تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير
أحد الإبن الضال الجزء الخامس والأخير
مقدمة
شفنا فى عدد 29 حديث الأخ الأكبر مع أبوه وإزاى أن الأب خرج يطلب أليه أو يسعى نحو مصالحته ونحو إدخاله للبيت مرة أخرى , بينما الأخ الأكبر نجد فى أسلوب كلامه بيقول وأجاب وقال لأبيه ها أنا أخدمك , ولم يرضى أن ينطق بكلمة يا أبى وكأنه تعمد إغفال هذه الكلمة وكأنه عايز يقول له أنت لست جديرا أن أنت تكون أبويا , وهى نفس غلطة الأخ الأصغر اللى شعر أنه رافض تلك الأبوة , ولكن الأخ الأصغر لما رجع , كان أول كلمة قالها أخطأت يا أبى وأعترف بإحتياجه لهذه الأبوة وقال له ها أنا أخدمك سنين هذا عددها , يعنى سنين كثيرة وبقالى فترة كبيرة جدا بأخدمك ,أو ساعات الإنسان يقول لربنا بقالى فترة كبيرة جدا بأعبدك وبأصوم لك وبأصلى لك وبأحضر الإجتماعات وبأمارس طقوس وهى دى عبارة ها أنا أخدمك أو ها أنا أعبدك , لكن تعالوا نشوف نوع الخدمة اللى كان هذا الأبن بيخدمها لأبوه , طيب هو كان بيعمل أيه لأبوه ؟,ولو دققنا فى القصة سنجد أن هو كان راجع من الحقل أو من الغيط أو من الشغل فى الأرض , وكأن إهتمام هذا الأخ الأكبر منصب كله ومركز على أعمال الأرض أو على الأعمال المرتبطة بالأرض أو على الأعمال المرتبطة بالجسد , وكل تركيزه وكل خدمته , زى ما حايكون كل عبادة أحنا بنقدمها لربنا هى عبادة جسدية شكلية وأيضا من أجل أمور جسدية , يعنى ما بنصليش إلا لما بنبقى عايزين أمور جسدية , ولا نبدى حماس روحى إلا من أجل أمور جسدية سواء إحتياجات أو شفاء أو نجاح أو إرتباط أو أى شىء من الأشياء , يعنى مستوى الخدمة اللى بيننا وبين ربنا أو العبادة اللى أحنا بنقدمها لربنا كلها على مستوى الأرضيات أو على مستوى الغيط أو على مستوى الأكل لكن خدمته كانت على مستوى الجسد فقط ولم يكن فيها أى نوع من الأعمال الروحية ولم يكن لها أى مستوى على المستوى الروحى , وقوله سنين هذا عددها قط , بيخدم ربنا أو بيخدم أبوه لكن عمره ما شعر بالشركة اللى بينه وبين أبوه , وعمره ما حس برابطة الحب اللى بيشرحها ليه أبوه بعد كده ويقول له ألست تعلم أن كل ما لى هو لك , وأن أنا وأنت واحد , الحقيقة مشكلة كبيرة جدا أن الإنسان يخدم ربنا سنين هذا عددها بأصوام وصلوات وممارسات , لكن كل خدمته اللى بيقدمها لربنا على مستوى الجسد , وعلى مستوى الحقل , وماقدرش يدرك مستوى الروح , الشركة والألفة والحب والوحدانية بينه وبين هذا الأب , والأخطر من كده بيقول له وقط لم أتجاوز وصيتك , ومفيش ولا مرة وهى دى معنى كلمة قط أو مطلقا , وماكسرتش وصية من الوصايا اللى أنت بتقولها , لكن هو أطاع الوصية حرفيا ونفذ الكلمة حرفيا لكن عجيبة , بالرغم من أن الإنسان بيطاوع الكلمة وبيطاوع الوصية حرفيا لكن فى نفس الوقت كسر قلب أبوه , يعنى شكله أنه بيطاوع كل الوصايا على مستوى الجسد لكن كسر قلب أبوه لأنه ما قدرش يحس ولا يدرك محبة أبوه ولا يفرح بيها , وعلشان كده خطر جدا أن أنا أكون بأصوم وبأصلى وبأقدم خدمة وشكلى أن أنا ما بأكسرش وصايا لكن فى نفس الوقت بأكسر قلب ربنا وبأحطم العلاقة , أو علاقة الحب والشركة والوحدانية اللى بينى وبين ربنا , وبعدين بيقول وجديا لم تعطنى قط , يعنى أنا من جهة المطلوب منى ما قصرتش فى حاجة مطلقا , أما أنت لم تكافئنى ولا بحاجة صغيرة مطلقا ولم تعطنى أى حاجة , ما هو ساعات الأنسان يقف قدام ربنا ويقول له أنا صمت لك وصليت لك وخدمتك وحضرت إجتماعات وأعطيت عشور , وأنت عملت لى أيه ؟ أعطيتنى أيه ودفعت لى كام ؟ وبعدين فى الآخر يطلع ربنا غلطان أن ربنا لم يعطيه ولا حاجة , حتى الجدى أو الحاجة الصغيرة والحاجة القليلة القيمة , لم تعطنى لأفرح , يعنى مأعطيتنيش حاجة علشان أفرح بيها يا رب , ولم آخذ حاجة , فأخطر شىء أن العلاقة بين الإنسان وبين الله تتحول إلى علاقة النفعية , لأنها فى النهاية تؤدى إلى عبودية , والله لا يريد عبيدا ولكن يريد أبناء أحباء وهو قال كده فى يوحنا 15: 15 15لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. لا أعود أسميكم عبيدا بل أبناء أحباء , يعنى الأبن الكبير كان هدفه هو الأخذ من أبوه , ومش هدفه التمتع بحياة الشركة بينه وبين أبوه , المهم حأستفيد أيه ؟ ولم يضع فكرة أنه يكون شريك للأب فى وحدانية واحدة , لكن كل فكره أن هذا الأب هو أب بخيل وظالم ويستحق اللوم , بقى كل ده أنا بأخدمه ومفيش مرة كسرت كلمته ولم يعطينى ولو حاجة صغيرة واحدة فقط حتى أفرح بيها وأفرح مع أصدقائى , طيب هو كان عايز الجدى ده يعمل بيه أيه؟ يفرح بيه مع أصدقائه , وفى حاجة مهمة جدا هنا لازم ننتبه ليها , أن الأبن الكبير يفرح مع أبوه ومع أخوه ده شىء غير وارد لأن كل اللى عايزه أنه يفرح مع أصدقائه ولكن ما فكرش فى مرة يفرح مع أبوه أو يفرح مع أخوه الراجع , يعنى ماكانش عايز يفرح بأبوه وأخوه لكن عايز يفرح بأصحابه وأصدقائه , الحقيقة مسكين هذا الأخ الأكبر اللى فضل جوه البيت سنين هذا عددها وبالرغم من أنه كان داخل البيت ما قدرش ولا مرة أنه يفرح , مش هى دى خيبتنا ,أن أحنا موجودين جوة الكنيسة لكن مين فرحان؟ بنقدم أصوام وصلوات وبنقدم خدمات لكن مين فرحان ؟ مين اللى فرحان بعبادته بالرغم من أن ربنا بيحرص بإستمرار حتى فى العهد القديم أن العبادة تقدم بفرح وهو ده اللى بيقوله مزمور100: 2 2اعْبُدُوا الرَّبَّ بِفَرَحٍ. ادْخُلُوا إِلَى حَضْرَتِهِ بِتَرَنُّمٍ. أعبدوا الرب بفرح وأدخلوا أبوابه بالتهليل , لكن مسكين الإنسان اللى عايش داخل الكنيسة وهو مش قادر يفرح , وطبعا مش قادر يفرح لأنه شاعر أنه لم يأخذ حاجة ولأنه مش قادر يتمتع بالشركة اللى بينه وبين الله وبينه وبين أخواته , والمقياس اللى وضعه هو شعوره أنه لم يأخذ حتى حاجة صغيرة زى الجدى , تعالوا نكمل البقية الباقية من المثل ونتعرف أكثر على أسرار الإنسان اللى حاسس ببره الذاتى والسيد المسيح بيكشفها لينا واحدة واحدة .
