العقائد الأرثوذكسيّة تقودنا إلى الحقّ
إنّ كلّ من العقائد، والإيمان، والكنيسة، والتسليم أو التقليد، هي موضوعات لها مكانتها السامية في وجدان الأرثوذكسيّ؛ وكلّ هذه تشهد على الإيمان الواحد الّذي كانت الكنيسة تعيشه من البدء. لا بدّ من أن يكون الإيمان الّذي يوحّدنا بالربّ يسوع المسيح واحدًا، حتّى تكون الكنيسة واحدة. والإيمان يُبنى على العقائد؛ حين تتغيّر العقائد يتغيّر كلّ الإيمان. لقد حفظت الأرثوذكسيّة إيمان الكنيسة الأولى كما تسلّمته من البدء؛ لم تزد عليه حرفًا ولم تُنقص منه حرفًا. فالزيادة والحذف بما يتعلّق بمواضيع الإيمان هما صنوان. لقد فهمت الكنيسة قول كاتب سفر الرؤيا، عن الّذي يزيد أو يُنقص من هذا الكتاب، أنّه ينطبق على الّذي يزيد أو يُنقص من عقائد كلّ كتب العهد الجديد: «لأنّي أشهدُ لكلّ من يسمع أقوال نُبوّة هذا الكتاب: إن كان أحدٌ يزيد على هذا، يزيد الله عليه الضّربات المكتوبة في هذا الكتاب؛ وإن كان أحدٌ يحذف من أقوال كتاب هذه النّبوّة، يَحذفُ الله نصيبه من سفرِ الحياة» (رؤ18:22-19).
ولكي لا يزيد أو يُنقص، يُجاهد كلّ أرثوذكسيّ حقيقي، بمقدار ما هو ممكن، للدخول عميقًا في معرفة الإيمان الأرثوذكسيّ. ليس الإيمان بيسوع المسيح أمرًا مجرّدًا أو عقليًّا، إنّما سعي لا ينتهي للدخول في سرّ يسوع المسيح. لا نستطيع أن نخلص من دون الحقيقة. هذه الحقيقة التي اؤتمن عليها كلّ أرثوذكسيّ، خاصّة الأساقفة والكهنة، كـ «وكلاء أسرار الله» (1كور1:4)، تُلزمهم بالمحافظة الدقيقة على سرّ الإيمان الأرثوذكسيّ، لكي يكونوا جزءًا لا يتجزّأ من جسد المسيح الحيّ، من كنيسته. الأسقف يصير هو «الكنيسة» حين يُخضع فكره وإرادته لإيمان الكنيسة ويُجاهد حتّى الدمّ في حفظ عقائدها. حينها فقط يمكن أن تشتعل في داخله محبّة يسوع المسيح الصافية، التي تحرّكها نعمة الروح القدس. المحبّة الحقيقيّة تأتي من الإيمان القويم، وإلاّ أصبحت محبّة بشريّة فاسدة تحرّكها أهواء محبّة الذات والمجد الباطل.