رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
سرّ يسـوع تقديس الإنسان للاتحاد بالله شهادة حية لإيمان مُسَلَّم من جيل إلى جيل + من التصق بالرب فهو روح واحد – 1كورنثوس 6: 17 + سر يسوع تقديس الإنسان أي تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله كمجال حي لنتذوق عمل المسيح الخلاصي في حياتنا وهذا هو القصد من تجسد الكلمة _____ (1) مقدمـــــــــــــــة _____في ملء الزمان ظهر الله اللوغوس في الجسد كالتدبير، فتدفق علينا بكل ما له، إذ أخذ ما لنا وأعطانا ما له لذلك نُسبحه ونُمجده ونُزيده علواً بفرح ومسرة بالغة مع شكر دائم لا ينقطع، وظهور الله في الجسد لا يعني إطلاقاً انه مجرد ظهور مثل أي ظهور لله في العهد القديم، أو لرسالة محددة ثم يرحل عنا ويُفارقنا، بل أن الكلمة صار جسداً وحل بيننا (أي فينا أو في طبيعتنا البشرية أي تشارك في اللحم والدم للسكنى بديمومة بلا انفصال أو على أدق تعبير حسب إنجيل بشارة الحياة الجديدة: εσκήνωσεν = tented among us = وهو تعبير يُشير للحضرة الإلهية وسط شعبه في العهد القديم من جهة الخيمة وسحابة المجد الإلهي، ولذلك المعنى هنا = ضرب بخيمته فينا أي سكن فينا فرأينا مجده الحقيقي) (يوحنا 1: 14)، فالله اللوغوس وحيد الآب أتى في ملء الزمان ليسكن هيكل بشريتنا الخاص لا بالاتصال أو بمعاملات خارجية، بل باتحاد واقعي حقيقي لا رمزية فيه على الإطلاق، لذلك أتى متجسداً ولم يظهر مجرد ظهور، ولذلك يقول الرسول: + كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد in the flesh فهو من الله (1يوحنا 4: 2)فالكائن الأزلي قبل الأكوان الذي في حضن الآب، المساوي والجليس والخالق الشريك معه، دخل إلى عالمنا وزماننا في تاريخ البشرية، إذ صار اللوغوس جسداً أي إنساناً؛ تجسد وتأنس مشابهاً لنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها: سمعناه، ورأيناه بعيوننا، وشاهدناه، ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. (1يوحنا 1: 1) لأننا كيف نسمع ونرى بعيوننا ونشاهد ونلمس روح، لأن كيف يتعامل المادي مع الغير مرئي، وبأي طريقة نتواصل مع من لا أحد يراه ويعيش، إلا إذا صار اللوغوس جسداً أي إنساناً، جاعلاً الجسد جسده باتحاد بلا افتراق لكي يكون فعلاً جسده وليس جسد آخر سواه، فنلمسه ونُشفى، وهو يقدسنا ويرينا ما لا يُمكن أن نراه. ونعود نقول ونؤكد: والكلمة صار جسداً وحل بيننا (فينا) وقد رأينا مجده، مجد وحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً.. ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا، ونعمة فوق نعمة (يوحنا 1: 14 و16)، ويقول القديس غريغوريوس النزينزي: هذا هو مغزى السرّ الأعظم الحاصل من أجلنا، سرّ الله المتجسد من أجلنا... لقد جاء لكي يجعلنا جميعاً واحداً في المسيح، في ذاك الذي حلَّ فينا بالكمال لكي يُعطينا كل ما له. (عن التجسد عظة 7: 23) ويقول القديس كيرلس الكبير:+ لاحظوا أرجوكم كيف أن الإنجيلي (يوحنا) اللاهوتي يتوَّج بحكمة كل طبيعة البشر بقوله أن الكلمة قد "حلَّ فينا "فهو يقصد بذلك أن يقول أن تجسد الكلمة لم يحدث لأية غاية أخرى إلا لكي نغتني نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبني (تعاليم في تجسد الابن الوحيد 27) هكذا أعطانا نعمة البنوة حسب التدبير الفائق، وأصبحنا نحن بذلك مولودين من فوق، مولودين بالروح، لأن فيه هو أولاً حصلت الطبيعة الإنسانية على هذا الميلاد الروحي، وبولس اللابس الإله الحي، قال بكل حكمة الروح ونطق الحق بصواب عظيم: "كما لبسنا صورة الترابي سوف نلبس صورة السماوي" وقال أيضاً: "الإنسان الأول من تراب ترابي، والإنسان الثاني من السماء. ولكن كما الترابيين مثل الترابي، هكذا سيكون السمائيين مثل السمائي" (1كورنثوس 15: 47 و48 و4)، ونحن ترابيين لأن الموت ملك علينا، ففينا التراب من آدم الأول الترابي أي اللعنة والانحلال اللذين بهما دخل ناموس الخطية في أعضاء جسدنا، وإذ أخطأ الجميع ظهر إعلان موت الخطية برائحة فساد لا علاج له عند أحد ولا حتى الناموس نفسه الذي أظهر مدى تورط الإنسان في جحيم مرارة الموت. ولكن – في الواقع اللاهوتي – صرنا سمائيين إذ نلنا هذا في المسيح يسوع ربنا، لأنه بالطبيعة إله حق من إله حق، وهو اللوغوس من فوق، أي من الله، ونزل إلينا متجسداً بطريقة فائقة، فولد بالجسد من الروح والعذراء، أي تجسد وتأنس لكي يجعلنا مثله ونصبح قديسين وبلا فساد، وتنزل إلينا النعمة من فوق بضمان الاتحاد الفائق العجيب، ويُصبح لنا بداية ثانية وأصل جديد فيه حينما نؤمن به ونعتمد فيه فنلبسه ونلتصق به التصاقاً ونصير معه روحاً واحداً.