30*30وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هَذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ! أبنك هذا ! ده حتى لم يقدر أن يقول لما جاء أخويا وكأنه بيتبرأ من أخوة هذا الأخ , وتعبير أبنك هذا يعنى اللى على شكلك واللى طالع زيك , وكأنه عايز يقول له أنتوا الأثنين زى بعض ما تستحقوش , أنت غير جدير ببنوتى ليك , والأخ الصغير غير جدير بأخوتى , يعنى أنا أحسن منك ومنه , وأنتوا الأثنين طلعتوا كلام فاضى , أنتوا الأثنين طلعتوا دونى , مش هو ده فى وقت من الأوقات بننظر بيه لربنا , ونقول أنا أعطيت ربنا وعملت وسويت لربنا وربنا لم يعطينى أى شىء , ده أنا أحسن من ربنا ! وأحسن من الناس دى كلها ! ده أنا اللى بأصوم وده أنا اللى بأصلى وده انا اللى بأخدم وده أنا اللى بأعطى , وبعدين بيقول لأبوه أبنك اللى أكل معيشتك , يعنى أكل حياتك وموتك بالحياة طيب ليه بيقول له كده ؟ لأن الأبن الصغير جاء فى يوم من الأيام وقال لأبوه أعطنى القسم الذى يصيبنى من المال , وهو هنا كان بينكر على الأبن الأصغر أزاى يطلب نصيبه من أبوه وهو لسة حى ؟ , والصغير أخذ نصيبه وأكل معيشة أبوه , بينما نلاحظ فى تلك العبارة اللى بيقولها دلوقتى أنه هو كمان بيطالب بنصيبه وبحقه , يعنى نفس الغلطة اللى عملها الصغير بيعملها الكبير ولكن مع الأسف الكبير مش شاعر أنه بيعمل نفس الغلطة , وهو بيشتكى لأبوه من الصغير لكن فى نفس الوقت كان نفسه أنه يتصرف بحرية كاملة فى اللى عنده زى ما أخوه بيعمل , وبعدين أضاف أكل معيشتك مع الزوانى , بالرغم من أن المثل فى الأول لم يقول أن الأبن الصغير كان مع الزوانى ولكن قال بذر ماله بعيش مسرف , ولكن هو ألصق بيه تهمة أن هو عاش مع الزوانى علشان يعنى يظهر مدى الحالة التى وصل ليها هذا الأبن الأصغر وأنه ينبغى أنه يكون منبوذ ومكروه ومرفوض ومرزول , ولكن صدقونى لو الواحد فقط بينظر للمثل كده بتدقيق الواحد بيحس وكأن الأبن الكبير كان نفسه أنه هو يعيش مع الزوانى ! , وفى أوقات كثيرة بننتقض الآخرين فى تصرفاتهم وبننتقض الآخرين فى سلوكياتهم وأحنا نفسنا نعمل اللى هم بيعملوه , ولكن علشان عارفين أن ده عيب وده فضيحة فندينهم على اللى هم بيعملوه لكن من جوانا كل نفس ترغب أنها تعمل زى ما الآخرين بيعملوا , وكان بيشتغل كعبد ولكن ما قدرش يشعر أنه أبن وما قدرش يتجاوب مع المحبة , وبعدين بيقول لأبوه ذبحت له العجل المسمن , وهو نسى أن هذا العجل المسمن لم يذبح فقط من أجل الصغير لأكنه ذبح من أجل الكل , من أجل الصغير والكبير والعبيد وأهل القرية والكل مجتمع ولذلك كان تعبير" لنأكل ونفرح " , واليهود أنكروا على السيد المسيح أنه يقدم نفسه ذبيحة من أجل الخطاة لأن هؤلاء الخطاة لا يستحقوا , لما السيد المسيح أظهر نفسه وقال لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى , وما جئت لأدعوا أبرارا بل خطاة إلى التوبة , لكن نسيوا أنهم كلهم عملوا نفس الخطية اللى صنعها الزوانى والخطاة والعشارين بل نسيوا