يظن البعض أن الكفارة في المسيحية لها جذور وثنية، لأن العديد من الديانات الوثنية في العالم تتضمنها. إلا أنه هناك فارق كبير وجوهري بين الكفارة في الوثنية، والكفارة في المسيحية، اختلاف في السبب والمصدر والطبيعة.
أولاً: سبب الكفارة : في الوثنية تُقدم الكفارة للإله لمحاولة استرضائه لأنه حاد ومتقلب المزاج. أما في المسيحية فسبب الكفارة هو بر الله وقداسته.
ثانيا: طبيعة الكفارة : في الوثنية، أية هدية تصلح أن تُقدَم للإله لتكون كفارة. أما في المسيحية فإن الكفارة تقضى بموت بديل لأن "أجرة الخطية هي موت"، "وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (رو 6: 23 ، عب9: 22). فكان يلزم ذبيحة طاهرة بلا عيب ولا دنس. وما كانت تصلح الذبائح الحيوانية، بل كان يلزم أن يكون الفادي إنساناً (رو 6: 23 ) . فكم هي كريمة حقاً تلك الكفارة!
ثالثاً : مصدر الكفارة : في الوثنية مصدر الكفارة هو الإنسان وأعماله، أما في المسيحية فهو الله، الذي أرسل ابنه كفارة (1يو 4: 10 ) ، والذي "قدمه .. كفارة" (1يو 4: 10 ) . فإن كان بر الله وقداسته استلزما الكفارة، فإن محبة الله ونعمته جهزتاها. ولقد رأى الله في الأزل الـحَمَل الذي يصلح له "حَمَل الله" (1يو 4: 10 ) ، وفى ملء الزمان أرسله (1يو 4: 10 ) ، وهو بذل نفسه فدية فوق الصليب (1يو 4: 10 ) .
ويعترض البعض على فكرة الكفارة بالقول: هل من العدل أن البريء يُضرب من أجل الأثمة؟ والإجابة طبعاً ليس هو عدلاً لو كان البريء أُجبر عليه، أما عندما يُظهر المسيح استعداده الكامل طوعاً واختياراً بأن يدفع هذه الغرامة نيابة عنى، فهذا لا يتعارض مع العدل في شيء. لقد قبل المسيح ذلك بسرور، إذ كان يعلم أن موته وحده فيه تمجيد الله وفيه خلاص الإنسان.
وبهذا العمل استراح الله. نتذكر أنه في العهد القديم كثيراً ما أعلن غضبه على الخطية، حيث التهمت النيران آلتي تمثل غضب الله، ملايين الذبائح، ولم تستطع تلك الذبائح أن تُسكت غضب الله. حتى جاء المسيح وفى ساعات الظلمة الرهيبة احتمل دينونة الله الكاملة على الخطية، واستطاع أن يقول "قد أُكمل" وبذلك سكن غضب الله إلى الأبد.