رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المجد لله
في الأعالي و على الأرض السلام و في الناس المسره صلاه حاره نرفعها الي الله لكي يبارك بلادنا الحبيبه مصر و يعطي للجميع عاما جديدا سعيدا افضل من كل الأعوام السابقه. و ان يحفظ لكل انسان ايمانه عاملا حيا . ثابتا قويا ليواجه به سلطان الظلمه . و قوات الشر و الأنحرافات الأخلاقيه و السلوكيه التي تطل برأسها علي عالمنا هذا . ضراعه بها أسكب نفسي أمام الهي أن يعطي كل منا عمرا سعيدا مكملا بالصحه و السعاده و الهدوء و القداسه . شاهدا لمجد الله و عمل نعمته في كل منا . ساطعا بنور الفضائل منيرا أمام الجميع السبيل الي السماء. يرتبط بدء العام الميلادي الجديد بتلك الترنيمه التي اصبحت علي كل لسان يتحدث بها الفم . و علي غرارها و من معانيها ينشد الكثير من الأناشيد و تلقي العظات العديده . (المجد لله في الأعالي و علي الأرض السلام و في الناس المسره) . و الذين يؤمنون بالسيد المسيح يرون في هذه الأنشوده ملخصا قويا لما أتي السيد المسيح لأجله . و أختصارا قويا لما حوته تعاليمه . و الذين لا يؤمنون بالسيد المسيح يرون فيها تبشيرا للعالم بالسلام . و أراحه لقلب العالم الواجف و نداء يذكرونه كلما مرت فتره من التوترات و التهديدات . و يطالبون القاده بأتباع نورها و السير بوحيها و حل المشكلات علي هديها . أنها صوره في كلمات منيره جميله لأراده الله و اراده البشر . أن الله يريد ان يتمجد في خليقته . و ان تمجده خليقته . و يريد للأرض سلاما لأنه اله السلام . و يريد للناس المسره النابعه من السلام المنبثقه من الطمأنينه التي يهبها رب السلام .. ان العالم يبحث الآن عن الطريق الي السلام . الطريق الي اصلاح سياسي و اجتماعي كامل . الطريق الي اخاء شامل . الي سعاده تامه و محبه كامله . ولست أدري لماذا يتخبط في البحث عن الطريق بينما الطريق واضح أمامه مضيء . أن العالم في تخبطه ذاك كمن يحوي بيته كنزا عظيما و لكنه يجول منقبا و يحفر هنا و هناك لعله يعثر علي هذا الكنز . يقينا انه لن يجد الكنز الذي تطمح نفسه اليه . و حتي اذا عثر عليه فسيري فيه كنزا هزيلا لا يشبع من جوع و لا يروي من عطش و لا يسمن من جسد . فالعالم يجري وراء الشر . وراء سفك الدماء و الأغتيالات . أنه يجري وراء السطوه و القوه و القوي يلتهم الضعيف و ليس للسلام مكانا في داخله . أنه يجري وراء المظاهر الخارجيه حتي أبتعد الأحتفال بميلاد السيد المسيح عن العمق الي السطحيات . ليت العالم يفيق و يعود الي ماضيه عندما كانت القلوب تفرح مع دقات اجراس الكنائس في مختلف انحاء العالم لتعلن في ليله الميلاد ذكري ميلاد السيد المسيح و تسري في القلوب فرحه و تغمر النفوس موجه من البهجه الصادقه و الأمل الباسم . لأنها ذكري مولد المحبه و السلام . ولكن للأسف أصبحت القلوب واجمه و الأحتفالات جافه روحيا و منتعشه عالميا . لقد تعرضت البشرية لضيقات كثيرة تحطمت معها قلوب العذارى وتقوست منها ظهور الشباب . فقد تفشت الأنانية وعم الفساد. كلت العيون من التطلع إلي السماء انتظار للمخلص المرتقب و الفادي المنتظر . لقد ظلت الخليقة كلها تئن وتتمخض ? لقد تعبد الناس لعشتاروت وبعلزبول و الزهرة آلهة الشر والشهوة ? لقد اتقوا و عبدوا المخلوق و تركوا الخالق ? لقد اشتكي العالم من ثقل خطاياه فبلغت مسامع رب الجنود صيحاه (أيها الرب ألهنا خلصنا) (أش 37: 20) فاستجاب الرب وأعلن استعداده للخلاص" قريب بري قد برز خلاصي"(اش 51 : 5). لقد ظل البشر طوال أربعة قرون ينتظرون وحيا من السماء ، و لكن هيهات لهم