رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عَجِيبَةٌ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فَوْقِي. ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا [6]. معرفته غير المحدودة تحير عقولنا. فهي فوق كل إدراكنا. يليق أن ننحني أمامه معترفين بأن معرفته تفوق كل إدراكنا. يرى كثير من الآباء أن خلقة الإنسان عجيبة فوق كل المخلوقات، إذ تضم فيها ما هو مائت أي الجسد مع النفس الخالدة، تمثل عالمًا غريبًا يضم ما يشبه الملائكة، أي النفس البشرية، وما يشبه الحيوانات، أي الجسد. * أنصتوا الآن واسمعوا أمرًا غامضًا بحق، لكنه يجلب سعادة ليست بقليلة في فهمها. تحدث الله مع موسى خادم الله القديس بسحابة، لأن الحديث بطريقة بشرية يستلزم أن يتحدث مع عبده خلال شيءٍ من عمل يديه يتخذه لنفسه... وإذ اشتاق موسى ورغب في رؤية مظهر الله الحقيقي، قال لله الذي كان يتحدث معه: "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك أرني نفسك" (راجع خر 33: 13). هكذا اشتاق بغيرة متقدة هذا النوع من القول، بأن يتنازل في تعامله معه بطريقةٍ بها يمكنه رؤية وجه الله. قال له الله: "لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20). إني أضعك في نُقرة من الصخرة، واجتاز، وأسترك بيدي حتى اجتاز، فتنظر ورائي. من هذه الكلمات يثور نوع آخر من اللغز، أي شكل الحق الغامض. يقول الله: "متى اجتاز تنظر ورائي"، كما لو كان له وجهه من جانب وظهره من جانب آخر. حاشا أن تكون لنا مثل هذه الأفكار عن الجلالة..! في هذه الكلمات أسرار قديرة... هؤلاء الذين ثاروا ضد الرب، الذي رأوه (حين جاء متجسدًا)، الآن يطلبون مشورة كيف يخلصون. فقيل لهم: "توبوا، وليعتمد كل واحدِ منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا" (أع 2: 38) ها هم رأوا ظهره هؤلاء الذين لم يستطيعوا أن يروا وجهه. لأن يديه كانتا علي أعينهم، ليس إلى النهاية، وإنما حتى يجتاز. وبعد أن اجتاز رفع يده عن أعينهم... فرأوا التلاميذ، وقالوا: "ماذا نصنع؟" في البداية كانوا عنفاء، وبعد ذلك صاروا محبين. في الأول كانوا في غضبٍ، وبعد ذلك صاروا في مخافةٍ. في الأول كانوا قساة، وبعد ذلك صاروا مبتهجين. في الأول كانوا عميان، وبعد ذلك صاروا مستنيرين. القديس أغسطينوس * علمك يا الله عجيب في جميع مخلوقاتك، لاسيما من صُنعك لي أنا الإنسان. لأن خلقتك لي هي أكثر عجبًا من سائر مخلوقاتك، بما أنك ضممت يا الله في الإنسان المائت الذي هو الجسد والغير المائت أي النفس، الهيولي والبريء من الهيولي، الناطق وغير الناطق. هذه الأضواء جميعها في شخص واحدٍ، وهو أمر أكثر عجبًا، ومعرفتك هذه قد فاقت قدرتي، لن أستطيع أن أدركها بالفعل، لأنها عجيبة. الأب أنسيمُس الأورشليمي * الآن ما يعنيه هو مثل هذا: إنني أتمتع بمعرفتك السابقة، وأدرك أنك تعرف كل شيءٍ مقدمًا. وأنك خلقتني من العدم. ومع هذا فإني غير قادر أن تكون لي معرفة عنك كاملة وواضحة ودقيقة. إنما بالحري هي تدهشني، أي أنها تسمو عني، إنها أقوى من أن اقتنيها بعقلي. هذه هي الدرجة التي تجعلني في دهشة، الدرجة التي هي عظيمة. فإن كانت مدهشة وعظيمة، فهل يمكن الاستحواذ عليها؟ لا يمكن! لهذا يضيف: "لا استطيع أن أفعل شيئًا في مواجهتها... إنه لا يعني: ليست لي معرفة الله، إنما ليس لي المعرفة الكاملة الواضحة. القديس يوحنا الذهبي الفم * لتراعوا ما هو مكتوب في سفر الجامعة: "قلت أكون حكيمًا، أما هي (الحكمة) فبعيدة عني. بعيدٌ ما كان بعيدًا، والعميق العميق من يجده" (جا 7: 23-24). لتراعوا ما قيل في المزامير: "عجيبة هذه المعرفة، فوقي ارتفعت، لا أستطيعها" (مز 139: 6). يقول سليمان: "مجد الله إخفاء الأمر" (أم 25: 2). لهذا كثيرًا ما أقرر التوقف وعدم الكتابة. صدقوني، إني أفعل هذا. ولكن لئلا أوجد في حالة إحباط، أو بسبب صمتي ينقاد الذين يسألونني منكم إلى عدم التقوى، ويُسلمون للنزاع، لهذا أضغط على نفسي وأكتب إلى قداستكم ما أرسله إليكم باختصار. البابا أثناسيوس الرسولي |
|