|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول،الإيمان والثقة في الله الجزء العاشر
إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع 2 – الثقة والإيمان بالله: [bâṭach – בּטַח]
بلا أدنى شك، أن الفواجع التي تُصيب الإنسان المؤمن الحي بالله والمصائب التي تلُّم به – في أيام غربته على الأرض – تبقى أحداثاً لا يُمكنه كإنسان إلا أن يشعر بمرارتها وقسوتها، ولكنه يرى بالإيمان (ليس غصباً بل عن قناعة) أن الله أعظم منها بما لا يُقاس، لا من باب الضعف أو الخوف أو الخمول والكسل، أو الاستسلام للمصير لأن ما باليد حيلة، لكن بسبب البصيرة الداخلية – التي نالها بفعل استنارة الذهن الحادث بعمل الروح القدس – يعلم بأن محبة الله لهُ أقوى من الموت نفسه وأقوى من كل ما يمكن أن يحدث لهُ في هذا العالم، بل وفي ساعة الشعور بالخطر أن هناك ما يمس إيمانه ويحاول أن يزعزع ثقته، فأنه دائماً ما يحتمي بالرب خلاصه معتمداً عليه بكل قلبه مصلياً في الروح القدس قائلاً: أرحمني يا الله ارحمني لأنه بك احتمت نفسي وبظل جناحيك احتمي إلى أن تعبر المصائب (مزمور 57: 1)، لأن دائماً قول الرب حاضر أمام عينه متمسكاً بوعده: + الحق الحق أقول لكم انكم ستبكون وتنوحون، والعالم يفرح أنتم ستحزنون (أو أما العالم فيفرح إنكم ستحزنون)، ولكن حزنكم يتحول إلى فرح. (يوحنا 16: 20)وأيضاً بالنسبة للخطية والفجور، فإزاءهِ يفقد الإنسان سلامه وإنسانيته فيُهان عند ذاته ويفقد عزته وكرامته، وبالتالي يخجل ويخشى مواجهة الله لأن الخطية – حسب طبيعتها – ظُلمة وقبيحة جداً (ugly) بشعة ومزعجة، ومن جهة الهيئة الخارجية عند إغواء الإنسان فهي مموهه ومُزينة بالباطل لذلك فهي خادعة جداً، ولكنها قبيحة الهيئة أمام الله، تهبط دائماً بالإنسان لمستوى التراب والموت، تشوه جماله الداخلي وتلطخ روحه وتفسده بكليته وتنزع منه جمال التقوى وتضرب أساس الإيمان. + فقبح في عيني الرب (أثار استياء الرب) ما فعله فأماته أيضاً؛ فلم يسمعوا بل أضلهم منسى ليعملوا ما هو أقبح من الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل؛ وقبح في عيني الله هذا الأمر فضرب إسرائيل. (تكوين 38: 10؛ ملوك 21: 9؛ 1اخبار 21: 7)ولذلك ينتج عنها دائماً (طبيعياً) الهروب من النور، لأن الإنسان حينما يُخطئ يتعرى من المجد الإلهي فيفقد النعمة التي تكسي كيانه وتستر عُريه، فيهرب من وجه الله الحي كما حدث ورأينا في حالة آدم: واختبأ آدم لأنه علم إنه.. عُريان.. فقال الله: آدم أين أنت. (تكوين 3)، لأن الإنسان هنا لا يجرؤ أن يظهر أمام الله وهو حامل ثقل الخطية في قلبه وضميره ملوث بها، لأنها كلها ظلمة لا تقوى ان تقف أمام النور وتثبت، لأنه يُدمرها ويُلاشيها، إذ أن النور والظلمة لا يجتمعان معاً؛ ولكن بجراءة الإيمان الحي، أي بجراءة الثقة في محبة الله الظاهرة في بذل الابن الوحيد على عود الصليب: "وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رومية 5: 8)، يتقدم الإنسان – الخاطئ والفاجر – واثقاً في الله برّه الخاص (حسب إعلان العهد الجديد في المسيح يسوع) فيقدم توبة بتواضع وانسحاق أمام الله الحي (مثل العشار) بلا يأس أو قنوط مؤمناً بكمال التدبير في المسيح الرب الذي قال (قد أُكمل) لذلك يصلي بثقة في دم ابن الله الحي الذي يُطهر من أي خطية (سواء كانت عن قصد أو بدون قصد) قائلاً: أرحمني يا الله حسب رحمتك (الظاهرة في المسيح القيامة والحياة)، حسب كثرة رأفتك أمحُ معاصي. (مزمور 51: 1)، لأنه على يقين بما هو مكتوب: أولئك صرخوا والرب سمع ومن كل شدائدهم أنقذهم (مزمور 34: 17). ويقول القديس كيرلس الكبير عامود الدين: [لا تضطرب إذا ما تفكرت في جسامة خطاياك السابقة، بلّ أعلم تماماً، أن