلهية مهتم بكل إنسانٍ على الأرض.
د. يبدو الله كمن يفارق الذين يخطئون، ليس لأنه غير حاضر في موضعٍ ما، إذ ليس من موضعٍ ليس فيه الله، لكنه يفارق الأشرار المصرِّين على شرورهم، بمعنى تفارقهم نعمته، فلا يجدون عونًا إلهيًا يسندهم، لأنه لا يعمل بدون رضانا. فهو غائب من جهة تقديم العون للرافضين عمله فيهم، لكنه حاضر بالنسبة لهم بإدانتهم، خاصة في يوم الرب العظيم.
ه. الله حاضر بكامله في العلويات، وبكامله على الأرض في السفليات. حضوره على الأرض لا يعني مفارقته للعلويات.
و. الله مخفي بالنسبة للبشر حيث لا يستطيعون رؤيته بالأعين الجسمية، لكنه منظور خلال أعماله الإلهية الفائقة. لا يُدرك بالبصر العادي، لكنه يُلمس خلال أعماله وأحكامه.
ز. الله الذي لا يُدرك بالحواس الجسمانية يتنازل لكي يدركه البشر بإشراقاته في أذهاننا، لكن مع كل ما نتمتع به نُحسب كمن هم عاجزون عن إدراكه كما هو.
* "هل تحسبون الله في أعالي السماء، أعلى من علو الكواكب؟ وأنتم تقولون: كيف يعرف الله؟" [12-13] كثيرون جدًا أغبياء هكذا حتى إنهم لا يقدرون أن يخشوا شيئًا سوى ما يرونه بطريقة ملموسة. فهم لا يخشون الله، لأنهم لا يقدرون أن يروه...
إنه بالحق، كلي القدرة على الدوام... هو حاضر بالنسبة لكل واحدٍ شخصيًا، حاضر بطريقة ما لكل أحدٍ حتى إن حضوره لا يكون ناقصًا للكل معًا.
فإنه وإن كان يترك الأشخاص عندما يخطئون، لكنه هو حاضر بالنسبة لذات الأشخاص بالنسبة للدينونة، وإن كان يُرى كأنه غير حاضر بالنسبة لمساندتهم.
هكذا هو يُحيط ما هو من الخارج ويملأ ما هو بالداخل... يدير العلويات فوق دون أن يهمل الأعماق أسفل. حاضر بطريقة ما في الأجزاء السفلية دون أن يفارق العلويات.
إنه مخفي بطريقة ما بالنسبة لمظهره لكنه يبقى معروفًا خلال أعماله، وهو معروف في عمله، ومع ذلك يبقى غير ممكن إدراكه بحسابات من يعرفه. إنه هكذا بطريقة ما حاضر، لكنه يبقى غير ممكن رؤيته. بطريقة ما يستحيل رؤيته غير أن أحكامه تبقى شاهدة على حضوره. يُخضع نفسه لكي يُدرك بواسطتنا، ويبقى شعاع إدراكه لذاته ملبدًا بالغيوم. مرة أخرى إذ نُمسك بظلام الجهل يبقى مشرقًا في ذهننا بأشعة بهائه.
البابا غريغوريوس (الكبير) * "لكلماتي أصغِ يا رب" (مز 5: 1). إذ تدعو (الكنيسة) الرب، الذي هو معينها، تعبر هذا العالم الشرير وتبلغ إليه. "تفهم صراخي" (مز 5: 1)؛ يظهر المرتل حسنًا أن هذا الصراخ هو من الداخل من حجال القلب، دون نطق جسماني، يبلغ إلى الله، لأن الصوت الجسماني يُسمع، وأما الروحي فيُفهم. فإن هذا هو سماع الله، لا بأذنٍ جسمية، وإنما بكونه حاضر في كل مكان بعظمته.
|