لأن من هو الذي يستطيع أن يصعد للسماء ويسكن هناك بقدرته أو حتى بأعماله مهما ارتقت وصارت في أعلى قيمة إنسانية لها، لأنه لن يصعد أحد قط إلا الذي نزل من السماء، الذي هو طبيعياً في السماء، ابن الإنسان الذي هو ابن الله الحي، لأنه نزل إلى عبوديتنا ومَذَلَّتنا ليُمجدنا ويصعدنا فيه ويجلسنا معه حيثما هو جالس عن يمين العظمة في الأعالي وهذا هو السرّ الحادث من أجلنا، لأنه لم يتجسد لأجل نفسه بل من أجلنا نحن الأموات بالخطايا والذنوب ليُحيينا معهُ: + ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مخلصون، وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع (أفسس 2: 5، 6)أيها القارئ العزيز، أن هذا السرّ العظيم الفائق كل فحص، سرّ تجسد اللوغوس وحيد الآب، ينبغي أن نتعمق فيه لا على مستوى الفحص العقلي الخاضع لتقلبات الفكر والمزاج الخاص والمنطق الفلسفي أو المعقول والمقبول على المستوى البشري الطبيعي، بل يتحتم أن ندخل إليه، بل فيه، كسرّ أُعلن لنا من الله في ملء الزمان حسب تدبيره الأزلي، أي ندخل في شخص الكلمة المتجسد نفسه، لأن سرّ التجسد كما علمنا آباء الكنيسة ليس بموضوع نظري فكري للمناقشة وعرض الأفكار والاعتراضات والبحث والجدل أو إثبات للآخرين أن الله تجسد أو لكي ندافع عن الإيمان أمام الناس لكي نُظهر اننا أصحاب الإيمان القويم، بل هو مجال خبرة وتذوق وحياة شركة في سرّ التقوى بالوحدة في المسيح يسوع ربنا مع جميع القديسين كجسد واحد، أي أعضاء المسيح المطعمين فيه كالأغصان في الكرمة. + وبالإجماع عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد (1تيموثاوس 3: 16)وطبعاً ندخل لسرَ المسيح الرب، لا يعني على الإطلاق أن نتأمله من حين لآخر أو نتبنى أفكار عن تجسده ولا نصيره مجرد مثال أخلاقي لنا أو لمن نخدمهم أو نُعلِّمهم؛ ولكن معنى أن ندخل في سرّ شخص اللوغوس المتجسد، يعني أن ندخل في سره العظيم، أي نشترك باستمرار وتواصل بل وبشكل متزايد في ناسوته الذي فيه اتخذ بشريتنا فنمتلئ بلاهوته، إذ أن لاهوته مستحيل على الإطلاق أن يفارق ناسوته لحظة واحده أو طرفة عين. وبمعنى آخر أكثر وضوحاً وباختصار وبتعبير رسولي: (((أن نلبس المسيح)))، وهذا هو حدث عمادنا، فنحن تعمدنا لذلك، أي لكي ندخل إليه، أي نلبسه لبساً، وذلك لكي يصير لبس المسيح حدث حياتنا كلها: + لأن كلكم الذين اعتمدتم بـ (في – into) المسيح قد لبستم المسيح. (غلاطية 3: 27)وعلينا أن ننتبه أن المعمودية أو التعميد ليس فقط بالمسيح بل وفي المسيح (كما هي موجودة في النص الأصلي اليوناني = into = في داخل) لذلك يقول الرسول [اعتمدتم في المسيح] وهذا يُفيد الدخول الحقيقي والفعلي في المسيح دخولاً سرياً غير منظور، وهو يظهر فينا بثمرة الروح منظوراً من الناس في سرّ التقوى الذي يظهر فينا بالإيمان العامل بالمحبة، وهذا معناه الطاعة، أي طاعة الوصية أي اننا نحيا الحياة بالوصية المقدسة التي تظهر في أعمالنا، وبذلك يمجدوا أبانا السماوي بسبب الأعمال التي نعملها بالله. + وأما من يفعل الحق فيقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة؛ لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها؛ فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات. (يوحنا 3: 21؛ أفسس 2: 10؛ متى5: 16)فالذي بالمعمودية دخل في المسيح، لا يخرج بدونه قط، فهو يكون قد اتحد بالمسيح اتحاد حقيقي سري غير منظور، وذلك في الحقيقة والواقع وليس مجازاً، بل يظهر في واقع الحياة اليومية يوماً بعد يوماً حينما نحيا بالإيمان الحي حاسبين كل الأشياء خسارة ونفاية من أجل فضل معرفة المسيح ربنا، لذلك يقول بولس الرسول بنظرة ثاقبة لكي يقطع كل شك بيقين إيمان حي: + فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ in (غلاطية 2: 20) |
18 - 10 - 2016, 07:57 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
ميرسي على الموضوع الجميل مارى
|
||||
18 - 10 - 2016, 08:06 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
ميرسى ربنا يبارك تعب محبتك
|
||||
19 - 10 - 2016, 12:12 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
شكرا على المرور |
||||
23 - 10 - 2016, 09:26 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
دائماً مُشاركاتَكْ رائْعة
موضوعك مُمَيز ربنا يبارك خدمتك |
||||
23 - 10 - 2016, 09:50 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله - الجزء الثاني تابع المقدمة
شكرا على المرور |
||||
|