منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 03 - 2024, 01:56 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

إوريجان كرَّس حياته للتأمُّل في العهدين



وريجان


بعد إيرينه الذي كان أوَّل من قدَّم تقبُّلاً إجماليٌّا للمجموعة البولسيَّة، يفرض إوريجان نفسه، لأنَّه كرَّس حياته للتأمُّل في العهدين، ولأنَّ جميع الكتِّاب المسيحيِّين اللاحقين (من يونان ولاتين) قرأوه وأخذوا منه الكثير.

خصَّص أوريجان تفسيرًا كبيرًا للرسالة إلى رومة وآخر، أقلَّ كبرًا، للرسالة إلى غلاطية (هذه الأخيرة ضاعت). أمَّا سائر الرسائل التي فسَّرها فهي أفسس، فيلبِّي، كولوسّي، 1 و2 تسالونيكي، تيطس. فيلمون. ولكن ما هي الموضوعات البولسيَّة التي طبعت فكره حقٌّا؟ أن تكون رومة وغلاطية فُسِّرتا مطوَّلاً، يدلُّنا إلى طريق مفتوحة. ولكنَّ علاقة هذا التفسير بالمجموعة البولسيَّة، يتجاوز كثيرًا إطار تفاسيره، وكلُّ نصٍّ، بل كلُّ آية، استطاع أن يلعب دورًا هامٌّا في فكره. ولكي نتجنَّب التشتُّت، لا بدَّ من مقاربة موضوعاتيَّة مع أن الاختيار يمكن أن يكون اعتباطيٌّا. فعلينا أن نختار بين ممكنات عديدة: الإكليزيولوجيا (دراسة عن الكنيسة) والجسد السرِّيّ. الأنتروبولوجيا والخلقيَّة والفساريَّة والصوفيَّة. لهذا، إذا أردنا أن نقيِّم تقييمًا تأثير بولس، يجب أن نبدأ هنا.

أ - قراءة الكتاب في المدرسة البولسيَّة

اختلف أوريجان عمّا فعله يوستين، فكان بولس بالنسبة إليه وبشكل صريح، النموذج والمثال، حين عرض نهجه لقراءة الكتاب المقدَّس. وإحدى إعلاناته المبدإيَّة الأولى حول الموضع، نجدها في قسم معروف من مقال المبادئ: ذكر أوَّلاً 1 كو 9: 9-10 (هل يهتمُّ الله بالثيران؟). ثمَّ 1 كو 10: 1-6 الذي يبيِّن كيف أنَّ خبر سفر الخروج يُغني ويثبِّت القراءة الأنماطيَّة للعهد الأوَّل (الصورة، الظلّ، المعنى الخفيّ، الكامل، الروحيّ...). إنَّ 1 كو 1: 26-29 قدَّم صورة عهد جديدة عن نهجه: فمع هذه الآيات، شرح تث 32: 21 (أُغيرهم بأمَّة جاهلة) كمثَل أول لتفسير مقطع غامض أو مشكِّك في العهد القديم. ولكن من الواضح أنَّه لا يختار المقطع صدفة، لأنَّه في نظر أوريجان نبوءة لامتداد العهد في المسكونة. ويقابل هذا التبدُّلَ تبدُّلٌ مماثل في طريقة فهم الشريعة وسندها الذي هو الكتاب المقدَّس: يجب العبور أيضًا من الخاصِّ إلى الشامل في الخلقيَّة والخلاص في المسيح، ما يعني بلغة التفسير، العبور من الحرفيِّ إلى الروحيّ. عندئذٍ يتبع الفسار المسيحيُّ طريقًا مماثلاً لفريق تاريخ الخلاص، فيكتشف في دوره، كما في معنى ثانٍ، إمكانيَّة الشموليَّة للنصوص اليهوديَّة، (ولاسيَّما تلك المتعلِّقة بالشريعة). واللجوء إلى 1 كو1: 26-29 لتفسير الشريعة، يلزم كلَّ موضوعيَّة العهد البولسيَّة وموضوعيَّة التبرير. ما أراد أوريجان أن يرتكز فقط على نظرة فيلونيَّة وفلسفيَّة لقراءة الكتب المقدَّسة، فأسَّس »نهجه« على الحدس البولسيّ. ويمكن أن نتحقَّق من هذا مع نصٍّ آخر برنامج حول فنِّ قراءة الكتاب المقدَّس، كما نجده في بداية العظات على سفر اللاويِّين (1/1):2 كو 3 حول برقع موسى يؤسِّس الخطبة المنهجيَّة كما نجد المرميَين السوتيريولوجيّ والفساريّ.

