|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حكمة الله تجلت في مادة الكرازة: قبل أن يأتي الرسول بولس إلى كورنثوس، كان في أثينا وهناك احتدت روحه إذ رأى المدينة مملوة أصناماً. فقد تقابل مع بعض الفلاسفة الأبيكوريين والرواقيين، فأخذوه وذهبوا به إلى أريوس باغوس، وهناك طفق يتكلم بصورة منطقية وصحيحة عن ذلك الإله الذي يتقونه، ولكنهم في الحقيقة يجهلونه. فقال لهم إن هذا الإله ليس بعيداً عنهم، بل إنه هو الذي صنعهم وهو الذي يُحييهم، وهو الآن يأمرهم بالتوبة. فماذا كانت نتيجة هذه الخدمة المنطقية التي خلت من الكرازة بصليب المسيح؟ النتيجة خلاص رجل وامرأة مع عدد قليل (أع17: 22-34). وهذا شيء مبارك حتى لو خلصت نفساً واحدة. إلا أن الرسول استشعر أنه لم يكرز لهؤلاء الفلاسفة بصورة تختفي معها الحكمة الإنسانية المُقنعة تماماً، الأمر الذي حدا بالرسول وهو في طريقه من أثينا إلى كورنثوس أن يعزم من قلبه ألا يعرف بينهم في كرازته شيئاً سوى يسوع المسيح وإياه مصلوباً. فهو مادة الكرازة التي تأتي بالكثيرين للخلاص وكأن بالرسول وقد استوعب درس أثينا فلم يتكرر في كورنثوس. ألا يقودنا هذا إلى تقديم إنجيل المسيح في بساطته، فيكون للإنجيل قوته المباشرة على النفس فيخلِّصها. إننا نستمع كثيراً إلى شكوى لِما يدور في أماكن كثيرة: أن ما يقدم على المنابر بديلاً عن كلمة الله، مجرد فلسفات وشطحات عقل الإنسان ومحاولة اجتذاب المستمع برونق الكلام وابتكار أفكار جديدة للتأثير على عقل السامع، للإعجاب بالمتكلم أكثر من التأثر القلبي بكلمة الله. فيا ليتنا نخدم بكلمة الله بلا غش، وفي كرازتنا أن نقدم المسيح وإياه مصلوباً. |
|