أنا وزوجتى والبرص
كتبت : ادهم نور
كانت ليلة ليلاء كما يقول أستاذنا يوسف وهبي، فقد فوجئت بصرخات زوجتي وابني تتعالى، يناديان علي بشكل هيستيري، حتى أنني في طريقي من الصالة إلى المطبخ علقت في طرف السجادة وكدت أصبح شهيد الواجب، وصلت إليهم لأجد زوجتي ممسكة بعصاه المقشة متأهبة للقتال، وابني يصرخ بفزع خلع قلبي، من بين حشرجة صوتها المرتعب جاءت صرختها"الحق يا أدهم، برص"
جاءت جملتها وكأنها وجدت ديناصوراً، المدهش أنني بمجرد دخولي كالفارس الهمام للمطبخ وجدتها تلقي بالمقشة وتحمل ابنها وتركض خارج المطبخ، ولم تكتف بذلك بل أغلقت الباب لأصبح أنا والبرص المتوحش وحدنا بالمكان! طبعا كان عليّ أن أثبت لأسرتي الصغيرة أنني البطل الذي يحمي حمى الدار، حاولت أن أتتبعه وهو يجري مني هنا وهناك، وطبعا هذه اللقطات الحاسمة كانت تصاحبها خلفية موسيقية تتناسب مع رعب الموقف، فزوجتي الجميلة لم تكتف بأن باعت القضية وتركتني وحدي بل صارت من خلف الباب تتابع وتصرخ؛ "اوعى تسيبه، مصيبة والله إزاي يبقى في بيتنا برص"، طبعا كل ذلك وسيل الأسئلة لا ينتهي" خلاص يا أدهم ؟ لقيته؟ " وأنا أجيب من ساحة القتال "تعالي هنا، هجيبك يعني هجيبك" ويبدو أن جو الأكشن الذي ابتدعته زوجتي جعلني أتصور نفسي محارباً في معركة لابد فيها من الانتصار.. أخيراً تم بحمد الله واستطعت دحر هذا العدو المقتحم دارنا.. ناديتها" خلاص كله تمام يا باشا" لم تجرؤ على فتح الباب بل قالت"موته؟" وعندما أجبت بالإيجاب فوجئت بسؤالها وهي تفتح الباب بحذر، "طيب وريني جثته وإلا مش هصدق" طبعاً حملت لها جثة المسكين لأجد كل علامات التقزز والخوف.. لكنها في الحقيقة قبلت جبيني وقالت لي كلمة شجعتني أن أحمل سلاحاً لأقاتل كل أبراص المدينة، قالت" ربنا يخليك لنا يا حبيبي" الحمد لله، أخيرا عرفت فائدتي في هذا البيت.. طبعا لم ينته الأمر عند هذا الحد، فطوال الليل لم يكن لنا حديث إلا عن البرص وتجرؤه على اقتحام مملكتنا الصغيرة.. لكن بعدما نامت بقيت وحدي أفكر، عجيب عالم النساء، قبل صرخاتها بثوان كانت تعد العشاء لطفلنا فطلبت منها كوباً من الشاي ، لاحظت تأففها إذ كيف أطلب منها شيئاً وأنا مسترخ ٍعلى أريكتي أشاهد التليفزيون وهي التي تفعل كل شيء، وبعد أن قضيت لها على هذا البرص المسكين الذي أوقعه حظه العاثر عندنا، انهالت علي كل المرطبات والحلويات والمكافآت، الأمر الثاني والذي وجدت كل النساء يشتركن فيه، أنهن عندما يخفن من شيء، حشرة أو زواحف أو أي كيان يدخل بيوتهن يصرخن طالبات حماية الرجل، ثم عندما يأتي لا يشاركن معه في درء الخطر بل يتركونه وحده مع هذا الخطر يحاربه، يلملمن صغارهن ويبتعدن عن المشهد! هل هذه ثقة بالرجل؟ أم أنها إلقاء به للمجهول؟
الشيء الآخر الذي فكرت فيه كثيراً، ما قالته زوجتي من أن الرجال لا يخافون، الرجال يا سيدتي يخافون بل يرتعبون، لكنهم أبدا لا يعبرون عن مخاوفهم. وقد جلست مع أصدقائي نناقش مخاوفنا وتوصلت لأشياء كثيرة نخاف منها لكننا لا نعترف حتى لأنفسنا بها في أحيان كثيرة.. وفي الأسبوع القادم سوف أطلعكم على هذا السر الكبير>