رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح هو حجر الزاوية أشار السيد المسيح إلى قول المزمور عنه "الحجر الذي رذله البناؤون هذا صار رأسًا للزاوية" (مز117: 22، انظر مت 21: 42). وقال معلمنا بولس الرسول عن الكنيسة: "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر للزاوية" (أف 2: 20). فلماذا قيل عن السيد المسيح أنه حجر الزاوية في بناء الكنيسة؛ أي هيكل الله في العهد الجديد؟ كان البناؤون قديمًا يختارون أفضل حجر من حيث النوع والحجم والتماسك والصلابة والنقاء لينحتوا منه حجر الزاوية. حجر الزاوية كان هو أول حجر يوضع في أساسات أي مبنى ويكون كافيًا من حيث الطول والعرض والعلو ليقاس عليه أضلاع كل المبنى. بمعنى أنه كان ذا زوايا قائمة بالضبط في الاتجاهات الثلاثة الرئيسية أي الطول والعرض والارتفاع. وكان الحجر أيضًا مستوى الجوانب ليس فيه أي تعاريج بأسطح ملساء يتم شد الخيط عليها بحيث يلامس الأسطح بدون انبعاج إلى الداخل أو انفراج إلى الخارج. فإذا انضبط الخيط المشدود بطول المبنى كله مبتدئًا بحجر الزاوية تأتى الحوائط متعامدة على بعضها تمامًا، كما إنها ترتفع باتجاه رأسي ليس فيه أي ميل وبهذا ينضبط البناء بسهولة على قياس حجر الزاوية. إن السيد المسيح هو الذي على قياسه ينضبط البناء كله في حياة الكنيسة، هو المثل والقدوة والمقياس مثلما تقول الوصية الرسولية "نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة" (1بط 1: 15). لماذا رفضوه؟ وضع اليهود مقاييسًا خاصة بهم للمسيح الملك: أرادوه يجلب لهم الغنى المادي، وجاء السيد المسيح فقيرًا ليس له أين يسند رأسه. أرادوه يملك القوة الأرضية والسياسية لتحريرهم من الاستعمار الروماني، وجاء السيد المسيح ينادى بتحرير الإنسان من عبودية الخطية وعبودية الشيطان ولم يقبل مُلكًا أرضيًا ينافس به ملوك العالم، بل قال مملكتي ليست من هذا العالم. أرادوه رئيسًا للحرب، وجاء هو رئيسًا للسلام ينادى بمحبة الأعداء والمغفرة والإحسان إلى المسيئين والمبغضين. أرادوه ناموسيًا يسلك حسب حرفية الناموس، وجاء هو ينادى بشريعة الكمال حيث الحرية من عبودية الحرف إلى حيوية الروح، وقال: "ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت 5: 17)، فهو لم ينقض الناموس ولكن أكمله بصورة رائعة ناقلًا الإنسان من رقاد السبت إلى قيامة الأحد. أرادوه شبعًا لرغباتهم الجسدية، فجاء يقول: "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو 6: 27)، يكلمهم عن "خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو 6: 33)،وقال لهم: "الخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو 6: 51). أرادوه وارثًا ومالكًا للأرض، فجاء يتحدث عن ميراث ملكوت السماوات وعن التنازل عن الأرضيات وعدم التنازع عليها. أرادوه ساحقًا للذين أذلتهم الخطية، فجاء كطبيب معالج يقول: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آتِ لأدعو أبرارًا بل خطاةً إلى التوبة" (مر 2: 17). ومثلما حدث في قصة أيوب الصديق أراد أصحابه الثلاث أن يثبتوا له أن التجارب والآلام لا تصيب الأبرار بل الأشرار فقط. ولم يستحسن الله مفاهيمهم، لأنه كان قد سمح للشيطان أن يجرّب أيوب البار. هكذا أراد اليهود أن يثبتوا على السيد المسيح أنه لم يكن بارًا فزادوا في تنكيلهم به وأذاهم لجسده حتى تمزق الجسد من كثرة الضرب والسياط والأشواك والمسامير. وأصرّوا أن يموت مصلوبًا ليطبقوا عليه حرفيًا نص الكتاب أن "المعلق (على الخشبة) ملعون من الله" (تث21: 23) وكان السيد المسيح قد حمل لعنة خطايانا مسمرًا إياها بالصليب "وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا" (إش 53: 5) و"كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش 53: 6). "ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله" (إش 53: 4). كانت مقاييس اليهود فاشلة، وكانت مقاييس الله مذهلة؛ لأنه أقام يسوع من الأموات ماحيًا اللعنة وغافرًا الخطايا والذنوب، ومظهرًا بر المسيح الذي بواسطته يتبرر الذين يؤمنون به وبمحبة أبيه الصالح ويقبلون عمل الروح القدس في الأسرار الخلاصية. حقًا إن "الحجر الذي رذله البناؤون (أي رؤساء اليهود) هذا صار رأسًا للزاوية. ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.. يا رب خلّصنا، يا رب سهل طريقنا، مبارك الآتي باسم الرب" (مز117: 22، 23، 25، 26). |
|