رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 15 - تفسير سفر المزامير الحياة على قمم الجباليبدو مناسبًا جدًا أن يلي هذا المزمور المزمور السابق (14) مباشرة، فالسابق يكشف عن خصال الشرير أما هذا المزمور فيكشف عن خصائص الإنسان التقي. هذا المزمور مع مز 24 ربما أُلهم به داود النبي أثناء إصعاد تابوت العهد إلى مدينته. وكان داود قد أخفق في نقل تابوت العهد في المرة الأولى إذ لم يعهد ذلك إلى اللاويين حسب الشريعة، أما في المحاولة الثانية فقد حرص ليس فقط أن يسند العمل إلى اللاويين الذين عينهم الرب لحمله وخدمته (1 أي 15: 2)، بل ورتب أن يكون التابوت في عهدة الرجل الذي بارك الرب بيته عندما أقام التابوت عنده، فكان عوبيد آدوم وبنوه الكثيرون يخدمون في بيت الرب (1 أي 26: 8، 12). ويعتبر هذا المزمور تسبحة تكشف عن سمات المؤمن الحقيقي الذي يسَرُّ الرب أن يقيمه لخدمة بيته الروحي أي كنيسته. ربما يعبر المزمور عن أعماق أفكار داود وهو في المنفى، حيث كان محرومًا من العبادة في بيت الرب. وللمزمور صلة بإشعياء (33: 14-16)، وربما تُعد رسالة يعقوب تعليقًا على هذا المزمور وتفسيرًا له. كان هذا المزمور جزءًا من مزامير الأحتفال عند باب الهيكل. كان الهيكل هو بيت الله الذي لا يمكن دخوله الأ في أوقات معينة وبشروط خاصة. وكان الزائر الذي يحج إلى هذه الأماكن المقدسة يلتزم بأن يستأذن الكاهن المختص متى رغب في الدخول، فيسأل: "يا رب من يسكن في مسكنك؟ أو من يحل في جبل قدسك؟" [1] يجيبه حارس البيت مقدمًا السمات المطلوبة للدخول... يسأل الزائر (العلماني) ويجيب الكاهن لا بتقديم قائمة عن التزامات طقسية خارجية وإنما التزامات تمس فحص ضميره. يحوي هذا المزمور النص الذي يُتلى عند دخول بيت الرب للاشتراك في عبادة ليتورجية، وهو أشبه بصلاة للتوبة ومحاسبة النفس قبل الأشتراك في ليتورجية الأفخارستيا. يرى Mowinckel أن هذا المزمور هو جزء من الليتورجية الخاصة بالأحتفال بالله "يهوه"[295]. دعى بعض الآباء هذا المزمور "سلم يعقوب" ، يرتقيه الإنسان التقي ليصعد إلى الله. يعتقد البعض أن استخدام كلمة "خيمة" لتدل على مكان إستقرار تابوت العهد يشير إلى أن هذا المزمور لا يمكن أن يكون قد وُضع بعد حكم داود، أو بداية حكم سليمان الحكيم؛ فإنه بعد ذلك الحين أُستخدمت كلمة "هيكل" أو أي لفظ آخر غير كلمة "الخيمة"؛ كما لا يمكن أن يكون المزمور قد وضع قبل داود الملك لأنه لم يكن قد نُقل التابوت إلى جبل صهيون[296]. المزمور الرابع عشر: هذا المزمور هو المزمور 14 حسب الترجمة السبعينية. يعلق القديس جيرومعلى هذا الرقم قائلًا: [نقرأ في (خر 12: 6) أنه في اليوم الرابع عشر يُقدم حمل ذبيحة؛ في اليوم الرابع عشر عند إكتمال القمر، عندما يصير ضوءه في أشده. ها أنتم ترون المسيح لا يقدم نفسه ذبيحة الأ في كمال النور وتمامه. في اليوم الرابع عشر يُقدم الحمل بواسطتك، لذلك يندهش النبي متسائلًا: "يا رب من ينزل في مسكنك؟"