رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماهية قدرة التحمل والأستيعاب لمعرفة...الله
ماهية قدرة التحمل والأستيعاب الله في بداية ظهور الشيوعية ظهر في إيطاليا زعيم شيوعي ملحد اسمه «تولياتي»... كان يجهر بإلحاده ويفتخر بإنكاره لوجود الله. ذات يوم قرر «تولياتي» وجماعة من أصدقائه، أن يصعدوا إلى قمة جبل... واصل «تولياتي» الصعود حتى تعب وتصبب عرقه... وعندئذ جلس على صخرة في المكان الذي وصل إليه وهتف قائلاً: «يا الله ساعدني». سمعه صديق يعرفه... ويعرف إنكاره لوجود لله... فسأله متعجباً: هل تؤمن بوجود الله يا «تولياتي»؟ وهنا نظر الزعيم الشيوعي إلى صديقه بابتسامة باهتة وقال: «أيها الأحمق... حين يصل الإنسان إلى لحظة يدرك فيها ضعفه وعجزه.. يحتاج إلى إله قوي يسنده». الحاجة إلى الله أمر لا يمكن إنكاره.. كما قال أوغسطينوس: «يا الله أنت خلقتنا لذاتك ولا يمكن أن تستريح نفوسنا إلا فيك»... «الله» تبارك اسمه، وجل جلاله وتعالت قدرته، وتسامت حكمته، وعظمت محبته. والحديث عن الله ينبغي أن يكون بكل هيبة، وخشوع، وحرص... ذلك لأنه ليس في قدرة الإنسان أن يضع الله جل وعلا في مخبار مدرج ليعرف كميته.. أو أن يضعه في بوتقة اختبار ليعرف نوعيته، لأن الله تعالت قدرته لا يخضع للكم والكيف... 1- فهو «غير المحدود» الذي لا يمكن أن يحتويه عقل الإنسان «المحدود»... 2-وهو «القادر» الذي لا يستطيع الإنسان الضعيف إدراك عظمة قدرته... 3-وهو «الحكيم» الذي فاقت حكمته في عمقها وعلوها كل حكمة الإنسان. 4-وهو «المحب» الذي فاق حبه كل حب وغمر بحبه كل سكان الأرض. لهذا كله يظهر عجز العقل الإنساني عن إدراك حقيقة الله.. ومن هنا يتحتم على الإنسان أن يقر بعجزه، وأن يطلب من الله بتواضع تام أن يأخذ بيده ويهديه إلى معرفته. أدرك «موسى» النبي عجزه عن معرفة الله المعرفة الحقيقية... مع أنه سمع صوته تبارك اسمه... ولبى دعوته.. لذلك رفع إليه صلاته: •«ٱلآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ» (خروج ٣٣: ١٣). فبدون هداية الله يظل الإنسان في تخبطه... ويصنع لنفسه آلهة بحسب تصوره.. ويضل ضلالاً بعيداً. لهذا قال الله تبارك اسمه: •«لاَ يَفْتَخِرَنَّ ٱلْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ ٱلْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ ٱلْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. بَلْ بِهٰذَا لِيَفْتَخِرَنَّ ٱلْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلاً فِي ٱلأَرْضِ، لأَنِّي بِهٰذِهِ أُسَرُّ يَقُولُ ٱلرَّبّ» (إرميا ٩: ٢٣ و٢٤) وصلاتي التي أرفعها إلى الله تبارك وتعالى من قلبي.. أن يستخدم الله بنعمته لإنارة أعيننا وفهمنا لمعرفته. فقد قال سليمان الملك الحكيم بالوحي الإلهي: «بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ ٱلْقُدُّوسِ فَهْمٌ» (أمثال ٩: ١٠). الله سر الأسرار الله العلي المرتفع... الأزلي الأبدي... الذي وسع كرسيه السموات والأرض... ووسع كل شيء علماً... الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.. هو سر الأسرار. وجوده الأزلي سر ذاته العلية سر صفاته الإلهية سر قدرته اللانهائية سر حكمته العالية سر محبته الفائقة سر وحين يريد الإنسان البشري أن يعرف بمجرد عقله.. وجود الله.. وذاته.. وقدرته.. وحكمته.. ومحبته.. يصاب بدوار.. فالعقل الإنساني يعجز تماماً عن فهم، واحتواء ذات الله. تحدث أيوب، وهو نبي قديم عاش قبل موسى إلى أصدقائه «أليفاز التيماني» و «بلدد الشوحي» و «صوفر النعماتي».. فوصف الله بهذه الكلمات: •«هُوَ حَكِيمُ ٱلْقَلْبِ وَشَدِيدُ ٱلْقُوَّةِ. مَنْ تَصَلَّبَ عَلَيْهِ فَسَلِمَ؟ ٱلْمُزَحْزِحُ ٱلْجِبَالَ وَلاَ تَعْلَمُ. ٱلَّذِي يَقْلِبُهَا فِي غَضَبِهِ، ٱلْمُزَعْزِعُ ٱلأَرْضَ مِنْ مَقَرِّهَا فَتَتَزَلْزَلُ أَعْمِدَتُهَا، ٱلآمِرُ ٱلشَّمْسَ فَلاَ تُشْرِقُ وَيَخْتِمُ عَلَى ٱلنُّجُومِ. ٱلْبَاسِطُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَحْدَهُ وَٱلْمَاشِي عَلَى أَعَالِي ٱلْبَحْرِ. صَانِعُ ٱلنَّعْشِ وَٱلْجَبَّارِ وَٱلثُّرَيَّا وَمَخَادِعِ ٱلْجَنُوبِ. فَاعِلُ عَظَائِمَ لاَ تُفْحَصُ وَعَجَائِبَ لاَ تُعَدُّ» (أيوب ٩: ٤ - ١٠). والنعش والجبار والثريا... كلها نجوم مصنوعة وموضوعة في الفلك بنظام عجيب. وقال «صوفر النعماتي» في رده على أيوب: •«أَإِلَى عُمْقِ ٱللّٰهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ ٱلْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟» (أيوب ١١: ٧ و٨). وقال داود النبي في المزمور وهو يخاطب الله تبارك وتعالى: •«يَا رَبُّ، قَدِ ٱخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هٰذِهِ ٱلْمَعْرِفَةُ فَوْقِي. ٱرْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا. أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي ٱلْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ ٱلصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي ٱلْبَحْرِ، فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا ٱلظُّلْمَةُ تَغْشَانِي. فَٱللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! ٱلظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ، وَٱللَّيْلُ مِثْلَ ٱلنَّهَارِ يُضِيءُ. كَٱلظُّلْمَةِ هٰكَذَا ٱلنُّورُ» (مزمور ١٣٩: ١ - ١٢). وقال بولس الرسول وهو يتحدث عن الله إلى رجال أثينا: •«ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هٰذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِٱلأَيَادِي، وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي ٱلنَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ، إِذْ هُوَ يُعْطِي ٱلْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْساً وَكُلَّ شَيْءٍ. وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، وَحَتَمَ بِٱلأَوْقَاتِ ٱلْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، لِكَيْ يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيداً. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال ١٧: ٢٤ - ٢٨). هذا الكائن الأزلي الأبدي.. الموجود في كل مكان.. العارف بكل شيء.. القادر على كل شيء.. هو سر الأسرار، وعلة ذلك أن: •«اَللّٰهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ» (يوحنا ١: ١٨). وأنه جل جلاله يسكن في نور لا يُدنى منه. •«مَلِكُ ٱلْمُلُوكِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ، ٱلَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ ٱلْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، ٱلَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، ٱلَّذِي لَهُ ٱلْكَرَامَةُ وَٱلْقُدْرَةُ ٱلأَبَدِيَّةُ. آمِينَ» (١ تيموثاوس ٦: ١٥ و١٦). توسل إليه موسى النبي قائلاً «أَرِنِي مَجْدَكَ» (خروج ٣٣: ١٨).. أي أرني وجهك.. فأجابه الله تبارك وتعالى قائلاً: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ ٱلإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ» (خروج ٣٣: ٢٠). كيف يمكن معرفة ذاك الذي لم يره أحد قط؟ ذاك الساكن في نور لا يُدنى منه؟ الله القدير.. الخالق.. الأزلي.. الأبدي.. الجبار.. هو سر الأسرار.. لأنه فوق متناول عقولنا.. ولا يمكن أن تراه عيوننا. ولهذا عجز الإنسان البشري عن معرفته وإدراكه... لقد وصل الإنسان إلى مستوى رفيع من المعرفة، والفلسفة، والحكمة الإنسانية.. وغطت معرفته كل فروع العلم وما يقع عليه حسه وبصره في الحياة.. ومع هذا كله لم يصل الإنسان بحكمته إلى معرفة الله.. عجز الإنسان عن معرفة الله بحكمته البشرية. •«لأَنَّ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ» (١ كورنثوس ٣: ١٩). قدماء المصريين كانوا حكماء. بنوا الأهرامات بحكمتهم. حنّطوا بعلمهم جثث موتاهم فبقيت تتحدى عناصر الفناء آلاف السنين. أنشأوا حضارة ما زالت آثارها تحكي قصة عظمة فنّهم وعلمهم وتقدمهم. ومع كل هذه الحكمة الإنسانية.. ضلّت عقولهم عن معرفة الله الحي الحقيقي، فعبدوا العجل أبيس، وصنعوا لأنفسهم آلهة بحسب تصورات عقولهم... وتعددت أصنامهم. واليونانيون القدماء بلغوا في الفلسفة شأواً بعيداً. فظهر فيهم: سقراط أستاذ الحوار وأفلاطون مؤسس المنطق وأرسطو الذي جمع في شخصيته الصفتين. ومع كل حكمتهم، وفلسفتهم، عاشوا يعبدون آلهة من صنع أيديهم. فعبدوا مارس إله الحرب وأفروديت إلهة الحب وفينوس إلهة الجمال وباخوس إله الخمر... وزفس، وهرمس وأرطاميس... وسجلوا حروب آلهتهم في ملحمتي الإلياذة والأوديسة.. وفي عصرنا الحاضر وصل الإنسان إلى القمر.. واخترق بأشعته ظلمة الليل.. وطوَّع لنفسه الماء والهواء فطار بطائراته، وغاص في أعماق المحيطات بغواصاته.. ومع ذلك تردى إلى الحضيض في اعتقاداته وأخلاقياته.. لم يستطع الإنسان أن يصل بقدراته العقلية إلى معرفة حقيقة الذات الإلهية... 1-وكيف يمكن للمحدود أن يحتوي غير المحدود؟ 2-كيف يمكن احتواء مياه المحيط في كوب؟ 3-كيف يستطيع الناقص أن يحتوي الذي لا حدّ لكماله؟ 4-وكيف يمكن للعاجز أن يتصور قدرة القادر على كل شيء؟ لا طريق إلى معرفة الله.. سوى إعلان يأتي من الله تبارك وتعالى. للحديث بقية وكلام كثير آمين يسوع المسيح يحب الجميع |
|