|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دعوة الحكماء لتفسير حلمه: أنا نبوخذنصَّر قد كُنتُ مطمئنًا في بيتي، وناضرًا في قصري" [4]. قبل أن يروي نبوخذنصَّر أحكام الله التي حلت به بسبب كبريائه، أعطى حسابًا عادلًا عن التحذير الذي وُجه إليه [4]، عندما كان مطمئنًا في بيته وناضرًا في قصره. مؤخرًا هزم مصر وبهذا كملت كل نصراته على سوريا وفينيقية واليهودية ومصر والعربية، وانتهت بالنسبة له الحروب في السنة 34 أو 35 من حكمه (حز 29: 17). أعطته هذه النصرات المتوالية فرصة ليمارس تشامخ قلبه وكبرياءه. شعر أنه لم تعد هناك غيوم في سماء حياته، وليس من ذراعٍ يقدر أن يقاومه أو يقف أمامه. ظن أن السلام قد حلّ والأمان أكيد. يُترجم البعض كلمة "مطمئن selueh" "وفرة"، فإنه إذ ينال الإنسان بفيض يصير كالفرس الذي متى أكل طعامًا أكثر من اللآزم يجمح ولا يمكن لراكبه أن يضبطه ويقوده، ويتعرض الراكب للسقوط منه. لهذا كثيرًا ما يضبط الله بطوننا فلا يقدم لنا كل ما نشتهيه، ليس لأنه يطلب أن يحرمنا، بل لأنه يريدنا سالكين كما يليق بنا، فلا نسيء إلى أنفسنا ولا إليه. "رأيتُ حلمًا فروعنيّ والأفكار على فراشي ورُؤى رأسي أفزعتني. فصدر منيِّ أمر بإحضار جميع حُكماء بابل قُدامي ليُعرفوني بتعبير الحلم. حينئذ حضر المجوس والسحرة والكلدانيُّون والمنجمون، وقصصت الحلم عليهم، فلم يُعرفوني بتعبيره" [5-7]. هنا يميز الملك هذا الحلم عنه الأحلام العادية التي تنبع عن ظروفه اليومية، فقد شعر أنه حلم غير عادي، يحمل رسالة من قِبل العليّ، لذا استدعى الحكماء لتفسير الحلم. كان دانيال في القصر الملكي، ويعرفه الملك تمام المعرفة، ومع هذا تجاهله ليستدعي بأمر ملكي جميع حكماء بابل قدامه، المجوس والسحرة والكلدانيين والمنجمين، عازلًا إياه عنهم، وإذ فشلوا في تفسير حلمه لجأ إلى دانيال. طلب خبرات السحرة مع إدراكه قوة وصدق التفسير الإلهي الذي يُمنح لرجل الله دانيال. لو أنه استدعى دانيال لكان ذلك أسرع وأوفر له، لكنه لم يفعل ذلك. هذا هو تصرفنا في كثير من الأحيان، فإن الكلمة النبوية بين أيدينا، والمعرفة الإلهية ليست ببعيدة عنا، ومع هذا فإننا نطلب الخبرات البشرية، ونتجاهل ما هو بين أيدينا مجانًا! لنطلب عمل الله، كليّ القدرة والحكمة والحب لنا، الساكن فينا، ونمسك بوعوده التي ليست بعيدة عنا عوض الالتجاء إلى ما هو خارج عنا! لقد عرَّف الملك السحرة الحلم ومع هذا لم يستطيعوا أن يفسروه، هؤلاء الذين في يقين سبق أن قالوا: "ليخبر الملك عبيده بالحلم فنُبين تعبيره" (دا 2: 4، 7). لقد تحقق ما سبق أن تنبأ عنه إشعياء عن ابنة بابل: "قد ضعفتِ من كثرة مشوراتك، ليقف قاسموا السماء الراصدون النجوم المُعرفون عند رؤوس الشهور ويخلصوكِ مما يأتي عليك؟!" (إش 47: 13). أخيرًا دخل قُدامي دانيال الذي اسمهُ بلطشاصر كاسم إلهي، والذي فيه روح الآلهة القدوسين، فقصصت الحلم قُدّامه" [8]. إذ فشلت كل الأذرع البشرية استدعى الملك رجل الله دانيال وقص الحلم قدامه. تحدث معه كملك وثني يؤمن بتعدد الآلهة، لكن يعتقد في دانيال أن "فيه روح الآلهة القدوسين" [8]. لعل الملك لم يستدعِ دانيال بالرغم من ثقته في قدرته على تفسير الحلم، وأنه لا يُخفى عنه سرّ، أنه أدرك بأن الحلم يحمل تأديبًا وإذلالًا له يتحقَّق بيدي إله دانيال، لذا لم يلجأ إليه إلاَّ تحت الضرورة القصوى . |
|