رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
· الله يريدنا أن نرجع :
+++++++++++++ إنه ينادينا في حب " إرجعوا إلي ، فأرجع إليكم " ( ملا 3 : 7 ) . و تحمل هذه العبار كثيراً من المعاني العاطفية : 1- إنه يذكرنا بأن أصلنا عنده ، و الخطية دخيلة علينا ... و كأنه يقول لنا : ليس إنفصالكم عني هو وضعكم الأصلي . فوضعكم الأصلي هو الثبات في . لأني أنا الكرمة ، و أنتم الأغصان ( يو 15 : 5 ) و طبيعة الغصن أن يكون ثابتاً في الكرمة . و أنا الرأس ، , أنتم الجسد ، أنتم الأعضاء ( أف 5 : 23 ) . فثباتكم في أمر طبيعي . لذلك لست أناديكم أن تأتوا إلي ، بل أن ترجعوا إلي ... ترجعوا إلي الوضع الطبيعي الذي كان لكم منذ البدء ... ترجعوا إلي الصورة الإلهية التي كانت لكم يوم خلقتم ... إنفصالكم هذا ، وضع طارئ ، مؤقت ، لا يصح أن تبقوا فيه . و حياة البر و القداسة ليست جديدة عليكم ، بل هي طبيعتكم التي بدأت بها علاقتي معكم ، و التي تعيشون بها معي في الأبدية . 2- تحمل عبارة " إرجعوا إلي " دليلاً علي حنو الله ... فمن نحن التراب و الرماد، حتي يدعونا الله للرجوع إليه ؟! لكنها محبة الله ، التي لا يعبر عنها ، التي تذكرنا بترتيلة " يا حبيبي ، عد إلي " . إنه يريد أن تظل عشرتنا به ثابتة ، هذا الذي لذته في بني البشر ، الذي يقول لنا " حيث أكون أنا ، تكونون أنتم أيضاً " ( يو 14 : 3 ) الذي إسمه عمانوئيل ، أي الله معنا ( مت 1: 23 ) و قد جعل أورشليم السمائية هي " مسكن الله مع الناس " " الله وسط شعبه " ( رؤ 21 : 3 ) . 2- وحسن في هذا الرجوع ، أن تأتي المبادرة من الله . فهو الذي يبدأ ، و هو الذي يطلب ، و هو الذي يدعونا إليه . بل هو من أجل هذا أرسل إلينا الأنبياء ، و وضع لنا سر التوبة . و وعدنا في رجوعنا أن ينسي القديم كله و لا يذكره بعد ( أر 31 : 34 ) . و لكن ما معني قوله " إرجعوا إلي ، فأرجع إليكم " ؟ هل معني هذا أن رجوعنا لا بد أن يسبق رجوعه ، أو شرط لرجوعه ؟! كلا ، إنما هو يقصد بهذا أن يقول : 3- إن رجوعي إليكم مضمون . المهم أن ترجعوا أنتم ... أنا في أي وقت تطلبونني فيه ، تجدونني معكم . بل أنا واقف علي أبواب قلوبكم أقرع لكي تفتحوا لي ( رؤ 3 : 20 ) . إنما المشكلة تأتي من جهتكم أنتم . " فإن سمع أحد صوتي و فتح الباب ، أدخل إليه " . . لذلك أقول " إرجعوا إلي " أي أفتحوا أبواب قلوبكم المغلقة دوني ... " فأرجع إليكم " أي أدخل إلي هذه القلوب التي أخرجتموني منها ، برفضكم إياي في خطاياكم ... إرجعوا إلي ، فأنا موجود معكم . و لكنكم لا تشعرون بوجودي ... حقاً لقد صدق القديس أوغسطينوس حينما قال : [ كنت يا رب معي ، و لكنني أنا لم أكن معك ] ... الله معنا ، يعمل لأجلنا ، حتي و نحن في عمق خطايانا . يبحث عنا و قد شردنا من حظيرته ، و ينادينا أرجعوا إلي . ما معني إذن رجوعه إلينا ، إن رجعنا إليه ؟ معني رجوعه إلينا ، هو أن نحس نحن بوجوده معنا ... ليس رجوع الله هو الذي نفتقده . إنما الذي يلزمنا هو إحساسنا بوجوده معنا . فإن رجع إلينا هذا الشعور ، نشعر أن الله رجع إلينا ...