ترهب في دير القديس هيلاريون مع الأب الكبير القديس أبيفانيوس أسقف قبرص، وشاع صيت فضائله وعمله فاختاروه لكرسي أورشليم في سنة 388 م.، بعد رسامة القديس أبيفانيوس أسقفًا على قبرص. ضربة محبة المال:
ضربه العدو بمحبة المال فجمع مالًا كثيرًا وصنع لمائدته أوانٍ من الفضة وأهمل الفقراء والمساكين، ولما بلغ خبره القديس أبيفانيوس شق عليه ذلك لما كان يعلمه فيه أولًا من الزهد والنسك والعبادة والرحمة. نظرًا لصداقتهما القديمة قام من قبرص وأتى إلى أورشليم متظاهرًا أنه يقصد السجود بها وزيارة القديسين، وفى الباطن ليقابل الأب يوحنا.فلما وصل إلى هناك دعاه الأب يوحنا ووضع أمامه تلك الأواني الفضية على المائدة، فتوجع قلب القديس أبيفانيوس لاسيما عندما علم ببخله وشحه. دبر حيلة وذلك أنه ذهب إلى أحد الأديرة وحده وأرسل إليه يستعير منه تلك الأواني زاعمًا أن قومًا من أكابر القبرصيين قد أتوه ويريد أن يقدم لهم الطعام فيها، ولما أرسلها إليه أخذها وباعها وتصدق بثمنها على الفقراء. وبعد أيام طالبه الأب يوحنا بالأواني فاستمهله وكرر مرة ثانية وثالثة، وإذا لم يردها له أمسك به ذات يوم في كنيسة القيامة قائلًا له: "لا أتركك أو تعطيني الأواني". صلى القديس أبيفانيوس إلى السيد المسيح من أجل صاحبه القديم فأصيب بالعمى. بكى واستغاث بالقديس أبيفانيوس فصلى ثانيًا من أجله فبرأت إحدى عينيه، فالتفت إليه وقال له: "إن السيد المسيح قد ترك هذه العين الأخرى بدون بصر تذكرة لك". ثم ذكَّره بسيرته الأولى الصالحة وأعلمه أنه باع الأواني وتصدّق بثمنها، وأنه ما جاء إلى القدس إلا ليتحقق مما سمعه عن بخله ومحبته للمال. انتبه الأب يوحنا من غفلته كمن يستيقظ من النوم، وسلك في عمل الرحمة سلوكًا يفوق الوصف، فتصدق بكل ما يملك من مال وثيابٍ وأوانٍ، وزَهَد في كل أمور العالم حتى أنهم لم يجدوا عند نياحته درهمًا واحدًا. ووهبه الله نعمة شفاء المرضى وعمل الآيات. وبعد أن أكمل في الرئاسة إحدى وثلاثين سنة تنيّح بسلام سنة 147 م. (146؟).العيد 13 بؤونه.