«مَن يؤمن بي فله حياة أبدية»:
واقع الأمر، فإنَّ الجزء الذي يتضمَّنه إنجيل اليوم من حديث المسيح، هو الأساس الذي يقوم عليه سر الإفخارستيا، الذي هو ليس أَكْل خبز وشُرب خمر، وإنما هو الإيمان بأننا نأخذ المسيح ونلتحم به روحياً، بالصورة التي رسمها لنا: أنَّ ”جسده مأكلٌ حقٌّ ودمه مشربٌ حقٌّ“، وأن الفعل الذي يتم، وإن كانت له عناصره المادية، فهو ليس فعلاً جسدياً بالمرة، وإنما هو فعل روحي بحت يُغيِّر الحياة، فيغسلها من خطاياها ويُجدِّدها ويُطهِّرها، ولا علاقه له بصحة الجسد أو بالنجاح في الامتحان أو بحل المشاكل الحياتية كما يتوهَّم البعض ولو بحُسْن نية.
والرب كشف لنا عن الهبات الروحية التي يُنعِم بها علينا بتناولنا من جسده ودمه تحت أعراض الخبز والخمر، وهي أن نثبت فيه وهو فينا (يو 6: 56)، وأن ننال الحياة الأبدية (منذ الآن)، وأن يُقيمنا في اليوم الأخير (يو 6: 54)؛ كما أنَّ المؤمنين باعتمادهم بروح واحد (1كو 12: 3) لموت الرب وقيامته، وباشتراكهم في الجسد الواحد والدم الواحد، يصيرون جسداً واحداً في المسيح.