رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخلط بين كلمة الله والعبادة الوثنية: 1 «فِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُخْرِجُونَ عِظَامَ مُلُوكِ يَهُوذَا وَعِظَامَ رُؤَسَائِهِ وَعِظَامَ الْكَهَنَةِ وَعِظَامَ الأَنْبِيَاءِ وَعِظَامَ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ مِنْ قُبُورِهِمْ، 2 وَيَبْسُطُونَهَا لِلشَّمْسِ وَلِلْقَمَرِ وَلِكُلِّ جُنُودِ السَّمَاوَاتِ الَّتِي أَحَبُّوهَا وَالَّتِي عَبَدُوهَا وَالَّتِي سَارُوا وَرَاءَهَا وَالَّتِي اسْتَشَارُوهَا وَالَّتِي سَجَدُوا لَهَا. لاَ تُجْمَعُ وَلاَ تُدْفَنُ، بَلْ تَكُونُ دِمْنَةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. 3 وَيُخْتَارُ الْمَوْتُ عَلَى الْحَيَاةِ عِنْدَ كُلِّ الْبَقِيَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ هذِهِ الْعَشِيرَةِ الشِّرِّيرَةِ الْبَاقِيَةِ فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. تلامس إرميا بروح النبوة مع كلمات السيد المسيح: "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" (مت 19: 14). بينما كان يشاهد الشعب قادمًا بأطفاله إلى الهيكل ليعودوا بهم إلى "ابن هنوم" يقدمون بعضهم للقتل أو الحرق باسم الوثن. لقد اختاروا لأنفسهم ولأولادهم المرارة عوض الفرح الحقيقي، والموت عوض الحياة. انحرف الكل: الملوك والرؤساء والكهنة والأنبياء الكذبة والشعب وعبدوا الآلهة التي بلا حياة واهبة الموت عوض الله الحيّ واهب الحياة. وها هو يقدم لهم الله سؤل قلبهم، إذ يقول: "في ذلك الزمان يقول الرب يخرجون عظام ملوك يهوذا وعظام رؤسائه وعظام الكهنة وعظام الأنبياء وعظام سكان أورشليم من قبورهم، ويبسطونها للشمس والقمر ولكل جند السموات التي أحبوها والتي عبدوها والتي ساروا وراءها والتي استشاروها والتي سجدوا لها. لا تجمع ولا تدفن بل تكون دمنة (روثًا) على وجه الأرض. ويُختار الموت على الحياة عند كل البقية الباقية من هذه العشيرة الشريرة الباقية في كل الأماكن التي طردتهم إليها يقول رب الجنود" [1-3]. تهلل الكل بوجود سفر الشريعة التي يعتزون بها حرفيًا بغير روح، يهتمون بنسخها بكل دقة، ويغسلون القلم لتطهيره قبل كتابة اسم "يهوه"، ويحسبون عدد الحروف حتى لا يخطئوا في كلمة، ويضعون الشريعة في الهيكل، ولا يلمسها من كان دنسًا. ومع هذا كله كانوا يعبدون الأوثان ليس تحت ضغط العدو، ولا عن جهالة، لكنهم أحبوها وعبدوها وساروا وراءها واستشاروها وسجدوا لها. شعروا أنها مشبعة ومفرحة ومرشدة لهم تستحق كل عبادة وسجود! والعجيب في الأمر أنه لم يكن ذلك عن احتياج مادي أو لطلب الكرامة، فقد عبدها الملوك والعظماء والكهنة إلخ. الذين لا ينقصهم شيء ما. ما هو ثمر ذلك؟ أ. الذين عبدوها وهم أحياء تُخرج عظامهم بعد الموت لُتبسط للشمس والقمر وجند السماء التي تعبّدوا لها، فيصيرون في عارٍ وخزي حتى بعد موتهم. العدو الذي عبدوا آلهته ينكل بهم، حيث ُيخرج عظام الكل من القبور ويلقي بها في الطريق للتشهير والإهانة، إذ كان الوثنيون يعتقدون أن إهانة عظام الموتى تجرح نفوس الراقدين، وتدمير بقايا الأموات وعظامهم يلُقي بهم في بحر النسيان . بمعنى آخر الكل أخطأوا: الذين كانوا في عصر إرميا ومن سبقوهم، لذلك تحل الإهانة حتى بالأموات . هم اختاروا الآلهة الميتة عوض الإله الحيّ، لذا يحل بهم الموت، ويحل بهم العار حتى بعد موتهم. ب. صارت عظام الكل - الملوك والعظماء والكهنة والأنبياء والشعب - ملقاة "كدمنة على وجه الأرض"، أي كالروث أو بقايا الحيوانات، وهذا لا يحمل فقط معني الإهانة، وإنما تدنيس الأرض. فمن يفسد حياته باعتزال الله مُقدِسه تصير حتى عظامه دنسة ونجسة لا يطيق الناس رؤيتها أو لمسها، أما من يتقدس بروح الله فتتقدس عظامه لتقيم أمواتًا كما حدث مع اليشع (2 مل 13: 21)، ويتقدس ظله ليشفي المرضى كما حدث مع بطرس الرسول (أع 5: 15) وتتقدس حتى المناديل والخرق التي على جراحاته لتخرج الشياطين كما حدث مع بولس الرسول. ج. إخراج العظام من القبور وبسطها أمام الكواكب إنما يعني توبيخًا من الله الذي تركوه وهم أحياء، كأنه يسأل عظامهم إن كانت تقدر أن تتعبد لها؟! أما مؤمنوه فستقوم عظامهم وتشارك أجسادهم نفوسهم العبادة السماوية الملائكية. د. كان اهتمام الغازين بنبش القبور عادة قديمة، غايتها سلب كل ما وُضع مع الراقدين من معادن ثمينة وحجارة كريمة وأوانٍ قيمة إلخ. ه. يقول "هذه العشيرة الشريرة" [3]، وكأنه بهذا التأديب المرّ يؤكد الله لهم أنهم أشرار ليس فقط في تسابيحهم بلا عمل، واهتمامهم بالتقدمات والذبائح بلا روح، والانشغال بالهيكل الخارجي دون الداخلي وإنما أشرار حتى كأسرة واحدة! و. وسط هذا العار والمرارة يشتهي الكل الموت فلا يجدونه، إذ قيل: "وُيختار الموت على الحياة" [3]. وكما جاء في سفر المراثي: "كانت قتلى السيف خيرًا من قتلى الجوع" (مرا 4: 9)، وقال يونان النبي: "موتي خير من حياتي" (يونان 4: 8). في اختصار يمكننا أن نقارن بين الارتباط بكلمة الله الحية وليس بالكلمة في حرفيتها مع اعتزال الكلمة الإلهي نفسه هكذا: « ينال المؤمن سؤل قلبه، ويتمتع بالمكافأة حسب أعماله، الأول يرتبط بالكلمة الحية فيحيا بها ومعها، والثاني يرتبط بالباطل فيصير باطلًا. « تهب كلمة الله الحية شركة مجد أبدي، والتخلي عن الله يهين حتى عظامنا بعد الموت، فيجعلها أشبه بالروث الملقى في التراب. « تقدس كلمة الله النفس والجسد حتى الخليقة الجامدة. « كلمة الله غنى، والتخلي عنها يحث اللصوص على سلب حتى قبورنا. « كلمة الله يجعلنا أهل بيت الله، وتركها يجعلنا عشيرة شريرة. « كلمة الله تعطي رجاءً، وتركها يبث روح اليأس، فيشتهي الإنسان الموت ولا يجده. |
|