وفي العظات على سفر اللاويّين عينها، حين يتنبَّه أو يخاف حول التصاق سامعيه بمسيرته الأليغوريَّة، يذكر بداية 1 كو 10: »إذًا، لئلاَّ يظنَّ أحدٌ بتفسير خاطئ ومهارة بشريَّة، يجب أن تُذكَر، في هذا المجال، السلطة الرسوليَّة (7/4) (يلي ذلك 1 كو 10: 1-4، مع كو 2: 17 حول الفرائض الموسويَّة على أنَّها ظلُّ الخيرات الآتية). حين يقارب أوريجان في الكتاب الثاني ضدَّ قلسوس (2: 1-4) مسألة العلاقات بين اليهوديَّة والمسيحيَّة، لكي يبيِّن أنَّ المسيحيَّة ما خانت التقليد اليهوديّ، بل فسَّرته تفسيرًا روحيٌّا. ولعب عدد من النصوص البولسيَّة دورًا هامٌّا في برهنته: 1 كو 9؛ عب 8: 5؛ 10: 1؛ كو 2: 16؛ نهاية رومة. لسنا فقط أمام تفسير الكتاب المقدَّس بل أمام تحديد موقع المسيحيَّة وشخص يسوع ذاته في مخطَّط الله منذ الاختيار الأوَّل. ويقول أوريجان للوثنيِّين الذين يمثِّلهم قلسوس إنَّ المسيحيَّة هي حكمة تساوي كلَّ حكمة أخرى، شرط أن نمارس قراءة الكتب المقدَّسة قراءة روحيَّة. والسند الكتابيُّ هو 1 كو 2: 6-8 حول الحكمة الخفيَّة قبل الدهور. ثمَّ تُصوَّر كلُّ الرسائل البولسيَّة كأنَّها تطبيقات لهذه المبادئ. وحين أراد أوريجان أن يعرض أساس مسيرته، برز أمامه الفكر البولسيُّ وبشكل خاصٍّ 1 كورنتوس. والمسيرة البولسيَّة هي أكثر من مسيرة. هي معيار وقاعدة حياة.

ب - المعنى الروحيّ، الإنسان الروحيّ

المعاني الكثيرة التي يراها أوريجان في الكتاب المقدَّس (صُوِّرت في مقال المبادئ بواسطة القياس: جسد، نفس، روح) محدِّدًا مستويين خفيَّين في فهم الكتاب المقدَّس، ترسم في الوقت عينه للمؤمن طرقًا متلاقية نحو الكمال: الخلقيَّة (النفس) ومعرفة المسيح (الروح)، لا تنفصل الواحدة عن الأخرى، لأنَّ »بتوليَّة الأخلاق يجب أن تعاش في بتوليَّة الإيمان« (كما قال »كروزال« في كتابه أوريجان، باريس، 1985، ص 189). ففي حالة وحالة، حياة النفس هي المهمَّة، ونقاوتها معيار إمكانيَّة المشاهدة عندها. الكمال المسيحيُّ المطلوب هو كمال »الروحيّ« الذي هو فوق »الإنسانيّ« كما يشرح أوريجان في تفسير على يوحنّا (2/137-138) حيث يشرح 1 كو 2: 14-15 مبيِّنًا للغنوصيّ هرقليون، أنَّ بولس عارض »الإنسان النفسيَّ« مع »الروحيِّ« دون أن يكرِّر لفظ »إنسان« (أي هو ما قال الإنسان الروحيّ): »فالروحيّ هو أكثر من إنسان، لأنَّ العلامةَ المميَّزة في الإنسان، هي نفسه أو جسده أو الاثنان، لا الروح الذي هو إلهيّ أكثر منهما. أمّا الروحيّ فيحمل هذا الاسم بسبب الدور المسيطر للروح الذي يشارك فيه. فالمثلَّث الجسد، النفس، الروح في 1 تس 5: 23، هو في خلفيَّة هذه الفكرة. وهكذا نعرف إلى أيِّ حدٍّ مقولة الروحيِّ جوهريَّة وحاضرة في كلِّ مكان عند أوريجان، وقد أتته مباشرة من عند بولس ولاسيَّما من 1 كورنتوس.

