ترك العالمَ اليهوديّ، كما سبق إبراهيم وترك وراءه أرض أور وحاران. مضى إبراهيم وهو لا يعرف إلى أين يقوده الله. وكذلك بولس الذي عرف الشيء الوحيد بعد خبرة دمشق: »سوف أعرِّفه كم سوف يتألَّم من أجلي.« من هو أبو بولس ومن هي أمُّه؟ إخوته، أخواته؟ صار له الربُّ الأب والأمَّ والأخ والأخت والزوج والأولاد. جعل كلَّ رجائه في هذا الإله الذي استسلم له منذ النداء الأوَّل، نداء الصليب الذي يقود إلى القيامة. أتُرى خاب أمل بولس؟ كلاّ. بل لبث ثابتًا حتّى النهاية. وُعد بالإكليل ونال الإكليل. واكتشف بشكل خاصّ محبَّة الله له. فمع أنَّه كان مُضطهدًا ومجدِّفًا (1 تم 1: 13). نال الرحمة. محبَّة الله غمرته فاستند إلى هذه المحبَّة وانطلق في حياته وفي رسالته. وما ترك لنا من كتابات تدفعنا اليوم إلى الرجاء »فنتمسَّك بهذه الثقة (التي وُضعت فينا)، ونفتخر بالرجاء« (عب 3: 6).