مجلة «مدارس الأحد» تعود لخطها الأساسى فى التنوير وترفض رسامة البطريرك من الأساقفة
تمثل الأعداد الأخيرة من مجلة مدارس الأحد مفاجأة سارة لكل عشاق هذه المجلة الأثيرة لدى القارئ القبطى. وذلك لعودة المجلة لخطها الإصلاحى والذى صدرت من أجله منذ ٦٦ عاما مضت- وهو الخط الذى كاد يختفى تماما لأكثر من ٤٠ عاما اكتفت فيه المجلة بالمقالات الوعظية والروحية والتفسيرية- وبدأت هذه العودة منذ العدد الصادر فى يوليو الماضى، فقد تضمن العدد ملفاً ساخناً حول اختيار الأب البطريرك. وقد أعلن الدكتور سينوت دلوار شنودة فى مقاله المعنون «بابا جديد لعصر الجديد» عن هذه العودة قائلا: «قد قررنا أن نقوم بواجبنا نحو الكنيسة التى رضعنا لبنها وضمتنا تحت جناحيها.. قررنا أن نقوم بنفس الواجب الذى قرر الرعيل الأول من رواد مدارس الأحد فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى أن يقوم به ليفيق الشعب من غفلته وينهضه من نومه فنقلنا بذلك الدور الحيوى من عصر إلى عصر من ظلام دامس به بصيص خافت من نور إلى عصر تنوير شامل به بعض الغيوم ونحن ندرك أهمية وحساسية هذا المنصب السامى والرفيع لبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى كل وقت، وبالأخص فى هذه المرحلة الحرجة بالغة الحساسية فى بلادنا الحبيبة مصر»، وفى هذا الإطار أعادت المجلة نشر مجموعة من المقالات التى تمثل التراث الإصلاحى لها، والذى رأى بعض الخبثاء فى اختيارها انقلاباً للمجلة على البابا الراحل، وذلك بتذكير القراء بكتابات وآراء البابا وهو شخص علمانى من ذلك الدراسة الوثائقية القيمة للعالم الأستاذ يسى عبدالمسيح تحت عنوان عدم قانونية اختيار البطريرك من بين الأساقفة- والذى سبق نشره بالمجلة عام ١٩٥٤ وكان يرأس تحريرها نظير جيد «البابا شنودة» والذى قدمه قائلا «ليس هذا رأيا خاصا ننشره للأستاذ الكاتب وإنما هو رأينا جميعا ورأى الكنيسة كلها عبرت عنه جميع هيئاتها بل هو رأى القوانين والآباء والتاريخ الكنسى بشتى عصوره». وضمن البحث كل الأقوال والقوانين التى تثبت أن البطريرك كأسقف تمنعه القوانين الكنسية من ترك إبراشيته إلى غيرها وأقوال العلماء فى اختيار البطريرك من رتبة غايتها قمص وما يثبت ذلك من طقس رسامة البطريرك وما ورد فى كتاب تكريس البطاركة والتى أجملها قرار مجمع الأساقفة عام ١٨٦٥وجاء فيه أن بطاركتنا جميعهم الـ ١١١ لم يكن منهم أحد أسقفا على أبروشية، وتركها، وأن القانون منع انتقال الأسقف من كرسيه إلى كرسى آخر وجاء البحث فى ٩ صفحات من المجلة. التى نشرت أيضا بجرأة مقالين لنظير جيد الأول بعنوان ماذا يعمل هولاء فى الكنيسة- سبق نشره فى عدد ستمبر ١٩٥٢ - ويتساءل فيه البابا شنودة فيما بعد عن عمل خادم البطريرك وتلميذ البطريرك والسكرتير ووكيل البطريركية وحاشية البطريرك فى الكنيسة قائلين لسنا نريد تطهيرا فى الأشخاص فحسب وإنما فى الأوضاع والمبادئ قبل كل شىء، لأن الأوضاع الخاطئة أن لم تتغير قد تفسد الأشخاص الصالحين ولعل ختام المقال بكلمات عن حاشية البطريرك له صدى يتردد حتى الآن حيث كتب يقول يحيط بغبطة البطريرك «كان يقصد وقتها البابا يوساب الـ١١٥» جماعة من قسوس البطريركية وبعض مطارنة معروفين للشعب ينوبون عنه فى مقابلة المسؤولين من رجال الحكومة أو يرافقونه فى أمثال هذه الزيارات ويتحدثون باسمه أحيانا ويتولون الدفاع أحيانا أخرى عن الأوضاع الخاطئة حفظا لسمعة الكنيسة. والسوال الآن: أما زال غبطة البطريرك مهتما بالاحتفاظ بهؤلاء الأشخاص، وقد وصلت الحالة إلى ما وصلت إليه. أما المقال الثانى، فكان مقدمة نظير أو قداسة البابا للطبعة الأولى من كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية للأب متى المسكين- وهى المقدمة التى تم حذفها من طبعات الكتاب المتتالية.ووأضح مدلول نشره ما وصلت إليه العلاقة بين الأب متى والبابا، حيث دخلا معا فى حروب فكرية ولاهوتية، وكانت المجلة تذكر القارئ خاصة جيل الشباب بشكل العلاقة بين الحبرين والتى تحولت من تقديم كتب ومدح لمنع توزيع الكتب والدخول فى جدل أضر أكثر مما أفاد.. وعلى نفس المنوال نشرت المجلة فى عدد أغسطس مجموعة أخرى من المقالات الإصلاحية التى أكدت على نفس المعنى فى رفض ترشح الأساقفة. كما فجرت المجلة مفاجأة وهى أن هناك عدداً تم طبعه فى مايو ١٩٩٦ ولم يتم توزيعه بسبب احتوئه لمقال للدكتور سليمان نسيم كان يحتوى على نقد لإدارة الكنيسة فى عهد البابا شنودة. وقلقت أسرة المجلة من رد الفعل فرأت عدم توزيع العدد وصدرت عدد يونيو تحت اسم «إنه عدد مايو ويونيو معا». وفى العدد الأخير من المجلة «سبتمبر» نشرت المجلة رسالة للقانونى الكبير حبيب باشا المصرى الذى شارك فى كتابة دستورى١٩٢٣ و١٩٥٤ وشارك فى وضع لائحة البطريرك ١٩٤٢وأكد أهمية اتباع قوانين الكنيسة وهذه العودة من المجلة إلى دورها الأول فى نقد وإصلاح الكنيسة تستحق عليها التحية والتقدير ونرجو ألا تتراجع عنها مرة أخرى.
المصدر : المصرى اليوم