قراءة الكتاب في المعنى الروحيِّ هي أفضل الطرق إلى الحياة الكاملة. هذا لا يمنع أن يكون للمعنى الحرفيِّ أهمِّيَّته. لهذا يُنصَح بالبتوليَّة أكثر ممّا بالزواج، لأنَّ العهد الجديد يشهد لذلك: من هذا القبيل، قرأ أوريجان في معنى حرفيٍّ كامل 1 كو 7: 1(6). مقابل هذا، قرأ قراءة روحيَّة، بل »صوفيَّة« 1 كو 6: 17: »من اتَّحد بالربِّ صار معه روحًا واحدًا«. هي آية يطبِّقها على نفس المسيح الموجودة منذ الأزل والمتَّحدة بالله اتِّحادًا وثيقًا بالحبِّ (المبادئ 2/6: 3). وطبَّق هذا أيضًا في مكان آخر على الاتِّحاد السرِّيّ بين المسيح والكنيسة، ضامٌّا إلى هذه الآية أف 5: 32. هذه القراءة الأخيرة هي أكثر أهمِّيَّة عنده من القراءة »الفرديَّة« التي تطبِّق فكرة الأعراس على الله ونفس المؤمن.

فالأنتروبولوجيا المسيحيَّة عند أوريجان مشروطة بفكرته حول جسد المسيح السرِّيّ (وإن لم توجد العبارة كما هي عنده. في أيِّ حال، لا نجد هذه العبارة عند آباء الكنيسة، كما قال الأب هنري دو لوباك): بحسب أوريجان، أمور كثيرة قيلت عن المسيح في الكتاب المقدَّس، يجب أن تنطبق على جسده الكنسيّ، لا فقط على جسده الشخصيّ. هذه الفكرة العزيزة على قلب أوريجان، وتفترض ممارسة المعنى الروحيِّ، تجد ينبوعها في الرسالة إلى أفسس. فأهمِّيَّة هذه الرسالة للنظرة »السرِّيَّة« إلى الكنيسة (جسد، عروس) عند الآباء اليونان، واضحة. هنا صارت الرسالة إلى أفسس مفتاح قراءة لنشيد الأناشيد بنوع ضمنيّ أو صريح.

وفكرة الجسد السرِّيِّ التي نَحوَها يتَّجه بعضُ »المعنى السرِّيّ« في الكتاب المقدَّس، يفتح فكر أوريجان من المسيح إلى الكنيسة، ومن المؤمن إلى الكنيسة. فالأكليزيولوجيا (قراءة عن الكنيسة) تمفصل عنده حقلين آخرين هما الأنتروبولوجيا (قراءة عن الإنسان) الروحيَّة والكرستولوجيا (دراسة عن المسيح): هذه الحقول الثلاثة تدفع الفكر البولسيَّ عن الجسد وعن اللحم (والدم، الجسم البشريّ) في مفاهيم مختلفة. وبما أنَّ كلمة »ساركس« (اللحم) و»سوما« (الجسد) يَردان ضعفَي ما يردان في الأناجيل الأربعة، نلبث هنا في عالم الرسائل. هذا من جهة. وإن تذكَّرنا من جهة ثانية أنَّ الإنسان الجديد، عند بولس، هو إنسان يسكنه الروح، مثل المسيح نفسه، وأنَّ عطيَّة الروح في الرسائل البولسيَّة هي دومًا مرتَّبة من أجل الجماعة، نفهم أنَّ الطريقة الأوريجانيَّة في مقاربة الإنسان والمسيح انطلاقًا من الجسد السرِّيّ، تلتقي مع أصرح المعتقدات البولسيَّة.

