فى أحد أحياء ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بوستر يحمل صورة فتاة محجّبة، من بلاد الشرق العربى، مكتوباً جوارها بالإنجليزية: «هل يمنعك التمييزُ الدينى من السكنى فى بيت أحلامك؟» وتحتها بخط أصغر: «التمييز العنصرى فى السكن ليس فقط أمراً غير عادل، بل هو كذلك مخالفٌ للقانون. إذا وجدت نفسك ممنوعاً من استئجار بيت آمن بسبب الدين، العِرق، اللون، المنشأ، النوع (رجل - امرأة)، الحالة الاجتماعية، الإعاقة، أرسلْ فوراً تقريراً إلى المركز المحلى للإسكان العادل». وتحتها بخط أصغر سردٌ للعبارات المحتملة التى قد يسمعها الوافد، ليعرف أنه يواجه حالة عنصرية فى حق السكن: * حسناً، سوف أدلُّكَ على مجاورة سكنية بها مساجد. * نحن فقط نقبل الذين يتكلمون الإنجليزية بطلاقة. * ربما تجد فى مكان آخر سكناً أكثر راحة من هنا. وتحتها بخط كبير: «العدل فى السكن هو حقك الأصيل. استخدمْ حقَّك». ثم أرقام التليفونات التى يجب الاتصال بها والعناوين التى يُلجأ إليها حال التعرض للتمييز الدينى. أنا هنا لا أنفى العنصرية عن أمريكا، فقد كتبت على صفحتى رسالة شديدة اللهجة بالإنجليزية عن عنصرية أمريكا متمثلة فى نظام أوباما، قلتُ فيها: «السيدة العنصرية أمريكا، لم نسمع كلمة استنكار واحدة منها تجاه ما يحدث لأقباط مصر المسيحيين، بينما ظهر «تحضرها» و«رقيُّها» فى إشفاقها المفرط جداً، المتحضر جداً، الرؤوف جداً، على معتصمى رابعة، إن جاز أن نسميهم «معتصمين»، رغم حيازتهم الترسانات الحربية والصواريخ والمنجنيق والمتاريس والجدران الخرسانية! لماذا صمتت أمريكا عن الأقباط المسيحيين، الذين يُنكَّل بهم على مدار الساعة منذ ٣٠ يوينو تقتيلاً وحرقاً وبذاءاتٍ وشتائمَ تحريضية على جدران بيوتهم وكنائسهم؟ هل كان لا بد أن يحوز الأقباط مستندات فاضحة تدين السيد باراك أوباما، مثلما يمتلك الإخوان، لكى تمنحهم شيئاً من رعايتها؟ مصر، بالطبع، كفيلة بحماية أبنائها مسلمين وأقباطاً دون تمييز، ولا تحتاج حماية أمريكا ولا غيرها، ولا الأقباط طلبوا رعاية دولية، كما فعل البلتاجى والعريان والحداد وأمثالهم المشوهون روحياً. إنما أود أن أقول لأمريكا: «كُفِّى أيتها العنصرية عن الحديث عن حقوق الإنسان المزعومة التى صدعتِنا بها، بينما لا تطبقينها إلا حمايةً لرعاياك وحلفائك، أو مهدديك الذين تخشين جانبهم، كما تخشين الآن مستندات خيرت الشاطر التى ستفضح أوباما أمام الكونجرس وأمام العالم». أنا هنا أميّز بين: أمريكا الدولة، أمريكا النظام، أمريكا الشعب. فالنظام الأمريكى المتمثل فى أوباما وحكومته، عنصرىٌّ بامتياز، بل يرعى الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط لكى يتدخل لحماية صهيون، وما نراه اليوم فى رعايته لجماعة الإخوان الإرهابية خير دليل. أما أمريكا الدولة فلها قوانينها التى تناهض العنصرية داخل أراضيها بكل حسم. وأما الشعب الأمريكى، فمثل كل شعوب العالم، منه المحترم المسالم العادل، ومنه المريض العنصرى الشوفينى. بل هو أكثر تنوُّعاً من كل شعوب العالم لأنهم جُماع شعوب مختلفة من العالم هاجرت إلى أمريكا منذ 300 سنة من أوروبا وغيرها، وكوَّنت ما نسميه الآن: الشعب الأمريكى. شاهدتُ بعينى فى أمريكا سيدة محجبة مورس عليها شىءٌ من «الغلاسة» من بائع فى سوبر ماركت، وكيف انتفض كل الزبائن الأمريكان ضد هذا البائع، فمنهم من عنَّفه، ومنهم من طلب من السيدة التقدم ببلاغ وسوف يكون شاهداً، والأكثرية خرجت من المحل بغضب دون شراء حاجياتها وهم يدمدمون أنهم لن يأتوا هنا مرة أخرى. الوافدون المسلمون يعيشون فى أمريكا فى أمان بفضل «القانون» الصارم الذى يُجرِّم العنصرية، فمتى يُسنُّ قانونٌ حاسم هنا (ويُطبَّق)، ليعيش الأقباط فى بلدهم مصر، بأمان ودون تمييز؟