كمان أن هو ذبح أيضا من أجلهم زى ما ذبح من أجل العشارين والزوانى والخطاة , وأكيد لما خرج الأب علشان يطلب الأبن الكبير علشان يدخله وترك الوليمة وترك الضيوف أن فى ناس كثيرة خرجت وراء الأب تتفرج على الموقف كعادة القرويين أن عندهم نوع من الفضول ويحبوا يشوفوا ويعرفوا أيه اللى بيحصل , والأبن الأصغر أستغل الموقف والناس كلها واقفة وأبتدأ يظهر الأب بصورة سيئة جدا , فهو أظهر الأب أمام الآخرين بأنه أب ظالم , وأنه ظلم أبنه الكبير اللى بيخدمه سنين عددها قط ولم يكسر كلمة واحدة , وفى الآخر أبوه لم يعطيه حاجة , يبقى على طول أب ظالم وغير عادل ومقصر , لأن اللى غلط ذبح له العجل المسمن بينما اللى ما غلطش لم يعطيه حاجة , أذا هو أب غير عادل بل أيضا هو أب غير حازم وضعيف الشخصية لأنه كان لابد أنه يعاقب اللى غلط بدلا ما يكافئه ويذبح له العجل المسمن , والأبن الكبير وهو بيتكلم جرح فى أبوه كثيرا وكأنه شايف أنه ينبغى على الأب وعلى الأبن الأصغر أن هم الأثنين يعتذروا له لأن هم الأثنين غلطوا فى حقه لأنه كان شاعر أن الأب غلط فى حقه والصغير أيضا غلط فى حقه , وهو ده الإنسان اللى شاعر إن كل الناس وكل الكون بيغلط فى حقه , وساعات الإنسان من كتر تركيزه على الأنا وعلى الذات حاسس أن كل الناس بتغلط فى حقه حتى ربنا كمان بيغلط فى حقه ومحدش مقدره ومحدش بيعطيه الإحترام اللازم ومحدش بيضعه فى المقدمة ومحدش بيعظمه " مش عارفين قيمتى " , لكن فى واقع الأمر إذا كان ده إحساسه أن أبوه غلط فى حقه وأخوه غلط فى حقه , لكن فى واقع الأمر هو اللى كان غلطان فى حق أبوه وفى حق أخوه , وهو اللى كان يحتاج إلى غفران أبوه وإلى غفران أخوه , فى أوقات كثيرة ببقى أنا اللى محتاج أنهم يسامحونى لكن أنا شاعر أن هم المفروض يعتذروا لى بينما فى واقع الأمر أنا اللى مفروض أعتذر لهم وهى دى خطورة تركيز الإنسان على الأنا وعلى الذات كما أبتدأ عبارته بـ " ها أنا " , وكانت عدم الرغبة فى أنه يتصالح مع أخوه سبب مهم جدا وأدى فى النهاية إلى قطع الشركة اللى بينه وبين أبوه واللى بينه وبين أخوه لأنه ما قدرش يغفر وما قدرش يصالح فأنقطعت الشركة ليست فقط بينه وبين أخوه وأيضا بينه وبين أبوه بأنه ظل خارج البيت , وعلشان كده السيد المسيح قال فى متى 6: 14- 15 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ. , هناك فرق كبير بين حالة الفرح اللى كانت عند الأب لأنه غفر لأبنه وبين المرارة اللى كانت جوه نفس الأبن الأكبر لأنه ما قدرش يغفر لأخوه , فالأب فرح لأنه غفر لكن الأبن الكبير ظل فى مرارة لأنه لم يغفر , والفرق بين الفرح والمرارة هو قدرتنا على الغفران , فإذا كنت أنت أنسان فرح بأستمرار فذلك لأنك أنسان بتغفر للآخرين وإذا كنت أنت إنسان جواك مرارة من كل إنسان آخر فهذا ليس لأن الناس وحشين لكن ده لأنك ما بتغفرش للآخرين , فوراء كل فرح غفران , ووراء كل مرارة عدم غفران , وإذا رفضت أنك تغفر بتبقى ضيعت على نفسك فرصة مدهشة أنك تختبر الفرح الحقيقى .