أحياناً نظن أن الله قد تركنا ، بينما نكون نحن الذين تركناه . لذلك أذكر أنني في إحدي المرات ( سنة 1957 ) تأثرت بمنظر الشمس وقت الغروب ، و باتهامنا الباطل لها ، فكتبت في مذكرتي : قلت لنفسي وقت الغروب : لم يحدث أن الشمس حجبت وجهها عن الأرض . إنما هي الأرض التي أدارت ظهرها للشمس . نعم ، فالشمس ثابتة . و الأرض هي التي تدور حولها . و ما نسميه غروب الشمس ، ما هو تعبير عن دوران الأرض . كذلك في العلاقة بيننا و بين الله : نحس أنه غاب عنا ، لأننا نحن الذين درنا ، و لم يعد وجهنا متجهاً إليه . فإن رجعنا إلي الله ، نحس وجوده معنا ، و نحس نوره يشرق علينا ، لأن الله ثابت ، ليس عنده تغيير و لا ظل دوران ( يع 1 : 17 ) . فأنظر أنت : في أي شئ قد إبتعدت عن الله ؟ في اية نقطة من الطريق قد إفترقت عنه ؟ أية خطية قد فصلتك عنه و عن محبته . و أعرف يقيناً أن هذا الإنفصال هو منك أنت . " فأذكر من اين سقطت وتب " ( رؤ 2 : 5 ) . أما إحساسك ببعد الله عنك ، فهو إحساس بعدم وجود الدالة ، نتيجة لفتور محبتك أو للخطية التي أبعدتك عنه . 4- عبارة " إرجعوا إلي " تحمل معني عاطفياً اَخر و هو : إن الله يريدنا أن نسير معه بكامل إرادتنا ، من كل القلب ، و بكل الحب ، لذلك يقول " إرجعوا إلي " . و كأنه يقول : أنا لا أرغمكم علي محبتي ، و لا أضطركم علي تكوين علاقة معي . إنما الأمر متعلق بإرادتكم أنتم . إن أردتم أن أرجع إليكم ، فإني أرجع إليكم . و إن لم تريدوا ، إسلكوا حسب حريتكم ... و لعل إنساناً يقول : أريد و لكني ضعيف ... يكفي أن تريد ، و الله سيكمل معك . و كما قال أحد القديسين : [ إن الفضيلة تريدك أن تريدها لا غير ] ... إن الله عبر التاريخ ، هو الذي بدأ العلاقة مع البشر ... هو الذي بدأ علاقة مع أبينا نوح ، و إختاره و أنقذه ، و فصله عن الشر و الأشرار . و هو الذي بدأ العلاقة مع أبينا إبراهيم ، و إختاره ، و فصله عن الشر و الأشرار . و كذلك مع موسي و مع شعبه . و هو الذي بدأ علاقة مع الإثني عشر ، و قال لهم " لستم أنتم الذي أخترتموني ، بل أنا الذي أخترتكم " ( يو 15 : 16 ) . فإطئن إذن إلي رغبة الله في رجوعك إليه . و لكن في نفس الوقت ينبغي معه في الرغبة و العمل ... ينبغي أن تؤمن تماماً بلزوم الله لك في الحياة ، و أنك بدونه لا تقدر أن تعمل شيئاً ( يو 15 : 5 ) . و ينبغي أن تدرك من أعماقك حلاوة العشرة مع الله ، و سمو و جمال الحياة الروحية ، و الرجوع إلي صورة الله التي كانت لآدم النقي البسيط ... ينبغي أن تذكر نذورك التي نذرتها لله في المعمودية ... حينما نذرت أن تجحد الشيطان و كل أعماله الردية ، و كل شروره و كل حيله .وقتذاك بدأت بداية طيبة ، و ولدت من الله ، و لبست المسيح ( غل 3 : 27 ) . و خلعت الإنسان العتيق ، و عشت في جدة الحياة ( رو 6 : 4 ، 6 ) . و صرت نقياً من كل خطية ... و شيئاً فشيئاً ، نسيت نذورك ، و نسيت بنوتك لله ، و تركت نقاوتك ، و إنفصلت عن الله . و تود الآن أن ترجع إليه ... و لكي ترجع إلي الله ، أذكر أنك ملك له ... أنت لست ملكاً لنفسك ، حتي تتصرف فيها كما تشاء . إنما أنت ملك لله الذي خلقك ، و الذي فداك . و هوذا القديس بولس الرسول يقول لنا " ... إنكم لستم لأنفسكم ، لأنكم قد إشتريتم بثمن فمجدوا الله في اجسادكم و في أرواحكم التي هي لله " ( 1 كو 6 : 19 ، 20 ) . إن الشيطان قد سلبك من الله . و لكن الله - من حبه لك - يتمسك بملكيته لك ، و يقول : " إرجعوا إلي " . إرجعوا إلي نقاوتكم ، التي كانت لكم و أنتم ثابتون في . إرجعوا إلي راحتكم ، فلا راحة لكم إلا في . كل الذين بعدوا عن الله ، أو إنفصلوا عنه ، لم يجدوا راحة لأنفسهم ، و عاشوا في تعب و إضطراب . و لقد إختبر أوغسطينوس هذا الأمر فقال للرب : [ ستظل قلوبنا قلقة ، إلي أن تجد راحتها فيك ] . و الرب الذي يريد لنا