ج- مسيح أوريجان ومسيح بولس

ويظهر الأسلوب الأوريجانيُّ في الكرستولوجيا بوضوح، في الكتاب الأوَّل من التفسير على يوحنّا: فإذا أردنا أن نفهم فهمًا صحيحًا الآية الأولى من المطلع (في البدء كان الكلمة...)، ينبغي أوَّلاً أن نعدِّد ألقاب المسيح الكتابيَّة، لكي نقيِّم بصورة أفضل المعنى الخاصَّ للقب »لوغوس« في هذه المجموعة. وهنا، يتصرَّف أوريجان بمقولات النصوص البيبليَّة: اهتمَّ أوَّلاً بالألقاب التي أعطاها المسيح لنفسه (ولو بشكل نبويٍّ مثل لقب »عبد الربّ« في إش 49: في نظر أوريجان، هو المسيح يتكلَّم في صيغة المتكلِّم المفرد). ثمَّ تأتي الألقاب التي يعطيها التلاميذ (يوحنّا المعمدان، يوحنّا، بولس). وأخيرًا الألقاب التي يعطيها الأنبياء (يتكلَّمون عنه في صيغة الغائب المفرد). وفي ما يخصُّ بولس، اللقبان الأوَّلان اللذان يذكرهما يردان في 1 كو 1: 24: قدرة الله وحكمة الله. وفي اللائحة التي يقدِّمها هنا، يبدو أوريجان أنَّه لا يعطي أهمِّيَّة خاصَّة لهذين اللقبين. ولكنَّ الأمر يختلف في مقال المبادئ، الذي كان من أوَّل مؤلَّفاته. نلاحظ فيه، في القسم حول المسيح (1/2) أنَّه يمارس منذ ذلك الوقت نهجه: أن يفهم ما يرمي إليه لقبا المسيح المختلفان، وخصوصًا أن يعرف إن دلاَّ على ناسوته أو على لاهوته. وهو يهتمُّ هنا بالمقولة الثانية، لأنَّه يعالج التجسُّد في ما بعد في المبادئ. هنا ترد 1 كو 1: 24 منذ بداية القسم (1/2: 1). في الحقيقة، هو لقب »الحكمة« الذي يلفت مباشرة انتباه أوريجان، فيشرحه أوَّلاً ويورد أم 8: 22-25. ثمَّ يذكر أنَّ المسيح نال أيضًا لقب »البكر« (كو 1: 15). ولكنَّه عاد حالاً إلى الحكمة التي هي اللقب الجوهريُّ في نظره. هنا يورد كو 1: 24(1/2:1؛ 1/2:9 (الذي يتيح له مع لفظَيْ حكمة وقدرة، أن يجعل أم 8؛ حك 7، في الكرستولوجيّا. وكلَّ مرَّة بدت له مقاطع من العهد القديم (لاسيَّما في مديح الحكمة) جوهريَّة للإضاءة على وجه المسيح، يلجأ أوريجان إلى نصوص من العهد الجديد تستعمل الألقاب عينها لكي يثبِّت في شكل من الأشكال شرعيَّتها اللاهوتيَّة. فبولس هو مرارًا هذا المفتاح الفساريّ، ويبدو أنَّه يتفوَّق مرارًا على يوحنّا وعلى الأناجيل الإزائيَّة. لهذا، ستكون المجموعة البولسيَّة عند أوريجان وعند الذين أتوا بعده، الينبوع الرئيسيَّ لدراسة العقيدة المسيحيَّة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
جدِّي يشوع، بعد أن كرَّس حياته لقراءة الشريعة
كرَّس أذنك لكلمته
كرٍّس وقتاً للعمل، فإنه ثمن النجاح
كرٍّس وقتاً للعطاء
كرٍّس وقتاً للمحبة المتبادلة


الساعة الآن 01:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024