[297]]. كأننا إن أردنا أن نتمتع بذبيحة المسيح الكفارية يليق بنا أن نتقبل نوره الألهي في أعماقنا فنصير كمن في اليوم الرابع عشر، كقمر قد تمتع بكمال الأستنارة من شمس البر، عندئذ ندخل إلى بيته وننعم بسرّ مذبحه المقدس. بالتوبة الصادقة في استحقاقات الدم يدخل بنا روح الله القدوس إلى المقدسات الألهية، ونشترك في ليتورجيا الأفخارستيا بنفس متهللة مستنيرة بالروح القدس. لهذا قبل التناول من الأسرار المقدسة يصرخ الكاهن، قائلًا: "القدسات للقديسين"، وإذ يشعر الشعب كله بالحاجة إلى عمل الله القدوس لتقديسهم يجيبون: "واحد هو الأب القدوس، واحد هو الأبن القدوس، واحد هو الروح القدس". الأطار العام: 1. ضيف الله. [1]. 2. سمات ضيف الله. [2-5]. صلاة 1. ضيف الله: "يا رب من يسكن في مسكنك (خيمتك)؟! أو من يحل في جبل قدسك؟!" [1]. يتساءل المرتل: يا رب أنت هو القدوس الساكن في السموات، من يقدر أن يقترب إلى مسكنك أو تكون له شركة معك؟ السماء ليست بطاهرة في عينيك، وإلى ملائكتك تنسب حماقة فكيف يستطيع الإنسان القابل للموت أن يقترب إلى بهاء لاهوتك؟ خلال العهد الألهي ووعوده المستمرة أدرك داود النبي أن من صار ضيفًا عند الله عند دخوله المقدس يحتمي من مضطهديه خلال سلام الله (مز 27: 4، 61: 3)؛ يتمتع بخلاص الله وبركاته خلال الشركة مع الله التي ينعم بها في كنيسة الله. حقًا أنه كان من المتوقع أن الذين يدخلون بيت الله أن يحظوا بأعلى قدر من العدالة وأرفع درجة من الصلاح، على خلاف الجهلاء الذين تحدث عنهم المزمور السابق، هؤلاء الحمقى في أفكارهم وكلماتهم وأعمالهم. كان مسكن الرب (خيمته) على جبل صهيون في أيام داود، وهو مسكن جديد أعده النبي الملك، وليست الخيمة التي أُستخدمت في البرية وظلت في جبعون. أما الجبل المقدس، أو جبل قدسه، فهو جبل صهيون في أورشليم، رمز لكنيسة العهد الجديد. يؤمن المرتل أن الذي لم يتهيأ للكنيسة السماوية المجيدة في الدهر الأتي لا يستحق العضوية الروحية في الكنيسة هنا على الأرض. من سوف لا يشترك في شركة الحياة الأبدية هو غريب حتى عن ملكوت الله هنا. لذلك يسأل: "من يكون عضوًا حقيقيًا في كنيستك المقدسة، ولا يُطرد منها أبدًا؟ من يدخل مسكنك المجيد الأبدي؟ * "يا رب من يقيم (مؤقتًا) في خيمتك؟! من يسكن في جبل قدسك؟!" يبدو لي أن الخيمة هي الكنيسة في هذا العالم. فالكنائس التي نراها اليوم هي خيام، لأننا نحن في هذا العالم غرباء، لسنا في موطن دائم، بل بالحري كمن هم على وشك أن يهاجروا إلى مكان آخر. * إن كان هذا العالم كما نرى يزول (مت 24: 35)، وإن كانت السماء والأرض تزولان، فكم بالحري الحجارة التي بنيت بها الكنائس المنظورة؟ لهذا فإن هذه الكنائس هي خيام، نتركها ونهاجر إلى جبل الله المقدس. ما هو جبل الله المقدس هذا؟ جاء في حزقيال ضد ملك صور: "فأطرحك من جبل الله..." (حز 28: 16). مادمنا نرحل من الخيام إلى الجبل، يليق بنا أن نتعرف على أولئك الذين يهاجرون إليه[298]. القديس جيروم * "يا رب من يسكن في خيمتك؟"... إذا ما أُخذت الخيمة في معناها الحقيقي اللائق فهي خاصة بالحرب، لهذا يُدعى الجنود "تابعي (جماعات) الخيام"، إذ لهم خيام مشتركة معًا. هذا المعنى يناسب الكلمات "من يسكن (مؤقتًا)؟"