رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حديث صريح مع يهوآحاز: 1 «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: انْزِلْ إِلَى بَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا وَتَكَلَّمْ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ، 2 وَقُلِ: اسْمَعْ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا مَلِكَ يَهُوذَا الْجَالِسَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ، أَنْتَ وَعَبِيدُكَ وَشَعْبُكَ الدَّاخِلِينَ فِي هذِهِ الأَبْوَابِ. صدرت الأوامر الإلهية إلى إرميا النبي أن يكرز أمام الملك بحزمٍ شديدٍ وتهديد إلهي: "انزل إلى بيت ملك يهوذا وتكلم هناك بهذه الكلمة، وقل: اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا الجالس على كرسي داود، أنت وعبيدك وشعبك الداخلين في هذه الأبواب" [1-2]. يبدو أن هذا الأمر الإلهي الخاص بحديث إرميا عند بيت الملك كان مبكرًا، في بدء خدمته، حيث حمل حديثه رجاءً في إعفاء الشعب مع الكهنة ورجاله من السبي إن تاب الجميع، قادة ورعية، كما هو واضح من القول: "لأنكم إن فعلتم هذا الأمر يدخل في أبواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه، راكبين في مركباتٍ وعلى خيلٍ؛ هو وعبيده وشعبه" [5]. جاء الحديث هكذا: أولًا: "انزل" ... لأن قصر الملك كان في أحد الوديان محميًا بالجبال الشامخة المحيطة به. دعوة الرب لإرميا أن ينزل تحمل معنيين: المعنى الأول أنه لا يخشى الملك بكل سلطانه كأنه عالٍ ومرتفع عنه، إنما يتطلع إليه كمن ينزل النبي إليه. إن إرميا كرجل الله يجد له مسكنًا في قلب الله، مرتفع فوق كل الأحداث الزمنية... عندما يلتقي بالملك إنما ينزل إليه ليحدثه. المعنى الثاني أن النزول يحمل الحب نحو النفس الساقطة، فيليق بأولاد الله ألا يتحدثوا بروح التشامخ، كأنهم جالسون على كراسي المعلمين المتشامخة، بل ينزلوا إلى كل نفس ليلتقوا معها كشركاء معها في الضعف، فتجد فيهم أشخاصًا يشاركونها آلامها وضعفها، فتقبل كلمة الرب. جاء في إحدى عظات القديس يوحنا الذهبي الفم: [بالحقيقة أيها الإخوة إني كاهن الله، لأن الله أراد لي ذلك! إني خاطئ، معكم أقرع صدري! معكم أطلب الصفح! معكم أترجى مراحمه! أخبرونا أيها الرسل القديسون: هل بعد قيامة الرب من الأموات وثبوتكم بالروح القدس الذي حلَّ عليكم انقطعت عنكم الخطية تمامًا...؟! لننصت إلى إجابتهم حتى لا ييأس الخطاة... إن قلنا إننا بلا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم]. ثانيًا: يذكِّره بأنه الجالس على كرسي داود، الذي كان يحمل قلبًا كقلب الله، وقد نال من الله وعودًا، لذا يليق بنسله أن يحملوا روحه، ويعيشوا كما يليق بأبناء داود البار، ولا يكسروا العهد مع الله. هكذا يمكننا القول بأن الحديث هنا موجه إلى كل مؤمنٍ تمتع بالملوكية، إذ صرنا خلال اتحادنا بالسيد المسيح ابن داود أو بملك الملوك ملوكًا على يهوذا، حيث صارت نفوسنا وأعماقنا أرض يهوذا المحبوبة لدى الله مخلصنا، وقلوبنا أورشليمه المقدسة. لقد أقامنا ملوكًا (رؤ 1: 6) نحمل سلطانًا. لنا العبيد الذين هم أعضاء جسدنا ومواهبنا وحواسنا وقدراتنا التي قُدمت لنا من الله. متى كانت النفس ملكة تستطيع بروح الله القدوس أن تسيطر على كل ما في داخلها، كما على الجسد بكل طاقاته كعبيد يعملون معًا بانسجامٍ، ويسلكون في الطريق الروحي الملوكي. صارت نفس المؤمن ملكة لها شعبها الداخل من أبواب بيتها أو قصرها الملوكي، هذا الشعب هو الأفكار التي عبرت إلى أعماقنا خلال أبواب الحواس. فالحديث هنا موجه إلى الملك وعبيده وشعبه الداخلين في أبواب بيته، لأنه متى كان الملك مقدسًا أمكنه أن يقود العبيد (رجال القصر) والشعب في الطريق الإلهي المقدس. هكذا متى صارت النفس ملكة مقدسة يخضع لها بروح الرب الجسد والأفكار ليعمل الإنسان بكل كيانه لحساب ملكوت الله. ثالثًا: جاء النداء الأول للملك وعبيده أي رجاله وشعبه هو: "اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا... أنت وعبيدك وشعبك الداخلين في هذه الأبواب" [2]. كلمة الرب هي وراء تقديس النفس والجسد، لأنها حيَّة وفعّالة! أما هذه الأبواب فهي ليست أبواب المدينة العامة، وإنما أبواب القصر الملكي، التي كان يدخلها رجال القصر والشعب الذين عوض طلب العدل استغلّوا روح الظلم الذي ساد الملك ورجاله لحسابهم الخاص. |
|