31* و32* 31فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. 32وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ».الأب بيرد على الإتهامات , وكان رد الأب أيضا فى محبة متألمة أنه قال له يا بنى , ونشوف الأبن أنه ما رضيش يقول له يا أبى , لكن الأب مازال يعترف ببنوة هذا الأبن بالرغم من جحوده ومازال يخاطبه يا بنى , أنت ما زلت أبنى بالرغم من أنك مش عايز تنطق وتقول يا أبى , فى لطف وفى حنان وفى حب لا يعبر عنه , ما زال هذا الأب يتعامل مع هذا الأبن , وبيقول أنت معى فى كل حين , يعنى أنت كنت معايا فى كل لحظة لكن للأسف بالرغم من أنك كنت معايا فى كل لحظة جسديا لكن فى واقع الأمر أنت كمان كنت فى كورة بعيدة بالرغم من وجودك فى البيت ولكن لم تكن معى فى الحب ولا فى الشركة ولا فى الروح , والدليل أنك ماكنتش معايا بالرغم من أنك كنت معايا أنك ما أكتشفتش أن كل اللى لى هو ليك ومشعرتش بكده , فالشركة لم تعرفها ولم تختبرها بالرغم من أنك كنت معايا كثيرا بل فى كل وقت وفى كل حين وأنا ما ظلمتكش لأنك ما خسرتش حاجة برجوع أخوك , وناخد بالنا أن السيد المسيح وهو بيتكلم فى هذا المثل بيوجه كلام للكتبة وللفريسيين والمتدينين ولشعب اليهود , ما هو الأبن الأكبر ليس فقط رمزا للمتدينين الشكليين ورمز للفريسيين ولكن أيضا رمز للشعب المختار لأن هو الشعب الأكبر أو الأول اللى عرف ربنا بينما الأخ الأصغر ده رمز للأمم , وكأن ربنا عايز يقول لهم أن أنا ما ظلمتكوش فى حاجة وأنتم ما خسرتوش حاجة لأن كل وعود الله وعهود الله ما زالت باقية ليكم ملككم ومجىء الأمم لم يخسركم حاجة , لأن محبتى بتتسع للكل ووعودى للكل وأنا عايز أعطى الكل وبالرغم من أن الحدث كان يستدعى السرور والفرح لأنه معروف ليه لأن هذا الأبن الضال وجد والميت عاش , فأبوه بيشرح له أنت كان لازم تفرح وهو ده تعبير " كان ينبغى أن نفرح ونسر " يعنى أن الفرح والسرور ده ضرورة حتمية , وهو هنا بيشرح له سبب الفرح بالرغم من ان السبب واضح أنه كان ضالا فوجد وكان ميتا فعاش , لكن فى غباء الأخ الأكبر , فهنا الأب بيفهمه ليه نفرح وليه نسر , وفى قوله أخاك هذا , كأن الأب بيقول ليه أخوك اللى أنت بإصرار رفضت أن تقول أنه أخويا هو فعلا أخوك , وأحنا عرفين لما بدأ الحديث مع أبوه قال له أبنك هذ , فالأبب بيصحح ليه لأ ده أخاك هذا اللى ينبغى أنك تقبل أخوته مهما أن كان ولا تقول على أحد أنه شرير ولا تقول على أحد انه خاطى لأنه فى آخر الأمر آخاك هذا , هو أخوك , وأنهى السيد المسيح المثل بأن هذا الأخ الصغير كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد , بينما الأخ الأكبر كان نفس الخطأ ونفس الخطية ونفس البعد عن الآب ونفس الموت ونفس الضلال ولكن لم يقل السيد المسيح أنه كان ميتا فعاش , وأنهى القصة من غير ما يقول لنا موقف الأخ الكبير وهل عاش أو لم يعش أو الأخ الكبير