، لأننا إنما نحارب الشيطان إلى حين ثم نحتاج إلى خيمة نستريح فيها وننتعش... "من يسكن في جبلك المقدس؟" يشير هنا في الحال إلى السكنى الأبدية ذاتها (2 كو 5: 1-2) التي تُفهم من لفظ "جبل" الذي هو ذروة حب المسيح في الحياة الأبدية. القديس أغسطينوس "يسكن مؤقتًا sojourn" تعني إقامة إنسان غريب كما كان إبراهيم في أرض كنعان (تك 15: 3)، وكطريق إسرائيل في أرض مصر (خر 23: 2). لفظ "يسكن dwell" جاءت عن كلمة عبرية قديمة تخص العيش في الخيام، رمز للإيواء يسهل نصبها حين تكون الأسرة في حالة ترحال؛ خصصت هذه الكلمة فيما بعد لموضع سكنى الله. يستطيع الله أن يتحرك متقدمًا شعبه، كما حدث في أيام السبي (حز 10: 18-19، 22-25)، ويمكنه أن يظهر للأنبياء في بلد غريب (حز 1: 1، إش 40: 1-11) [299]. غاية هذا المزمور توضيح العلاقة الوطيدة التي لا تنفصم بين عبادة الله في مسكنه والشهادة لها في الحياة العملية. فمن يظهر تقواه لا في العبادة الجماعية فحسب وإنما أيضًا في حياته يستحق امتياز السكنى في بيت الله[300]. إذن للسؤال وزنه الخاص، يُطرح في لحظة رهيبة. وقد جاءت الإجابة من الجانب الإيجابي في العددين 2، 4؛ ومن الجانب السلبي في العددين 3، 5. 2. سِمات ضيف الله: إذ يصدر السؤال عن قلب يشتاق أن يرحل إلى بيت الله ويستقر فيه لينعم بالشركة مع الله ويتمتع بالأحضان الأبوية، فإنه لا يستطيع أحد أن يقدم الإجابة غير روح الله القدوس الذي أعلن عن سمات ضيف الله أو الراغب في التمتع بالحضرة الإلهية أبديًا. جاءت الإجابة بسيطة للغاية لكنها مستحيلة تمامًا على الطبيعة البشرية الفاسدة، وكأن المزمور يعلن بطريق غير مباشر أن التمتع بالشركة الألهية يحتاج إلى تدخل إلهي حتى نلبس بر المسيح فنجلس في وليمته، وننعم بثوب العروس فنوجد في حجال الملك السماوي... نحتاج إلى نعمة الله الغنية المجانية التي توهب بالإيمان لمن يجاهد قانونيًا... 1. بلا لوم: جاءت الإجابة في البداية عامة [2]، ثم صارت أكثر تخصيصًا [2-5] والكلمة المقابلة ل "بلا لوم" هي الجانب السلبي للفظ العبراني "تاميم tamim"، التي تنطبق على ما هو كل، كل القلب، وسلامته. فمن يخدم الله ينبغي عليه أن يسلك بإخلاص، حافظًا نفسه بلا دنس في العالم. الكلمة المقابلة ل "بلا لوم" تُستخدم في العهد القديم بخصوص الحملان التي تقدم كذبائح، والتي كانت رمزًا لحمل الله الذي بلا عيب. هكذا إن أردنا أن نكون عابدين مقبولين لدى الله يلزمنا أن نتحد مع السيد المسيح، ونتشبه به، نكون أناسًا كاملين، بلا أخطاء، مستقيمين إلخ... نُقدم حياتنا المستقيمة كذبيحة يومية. * "السالك بلا عيب ويعمل العدل"؛ وذلك كما جاءفي المزمور 118 "طوباهم الذين بلا عيب في الطريق" (مز 119: 1)... هنا في مزمورنا يقول "السالك بلا عيب" فالسالك يكون "في الطريق". لتفهم ما يُوصي به؛ فإن الروح القدس لم يقل "من بلغ النهاية بلا خطية"، وإنما يقول عن الذي لا يزال في الطريق بلا دنس[301]. القديس جيروم هنا يوضح القديس جيرومأنه وإن كانت الحياة غير الملومة لازمة وضرورية، لكن الحاجة لا أن نكون قد بلغنا نهاية