الرجوع ، يقول لنا ، و نحن في تعب العالم و همومه " تعالوا إلي جميع المتعبين و الثقيلي الأحمال ، و أنا أريحكم " ( مت 11 : 28 ) . إن رجعت إلي الله تنحل كل مشاكلك ... بل تعيش بلا مشكلة لأن المشكلة الوحيدة الحقيقية في حياتك هي الإنفصال عن الله . و كل المشاكل الباقية قد تكون نتيجة لها . فإن رجعت إلي الله ، تحيا في سلام ... في سلام مع الله ، و سلام مع نفسك و داخل قلبك . " لأنه هكذا قال السيد الرب " بالرجوع و السكون تخلصون . بالهدوء و الطمأنينة تكون قوتكم " ( أش 30 : 15 ) . لذلك إرجع إلي الرب . إرجع إلي النور ، فلا تسلك في الظلمة . إرجع إلي الروح ، فلا تحيا للمادة ، و لا حسب الجسد . إرجع إلي الحياة ، فالخطية موت ... و بهذا يتجدد مثل النسر شبابك ( مز 103 : 5 ) . و تشعر بالعزاء في حياتك الروحية ، و تدب الحرارة في حياتك ، و يصير لحياتك طعم ، و يصير لها هدف . و تشعر أن الله داخلك ، و أنه معك ، و تذوق ملكوته ، و تختبر حلاوة العشرة معه ، و تعرف معني عبارة " الإلتصاق بالرب " ( مز 73 : 28 ) . إن الله يريدنا أن نرجع إليه . يريد لنا الخلاص ، و يريد منا أن نحبه كما أحبنا ... لذلك هو يقول " إرجعوا إلي بكل قلوبكم " (يوئيل 2 : 12 ) . و يسجل لنا الوحي الإلهي هذه العبارة الجميلة " هل مسرة أمر بموت الشرير - يقول السيد الرب - إلا برجوعه عن طريقه فيحيا " ( خر 18 :23 ) . إن الله يريدنا أن نرجع إليه ، لنحيا ... ذلك لأن الخطية حالة موت روحي علي الأرض ، و نتيجتها الموت الأبدي ...إذن فالله يريدنا أن نرجع ، من أجل صالحنا ... يضاف إلي هذا حنوه و محبته ، لأنه لا يسر بموت الخاطئ . إن موت الخاطئ أمر يحزن قلب الله بلا شك . و لهذا فإنه إذا رجع الخاطئ " يكون فرح في السماء " ( لو 15 : 7 ) . و لقد فرح الرسل و بشروا التلاميذ برجوع الأمم ( أع 15 : 3 ) ... و إستخدم الكتاب عبارة " رجوع " بالنسبة إلي الأمم ، ذلك لأن الإيمان هو الوضع الآصلي للبشرية عموماً ، قبل أن ينفصل الأمم عن هذا الإيمان و عن الله . فلما اَمنوا أعتبر هذا رجوعاً إلي الله ... إعرف يا أخي حقيقة هامة و هي : إن الله يريد رجوعك إليه ، أكثر مما تريد أنت ... فقد يكون الإنسان الخاطئ غافلاً عن خلاص نفسه ، لا يفكر أن يرجع إلي الله . أو قد يكون ملتذاً بالخطية ، راغباً في البقاء فيها ، شاعراً إن الرجوع إلي الله سيحرمه من كل ملاذه ... و في كل ذلك يكون الله في سعي مستمر إرجاع هذا الخاطئ إليه . بكافة الطرق . و قصص سعي الله وراء الخطاة كثيرة جداً ... ذكر منها في الأصحاح 15 من الإنجيل لمعلمنا لوقا البشير ، قصة الخروف الضال ، و قصة الدرهم المفقود . و ذكر إنجيل يوحنا سعي الله لرد المرأة السامرية في وقت لم تكن تفكر فيه إطلاقاً أن تلتقي معه .و كذلك وقوف الله علي الباب و هو يقرع ، يطلب من النفس أن تفتح له ... و ما لي أذهب بعيداً ... إن كل رسالات الأنبياء تتركز حول هذا الموضوع هو رغبة الله في رجوعنا إليه ... و ليس مجرد الرغبة ... و إنما العمل علي ذلك أيضاً . و هنا نسأل : إن كان رجوعنا إلي الله ، مفرحاً لله ، و الله يريده و يسعي إليه ، و نحن أيضاً نريده ... فكيف إذن نرجع إليه ؟ أتسأل : كيف أرجع إلي الله ؟ إن الصلاة هي الوسيلة الفعالة التي ترجعك إلي الله . |
05 - 02 - 2015, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: · الله يريدنا أن نرجع :
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|