وجد أو لم يوجد أو أن الأخ الكبير دخل البيت أو لم يدخل , الحقيقة هو ما قالش , واللى السيد المسيح قاله وأوضحه بمنتهى الوضوح أن الأبن الصغير دخل وأتنقل من الموت إلى الحياة ومن الضلال للوجود , بينما الأبن الأكبر لم يذكر شىء عنه بعد كدة فى نهاية المثل , الأخ الكبير اللى كان عايش كعبد فى البيت والعبد يشتغل إما طمع فى أجرة وإما خوف من عقاب , لكن ما هى خطورة العبودية؟ بيجاوب السيد المسيح على هذا السؤال فلو رحنا لأنجيل معلمنا يوحنا 8: 35 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. يعنى العبد إذا ما عجبتهوش الأجرة حا يهرب ويمشى ويطفش وإذا خاف وخوفه زاد أيضا حا يهرب , وهو ده المقصود أن العبد لا يبقى فى البيت إلى الأبد , فاللى عايش مع ربنا على أساس علاقة النفعية وأن ربنا يبعد عنه مصائب أو يعطيه مكافئات وكل إرتباطه بربنا هو هذا الموضوع من غير ما يقدر يدرك علاقة الشركة والحب مش حايستمر حاييجى عليه وقت حايخرج بره البيت لأنه حايختلف مع ربنا على الأجرة , إذا العبد لا يبقى فى البيت إلى الأبد , لكن الأبن هو الذى يستمر , وعلشان كده خطورة هذا المثل وبالذات الأخ الأكبر ويمكن الناس والوعاظ لما بيتكلموا بيركزوا على قصة الأبن الضال العائد إلى حضن أبيه , لكن الخوف كل الخوف من الأخ الأكبر , لأنه رمز للناس الموجودين داخل الكنيسة لكن بالرغم من وجودهم جوه الكنيسة لكنهم فى واقع الأمر مازالوا فى كورة بعيدة , والمشكلة الأكبر أنهم مش عارفين ومش مدركين أنهم بعاد , فالصغير رجع لأنه كان مدرك أن هو ذهب إلى كورة بعيدة بينما الكبير اللى موجود جوه البيت واللى مع ربنا فى كل حين لكن فى واقع الأمر هو مش مع ربنا خالص ودى هى مشكلته الأخطر أنه مش مدرك أنه بعيد وعلشان كده المثل أنتهى من غير ما يقول لنا أن الأخ الكبير دخل أو ما دخلش , والسيد المسيح كان يقصد أن يترك القصة معلقة وأنه لا يضع لها ختام , والسؤال هل اليهود سيدخلوا البيت ويتمتعوا بشركة الحب فعلا , اليهود اللى كل اللى عندهم ممارسات طقسية محافظين عليها ولكن كانوا بعاد جدا عن قلب ربنا ؟ وهل أيضا كل واحد فينا متدين تدين شكلى وكل العلاقة اللى بينه وبين ربنا هى خدمة على مستوى الجسد ولكن لم يصل بعد إلى حياة الشركة أو الوحدانية أو إختبار الوجود فى حضرة الله سيدخل البيت ؟ السيد المسيح ترك القصة معلقة ولكن اليهود أكملوها ! طيب كيف؟ الحقيقة هى أن الأبن الكبير مسك العصاية وضرب أبوه ودى كانت نهاية القصة اللى خرج يطلب إليه وليس فقط أن الأبن الكبير لامه ووبخه وأظهره أنه ظالم لأ ده كمان مسك العصاية وضرب ابوه طيب ضرب أبوه أزاى ؟! طبعا الصليب يا أحبائى , نعم الصليب هو العصاية اللى مسكوها اليهود بأيديهم وضربوا بيها السيد المسيح , طيب ضربوا السيد المسيح ليه؟ لأنه كان يحب العشارين والخطاة لأنه كان يأكل معهم لأنه قبلهم , وهو ده اللى بيتكلم عنه فى بداية هذا الإصحاح إن الكتبة والفريسيين تذمروا لأن السيد المسيح كان بيأكل مع العشارين والخطاة , يعنى قبل الصغير , هو ده كده تقبل الصغير وتذبح له العجل المسمن , فراح مسك الأبن الكبير العصاية ونزل ضرب فى أبوه , وهى دى القصة اللى كتبها اليهود أو الأخ الكبير , أو القصة اللى بيكتبها أى أنسان متدين تدين شكلى أو سطحى أو الإنسان بتاع الواجبات , لكن السؤال هنا هل سيدخلوا البيت حتى بالرغم من أنهم ضربوا الأب أم لا ؟ الحقيقة لا أحد يعلم , لكن الثابت لينا والواضح جدا أن محدش حا يقدر يفضل فى البيت على طول إلا إذا أكتشف حب الآب وعاش فى شركة مع الآب , ومحدش حايقدر يفضل جوه البيت إلا إذا دخل فى شركة حقيقية مع الآب , وبدون إكتشاف هذا الحب محدش حايقدر يكمل , فالأبن الصغير لأنه ماكانش مدرك هذا الحب ترك البيت ومشى ولكن رجع وفى رجوعه أختبر هذا الحب فثبت فى البيت , والأبن الكبير بالرغم أنه كان عايش جوه البيت لكن ما أكتشفش هذا الحب وعلشان كده خرج وما رجعش مرة تانية , ولكن الأب لا يقلل أبدا كرامة الإنسان التائب والعائد إليه بل بالعكس بيفرح جدا بالأبن العائد وبيقول للكبير أنك ما خسرتش حاجة لأن كل اللى الباقى هو باقى ليك أيضا , كل العهود مازالت ليكم , الخروف الضال ضاع عن جهل , والدرهم المفقود ضاع من غير قصد , والأبن الأصغر ضاع بإرادته , لكن الله بيبحث عن الكل وبيقبل الكل وبيرد الكل أليه , وعلشان كده دمعة الإنسان الخاطى التايب فى نظر الله أعظم بما لا يقاس من ألف ممارسة شكلية وعبادة خالية من الحب والشركة , فالفريسى اللى وقف يقول أنا..أنا.. تماما زى الأبن الكبير "ها أنا" ما كانش ممكن يتحمل أو يظن أن التوبة ممكن تقربه من الله أكثر من أى ممارسة شكلية أو رياء أو نفاق أو وجود بالجسد داخل البيت , ومن كل الممارسات اللى مليانة بالأنانية لكن خالية من حياة الشركة والحب والإتضاع والغفران للآخرين , والأبن الكبير أظهر الأب مديون له وملام وظالم وغير حازم وضعيف الشخصية , لكن الأبن الصغير أظهر الآب فى محبته المتألمة وفى محبته الباذلة وفى غفرانه الذى لا يحد , وعلشان كده هذا المثل كان أعظم قصة أو أعظم مثل يتكلمه الله على أعظم عمل ممكن الإنسان يعمله فى حياته , وهو التوبة اللى هى أعظم عمل , أعظم من التكريس وأعظم من الخدمة وأعظم من العشور اللى بيعطيها والملايين اللى بيدفعها ,وأعظم من الأصوام اللى بيصومها , من الآخر أعظم من كل الأشياء , يبقى القاعدة هى أن أعظم عمل يعمله الأنسان هو التوبة , التوبة اللى أحنا شفنا فى معناها أن هى فعل رجوع علاقة حقيقية وإكتشاف حب وعشرة وعلاقة شركة بين الله وبين الإنسان , وليست التوبة التى نمارسها اللى هى عبارة عن ندم وياريتنى ما كنت عملت كده أو أن هى تمنى وياريت أن انا أبقى كويس , مش دى التوبة يا أحبائى , التوبة هى فعل رجوع ومش فعل ندم ولا فعل تمنى .