ذلك .. لقد اعتقدوا أن السماء ناصبتهم العداء . و صار ظنهم أن السماء لا تهب و لا تعطي بل تطلب و تأخذ العطاء .. و قديماً اعتقد قدماء المصريين أن إلههم (النيل) يطلب منهم كل عام أجمل عذراء و كانوا يقدمونها له .. و أعتقد العمونيين أنهم يسترضون الههم (مولوخ) بتقديم أبناءهم و فلذات أكبادهم علي ذراعيه المحميتين بالنار .. الخ. و لكن حينما جاء السيد المسيح فرح البشر بهدية السماء . لقد رأو فيه حب السماء للأرض متجسداً ومتجلياً و أدركوا ان السماء تعطي وتهب . لقد تعود البشر قديماً أن تجاوبهم السماء و تستجيب لهم و ترعد بالنار و تبرق بالصواعق ، و لكن بعد الميلاد تغيرت الأحوال فلا بروق ولا رعود ولا صواعق ولا دخان بل نور مضيء وقاد و أصوات وأفراح وتهليل و غناء. لقد لجأت البشرية قديماً إلي كل الوسائل لتتخلص من الظلام الدامس القائم حولها و الليل الحالك الممسك بزمامها. ذلك الظلام الذي تختلط فيه دماء آثامها بدموع آلامها . تطلعت إلي الطبيعة بأنهارها و جبالها لعلها تجد فيها ما يشفيها و لكن هيهات لها أن ترثى المتألم .. أنها حقاً تسحر الإنسان بجمالها لكنها تسخر منه و لا تشفق عليه .. تطلعت إلي قوة الرومان لعلها تعوضها عن ضيقاتها وعن سقطاتها فوجدتها وقد تخدرت و سكرت بدماء انتصاراتها المتعددة فالقوة غادرة بقدرتها كالنار المتأججة تلتهم كل ما يقابلها . تطلعت إلي الحكمة في أثينا . لعلها ترشدها و تفيقها فوجدتها غارقة في أوهامها و ضلالاتها . أضف إلي ذلك أن الحكمة تتعالى علي البشر في ضعفاتهم و جهالاتهم و لا تهديهم في ضلالاتهم . تطلعت إلي عبدة أورشليم و لكنها وجدتها كالحمامة التي حطم النسر الروماني جناحيها و هيهات لها حينئذ أن تترنم فالعبادة الصورية تشقى بنورها الخافت و لا تشفي .. لكن ها هي الإنسانية تعود إليها سعادتها وحريتها المفقودة فتصبح متمتعة بحرية أولاد الله .. لقد شاءت عناية السماء ان تقدم للبشرية هدية طربت لها قلوب الشباب و الأشياب. لقد فتحت السماء المغلقة أبوابها تنفيذاً لأمر الفادي الحبيب الذي أعلن قائلاً (من الآن ترون السماء مفتوحة و ملائكة الله صاعدة و نازلة). وافتقد الرب شعبه . و تم المكتوب و زال القضيب من يهوذا و جاء شيلون . لقد انسكبت الرحمة بغنى وفير و فاض حب الله العزيز فها هي حنة تترنم وسمعان الشيخ يهتف قائلاً " الآن تطلق عبدك يا سيد بسلام " . لقد توقع بعض حكماء اليهود وأتقياءهم أن هدية السماء المرتقبة سوف تأتي في وضح النهار وعلي أجنحة النور و لكن السماء أرسلت هديتها في جنح الظلام لأن نور العالم وشمس البر ليس في حاجة إلي أنوار . و في أورشليم المتعبدة و التي كانت في نظر العالم في مكانة القلب للجسد توقع رجالها أن تضع السماء هديتها في أحضان مدينتهم . . و في روما المتسلحة مصدر القوة و الحياة توقع فلاسفتها أن تشرفهم السماء بأن تكون هديتها من بلادهم . لكن لا ! لقد قدمت السماء هديتها في بيت لحم . إن ميلاد السيد المسيح إنما هو ميلاد النور "كان النور في العام ، و لم يعرفه العالم و النور يضئ الظلمة" لقد أنار الحياة و الخلود .. نور أشرق علي الجالسين في الظلمة و ظلال الموت .. استنارت به أفكار المؤمنين فسمت إلي البر و استيقظت ضمائرهم فنأت عن الشر و ثبتت فيه إرادتهم فدأبت علي الخير، و من يعمل الحير يقبل إلي النور لكي تظهر أعماله ? أنها بالله معمولة ، و أضاء نور كلماته القدسية في قلوبهم أشد لمعاناً من كل ضياء ? و لا عجب فهو شمس البر و الشفاء في أجنحتها و هو القائل : أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام |
|