هذا الطريق إنما أن نسلك مجاهدين بروح الرب. بمعنى آخر قد نسقط لكننا في استحقاقات الدم نغتسل وبالروح القدس ننال المغفرة وبتناولنا من الأسرار الإلهية نثبت في برّ المسيح، وهكذا ننطلق في الطريق يومًا فيومًا بلا يأس. لكنك في الطريق، أي في السيد المسيح، ولنسلك بروحه عاملين بره... وإن ضعفنا نصرخ إليه فيقدسنا من جديد! 2. الجانب الإيجابي في الحياة التقوية: يقول القديس جيروم: [ربما يقول قائل: "إنني بلا خطية، لا أصنع شرًا". لا يكفي أن نمتنع عن الشر ما لم تصنع أيضًا الخير]. * "السالك بلا عيب ويعمل العدل" [2]... العدل لا يعرف أخًا، ولا أبًا، ولا أمًا؛ إنما يعرف الحق ولا يحابي الوجوه؛ إنه يتمثل بالله... من لا يطمع فيما هو للآخرين، ولا يشعر بلذة في متاعب الغير، فهو عادل[302]. القديس جيروم 3. "ويتكلم الحق في قلبه" [2]. هناك ثمة اتفاق وانسجام بين اللسان (يتكلم) والقلب، فيكون الحديث أشبه بتمثيل صادق لما هو في داخل القلب من مشاعر خفية. كلمة "الحق" هنا تعني ما هو أكيد وموثوق بها، وليس مجرد الشيء الصحيح. السيد المسيح هو الحق؛ والتكلم بالحق يعني الشهادة للسيد المسيح الساكن في قلوبنا، لا بالكلمات المجردة وإنما أيضًا بالأفكار والمشاعر والنيات والأعمال والسلوك. يقول القديس أغسطينوس: [لا يكفي أن تنطق بالحق ما لم يكن الحق ساكنًا أيضًا في قلبك]. جاء الحديث عن التكلم بالحق بعد الحديث عن الحياة التي بلا عيب والسلوك بالعدل، لأن السلوك الشرير غالبًا ما يُسقطنا في الكلام بالكذب كتغطية للشر. هذا ما حدث مع جيحزي الذي جرى وراء نعمان السرياني يطلب فضة وثيابًا وعندما سأله إليشع النبي أنكر (2 مل 5: 25) ولم ينطق بالحق. حقًا "إن من يسلك بالأستقامة يسلك بالأمان" (أم 10: 9). 4. يحب قريبه: يوضح لنا المزمور على أعلى مستوى العلاقة الوثيقة بين الإيمان بالله وعمل الرحمة أو الحب بالنسبة للقريب. فالمؤمن الحقيقي لا يصنع شرًا بقريبه، ولا يعطيه قرضًا بالرّبا ولا يشي به، وإنما يكرم خائفي الرب. لا يقدم المرتل هنا وصفًا كاملًا عن الخطايا التي يمكن أن تُقترف ضد القريب، إنما يوسع من نطاق ما ورد في (أم 10: 12) "البغضة تهيج خصومات، والمحبة تستر كل الذنوب". يقول القديس أغسطينوس: [لفظ "قريب" يلزم أن يضم كل كائن بشر]. ويقول القديس جيروم: [كل البشر هم أقرباؤنا... كلنا أقرباء... كل البشر نحو كل البشر، إذ لنا جميعًا أب واحد]. "الذي لم يغش بلسانه، ولم يصنع بقريبه سوءًا، ولم يقبل عارًا على جيرانه" [3]. يليق بالعابد الحقيقي لله ألا يكون سليط اللسان ولا يستخدمه في الوشاية. قال وثني: [الواشي أكثر الوحوش المفترسة رعبًا! [303]]. المؤمن الحقيقي يعرف أن سمعة الإنسان أثمن من كل كنوز العالم (أم 22: 1) يدرك أنه ليس من ضرر أشر من تجريح سمعة إنسان. 