إن إدراك محبة الله وقيمة عمل الفداء بدم أبنه الحبيب الذى يطهر من كل خطية ويجعلنا الآن أبيض من الثلج لدى الله ليشجعنا على الرجوع والتوبة والعودة فورا إلى الآب السماوى الذى تكفل لنا محبته ضمان عدم العقوبة والصفح والقبول , فإنه وإن كان لنا لا يجوز لنا أن نستخف بخطايانا بحيث أنها بالحقيقة دنستنا وجعلتنا غير أهل لنكون مع الله ولكنه محرم علينا أيضا أن نستهين بدم أبن الله الذى سفك لأجلنا , فينسب إستحقاقه لنا الآن متى آمنا به , فشعورنا بعظم خطيتنا بنور كلمة الله إنما يزيد إعتبارنا لمحبته وثقتنا بدم السيد المسيح الذى يجعلنا طاهرين الآن لا فى المستقبل , أنظروا إختبارات داود عند توبته إذ قال فى مزمور 51: 6- 9 6هَا قَدْ سُرِرْتَ بِالْحَقِّ فِي الْبَاطِنِ فَفِي السَّرِيرَةِ تُعَرِّفُنِي حِكْمَةً. 7طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ. 8أَسْمِعْنِي سُرُوراً وَفَرَحاً فَتَبْتَهِجَ عِظَامٌ سَحَقْتَهَا. 9اسْتُرْ وَجْهَكَ عَنْ خَطَايَايَ وَامْحُ كُلَّ آثَامِي. فنراه كالأبن الضال يشعر بخطاياه ويعترف بيها , ولكنه يثق أيضا برحمة الله , فإن كانت الأولى عظيمة جدا فالثانية أعظم , وده اللى بيقوله ربنا على لسان أشعياء النبى 1: 18 18هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ. ما أجمل الشعور بمحبة الله وما أعظم الثقة فى قبوله لنا رغم خطايانا الكثيرة وذلك بعد توبتنا والرجوع إليه . ما أعظم أفعال الله . لا يوجد شىء على الأرض نقى بذاته وخالص اللون كالثلج , ولا يوجد شىء دنس وردىء وكريه مثل خطايانا , ولكن متى غسلنا الله بدم السيد المسيح نصير أبيض من الثلج ونتيقن ذلك كل اليقين ونقول كما يقول يوحنا الرائى فى سفر الرؤيا 1: 5- 6 5وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ،6 وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. ولكن أن كانت أفعال الله عظيمة جدا فأفكاره أيضا تعلو عن أفكارنا بما لا يوصف , ولا نقدر أن ندركها إلا بعد توبتنا ورجوعنا إليه .
وينتهى الأصحاح 15 الجميل كما إبتدأ إذ يصرح أنه كان ينبغى لله أن يجد فرحه فى وجدان الخروف الضال والدرهم المفقود وفى قبول الأبن الشاطر بعد ضلاله فى المعصية سنين . لاشك بأنه أيضا يحب إسرائيل ولايزال يراقبهم بلطفه مدة تيهانهم فى برارى كفرهم ورفضهم الذى تمت فيه المواعيد , وسوف يفرح بهم عند توبتهم ورجوعهم كأمة إذ يعترفون بأنهم ضلوا ويحتاجون إلى نفس النعمة التى رفضوها قائلين مع أشعياء النبى 53: 6 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ولكن للسماء فرح خصوصى الآن إذ تفتش على الضالين من كل أمة وتأتى بهم إلى الأب وأمجاد بيته التى لها منازل كثيرة.
والى اللقاء مع تأملات وقراءات فى الأسبوع الرابع من الصيام الكبير أحد السامرية , راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.
|