النعمة ما زالت تفوقها عِظماً، فهيَّ الكفيلة بأن تُبرر الأثيم وتغفر ذنوب الفاجر] ونجد أنه عندما أراد يوحنا الإنجيلي التعريف بالله لم يلجأ إلى تعبير فلسفي نظري أو فكري ليُقدَّم معلومة، بل قال ببساطة شديدة: أن الله محبة. فمن يثبت في المحبة يثبت في الله ويثبت الله فيه (1يوحنا 4: 16). وفي تعريفه بالمحبة يقول إن على هذا تقوم المحبة وتتأسس: بكونه هوَّ نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا، لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار (1يوحنا 4: 10؛ رومية 5: 6)، لقد عرَّفنا القديس يوحنا الرسول بالله من خلال علاقة الله بالبشر من الناحية الحقيقية الواقعية. وتلك العلاقة هيَّ علاقة محبة فاعلة على مستوى الواقع العملي في صميم حياة الناس. ويقول القديس كليمنضُس الروماني: [في المحبة استحوذ علينا السيد الرب. ومن أجل المحبة التي لهُ من نحونا، بذل ربنا يسوع المسيح، بمشيئة الله، دمه من أجلنا، وجسده من أجل أجسادنا، وحياته من أجل حياتنا!] وبناء على ذلك فأنه ليس شيء أعظم من محبة الله لنا، بل ولا يوجد شيء يساويها في الكون كله على وجه الإطلاق، لأنها أعظم كنز يقتنيه الإنسان، فأن وجدنا أن المحبة استحوذت علينا وقامت بأسرنا وشدتنا لفوق حيث المسيح الرب جالس، وولَّدت فينا كل غيرة حسنة وتقوى، فلا ينبغي أن نقول الله في قلبي من جهة إني أنا احتويته أو حصلت عليه، بل إني أنا في قلب الله، لأن حسب قول الرسول: في هذه هي المحبة: "ليس اننا نحن أحببنا الله، بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا؛ محبة المسيح تحصرنا" (2يوحنا 4: 10؛ 1كورنثوس 5: 14)، أي أن محبته تحيط بنا من كل جانب، تمسك بنا، تأسرنا، تحاصرنا من كل اتجاه ولا تترك ثغره مفتوحة لدخول أو خروج أي شيء آخر، ثم تملأنا بالتقوى وتشدنا لفوق وتدخلنا داخل الله وتربطنا وتلصقنا به التصاقاً، لكي نصير معه واحد فعلياً، وتحفظنا في سرّ الإيمان الحي لذلك مكتوب: + المحبة وطرق الأعمال الصالحة من عنده (من عند الرب). (سيراخ 11: 15)ولأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح، وبكوننا قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا، وأن الله محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه (2تيموثاوس 1: 7؛ 1يوحنا 4: 16) فقد صار هذا هوَّ موقف المؤمن الحقيقي إزاء الحياة والكون وكل ما يُمكن أن يحدث لهُ في اليُسر والضيق، في الفرح والحزن، في السعادة والشقاء، في الحياة والموت، يؤمن إنه ليس وحيداً في هذا الكون ولا غريباً مُشرداً في هذه الحياة. فالله قد أحبه واختاره وقَبلهُ وألصقه به. فأنه حقاً في قلب الله إلى الأبد، والضامن لنا تجسد اللوغوس، فالله اللوغوس أتخذ جسدنا مسكناً لهُ، ولا يُمكن أن يتخلى عنه أبداً لأنه عجن طبعنا بطبعه، وصعد بنفس ذات الجسد الذي اتخذه وجلس به عن يمين العظمة في الأعالي: وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات، في المسيح يسوع. (أفسس 2: 6) وهذه هيَّ البشرى الصالحة التي بشرنا بها شخص ربنا يسوع المسيح في كلامه عن الآب، وفي حياته كلها وموته وقيامته وأيضاً بروحه القدوس عن طريق الرسل أيضاً بل وفي شهادته في قلبنا: [الله نفسه يحبكم..؛ الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا..؛ لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكيلا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية..؛ أنظروا أي محبة أعطانا الله حتى نُدعى أولاد الله..]وآيات أخرى كثيرة صعب حصرها تشهد على المحبة الفائقة التي تثبت أنه معنا ولن يتخلى عنا قط حسب وعده الصادق: وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر آمين. (متى 28: 20) |
|