5. احتقاره الأقوياء الأشرار وتكريمه خائفي الرب: "فاعل الشر مرذول أمامه، ويمجد الذين يتقون الرب" [4]. من يتقي الله أو يخافه يمجد الله، فيمجده الله، ويطلب من الآخرين أيضًا أن يمجدوه! هذا ما يدفع كنيسة الله أن تكرم أو تمجد قديسي الرب، إذ هي تمجد نعمة الله العاملة فيهم، وتركز على الله المخلص الساكن فيهم. * مخافة الرب تفوق كل شيء؛ خف الرب واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله[304]. القديس يوحنا الذهبي الفم * حتى إن كان إمبراطورًا أو حاكمًا أو أسقفًا أو كاهنًا، أيًا كان الإنسان، فأنه إن كان فاعل شر يكون كلا شيء في عيني القديس... أما إذا رأى إنسانًا يتقي الله فهو يكرّمه حتى وإن كان فقيرًا يستجدى[305]. القديس جيروم 6. يفي بكل وعوده للناس، مثبتًا إخلاصه لهم. "الذي يحلف لقريبه ولا يغدر به" [4]. المؤمنون في العهد الجديد مطالبون ألا يحلفوا البتة، إنما تحسب كلمتهم كأنها عهد أو قسم إذ يسلكون بروح الحق، حاملين مسيحهم في داخلهم. يقولون الكلمة ويحققونها في الرب دون غدر أو خداع من جانبهم. 7. لا يعطي أمواله بالربا ولا يرتشي على الأبرياء [5]. كان الربا ولا يزال أمرًا مكروهًا لدى الله والناس، وفكرة الربا هنا تعني أن يقرض غنى إنسانًا فقيرًا لعوز شديد أو لوقوعه في مأزق، مستغلًا ضيقته ليفرض عليه أرباحًا باهظة. لذا قيل "إن أقرضت فضةً لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي؛ لا تضعوا عليه ربا" (خر 22: 52)؛ "إذا افتقر أخوك وقصرت يده عنك فأعضده غريبًا أو مستوطنًا، فيعيش معك؛ لا تأخذ منه ربا، ولا مرابحة، بل إخشَ إلهك فيعيش أخوك معك" (لا 25: 35-36). هذا الفكر يختلف تمامًا عن الأقراض لهيئات تجارية أو صناعية لا لفقرها أو عوزها إنما للعمل والربح... هنا شركة عمل لا إقراض عند عوز. يرى بعض الآباء أن استخدام كلمات الله لا ككنز داخلي تنعم به النفس في عشرتها مع الله وتقديس القلب ومساندة الإنسان في أفكاره وكلماته وتصرفاته إنما للمباهاه بها في رياء أمام الغير إنما هو إقراض للمال بالربا، إذ يجتني المجد الباطل ومديح الناس كربا مؤقت. * "لا يعطي ماله بالربا"؛ فإن من يحتقر كلمات الله حبًا في مديح الناس، وقد قيل "كلام الرب كلام نقي؛ فضة محمّاة مجربة قد صفيت سبعة أضعاف" (مز 12: 6)؛ هذا الإنسان يقدم ماله بالربا، ويستحق العقاب[306]. الأب نسطوريوس * لا تقرضوا أموالكم بالربا... فإن كان لمسيحي مال وجب عليه أن يعطيه (لمحتاج) ولا ينتظر إسترداده، أو على الأقل يسترد فقط ما أقرضه، بهذا التعامل يجمع ربًا ليس بقليل (أي ميراثًا أبديًا). إن سلك بغير هذا يغش ولا يعين، فإنه أي شيء أقسى من أن تقدم مالك إلى من هو مُعدم لتسترده مضاعفًا؟ إن كان المقترض عاجزًا أن يسدد ما أعطيته فكيف يقدر أن يرده مضاعفًا؟[307]. القديس أمبروسيوس هكذا يليق بالراغب في سكنى بيت الله أبديًا ألا يقرض ماله بالربا ولا يأخذ رشوة على البريء، بل يمتلئ قلبه حبًا وحقًا، بهذا يتحقق ما ختم به المرتل المزمور: "الذي يصنع هذا لا يتزعزع إلى الأبد". صلاة * لتفتح يا رب أبواب بيتك أمام وجهي؛ ولتهيئ قلبي مسكنًا لك؛ حتى أنعم بالسكنى في أحضانك أبديًا! * من يقدر أن يسكن في بيتك المقدس؟! هبني ذاتك بِرًا وحقًا وحبًا فألبس ثوب العرس وأسكن معك! * كلمتك هي فضتي وكنزي، هب لي أن أقتنيها في داخلي، ولا أقرضها بالمديح الباطل كرباَ ضائع! |
|